لعل واجبات الصحفي حدوده وقيوده ومسؤولياته الأخلاقية ظلت موضع التناول في العديد من دول العالم على مختلف توجهاته السياسية، وهو التداول الذي ظل يتصاعد وتعقد من أجله الندوات و السمنارات، حيث دعت جمعيها إلى التوازن بين حرية التعبير وبين موجهات القيود، ونجد أن دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005م قد أورد في هذا الصدد في مادته رقم 27 تحت عنوان وثيقة الحقوق، أنه «تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءاً لا يتجزأ من هذه الوثيقة»، و«تنظم التشريعات الحقوق والحريات المضمنة في هذه الوثيقة ولا تصادرها أو تنقص منها». وقد تضمن الدستور أيضاً في مادته رقم «34» في البند الأول «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، وورد في البند الرابع من ذات المادة «لا يجوز توجيه الاتهام ضد أي شخص بسبب فعل أو امتناع عن فعل ما لم يشكل ذلك الفعل أو الامتناع جريمة عند وقوعه»، كذلك أورد الدستور في مادته رقم «37».. «لا يجوز انتهاك خصوصية أي شخص ولا يجوز التدخل في الحياة الخاصة أو الأسرية لأي شخص في مسكنه أو في مراسلاته إلا وفقاً للقانون». غير أن المادة رقم «39» من الدستور نفسه، كانت أكثر وضوحاً عندما عمدت إلى الإشارة إلى الإعلام والصحافة على النحو التالي: لكل مواطن حق لا يقيد في حرية التعبير وتلقي ونشر المعلومات والمطبوعات والوصول إلى الصحافة دون مساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة، وذلك وفقاً لما يحدده القانون. - تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي. تلتزم كافة وسائل الإعلام بأخلاق المهنة وبعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو الحرب. ولذلك فإن المادة «39» المذكورة ظلت أكثر تناولاً واستخداماً، غير أن هذه المادة يمكن وصفها بأنها حوت كل ما يفيد معاني الحدود والقيود. ولابد هنا من الإشارة إلى المادة «29» من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي كانت قد نصت على: - على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحدة لشخصية تنمو نمواً حراً كاملاً. - يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته واحترامها وتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي. - لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأممالمتحدة ومبادئها. - كما أن عبارة السلامة العامة التي وردت في الفقرة «2» من المادة «10» من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان في المقام الأول، حماية الأمن القومي وسلامة أراضيه، كما أنها تعني الوقاية من الجريمة باعتبارها حماية للسمعة ولحقوق الآخرين، وذلك كله يصب في منع الكشف عن المعلومات التي يؤدي كشفها إلى المساس بالمصلحة العامة. لقد نص قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009م في المباديء الأساسية لحرية الصحافة والصحافيين في المادة «5»، على (أنه تمارس الصحافة بحرية واستقلالية وفي الدستور والقانون، مع مراعاة المصلحة العامة وحقوق الآخرين وخصوصيتهم، دون المساس بالأخلاق العامة ولا تفرض قيود على حرية النشر الصحفي إلا بما يقرره القانون بشأن حماية الأمن القومي والنظام والصحة العامة). وورد في المادة 26 «1» في الفقرة «أ» أن يتوخى الصدق والنزاهة في أداء مهنته الصحفية، مع التزامه بالمباديء والقيم التي يتضمنها الدستور والقانون. وفي الفقرة «ب» عدم نشر المعلومات المتعلقة بالأمن القومي وتحرك القوات المسلحة وخططها وعملياتها إلا من المصادر المخولة لها بذلك. وفي الفقرة «ج» عدم التأثير أو الإضرار بسير العدالة عند نقل وقائع جلسات المحاكم أو التحريات أو التحقيقات التي تجريها الشرطة أو النيابة. وفي الفقرة «د» أن يلتزم بعدم الإثارة أو المبالغة في عرض أخبار الجريمة أو المخالفات المدنية. وفي الفقرة «ه» ألا يعلق على التحريات أو التحقيقات أو المحاكمات إلا بعد الفصل فيها بصفة نهائية. وفي الفقرة «و» ألا ينشر أي أمر يتعارض مع الأديان وكريم المعتقدات أو الأعراف أو العلم مما يؤدي لإشاعة الدجل.وفي الفقرة «ز» يلتزم بقيم السلوك المهني وقواعده المضمنة في ميثاق الشرف الصحافي المعتمد من قبل الاتحاد العام للصحفيين السودانيين. وفي الفقرة «ح» عدم إثارة الفتنة الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الدعوة للحرب والعنف. وفي الفقرة «ط» احترام وحماية الآداب والأخلاق العامة والقيم الدينية وصون الأعراض والأسرار وحرمات الأفراد والهيئات وعدم انتهاك مقومات الحياء العام. وفي الفقرة «ي» تجنب الإثارة الضارة بمصلحة المجتمع عند التعرض للظواهر السالبة ونشر أخبار الجريمة. وفي الفقرة «ك» عدم تلقي أي أموال أو تبرعات من جهات أجنبية من شأنها التأثير على عدالته أو نزاهته أو حياديته. - تنطبق واجبات الصحفي الواردة أعلاه على كل شخص يتولى أو يشارك في التحرير أو النشر أو التوزيع لأية مطبوعة. المستشار القانوني للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية