لم يُمهد أحد لنفسه طريق الوزارة دون قصد منه إلا السموأل خلف اللّه الرجل المهموم بالثقافة والتي كرَّس لها كل وقته وجهده وماله ومكتبته الخاصة ومكتبة أبيه وأسس منظمة أروقة فجعل لكل منشط ثقافي رواقاً وطبع الكتب والدواوين للأدباء والشعراء السودانيين وأقام ليالي الوفاء للمُبدعين وفتح الأبواب لكل صاحب إبداع فكانت الليالي الساهرة والحفلات الموسيقية وحلقات الذكر والمديح النبوي وصالات العرض للتشكيليين وميلاد الأغاني وشعراء الشباب ولعاشقي التّراث فسحة لكل ضروب الفنون الشعبية من كل اتجاهات بلادنا.. وكم كان سعيداً بشقائه ذلك من أجل توفير الدعم اللازم لكل هذا النّشاط الدؤوب والذي لم يحد من نشاطه الدعوي خطيباً وإماماً للجمعة والجماعة وداعية سمح الخلق لطيف العبارة.. كنت أجلس إلى جوار الأستاذ عبد الباسط سبدرات بقاعة الصداقة في معية السيّد الرئيس الذي كان يُشرِّف حشداً من الفنانين والإعلاميين الذين تنادوا لنصرته في مواجهة المحكمة الجنائية الجائرة.. فهمس سبدرات في أذني قائلاً «السيّد الرئيس عنده مفاجأة للناس ديل» وأردف سيُعلن ميلاد وزارة للثقافة في حكومته القادمة بعد الانتخابات.. ولم يخطر في بالي في تلك اللحظة غير السموأل وزيراً لتلك الوزارة المنشأة حديثاً.. بعدما كانت الثقافة مثل «واو عمرو» تُكتب ولا تُقرأ.. ولم يحدث البته أن انفردت الثقافة بوزارة كاملة فهي أما ملحقة بالإعلام أو الشباب والرياضة أو غيرها.. ولو كان الدكتور عبد الوهاب عثمان «أبًّا دول» وزيراً للمالية لما ردَّ السموأل بخفي حنين قائلاً ما عندي قروش للغناء والرقيص كما فعل مع د. الطيب إبراهيم محمد خير وزير الثقافة والإعلام حينها وإن كان أبَّا دول قد استجاب بعد ذلك ودفع للطيب الميزانية المطلوبة على «داير المليم» لكننا محبة في أبَّا دول أو بادي أبو شلوخ يعجبنا أن نكرر عبارته تلك «ما عندي قروش للغناء والرقيص»!! وجاء السموأل أول وزير لأول وزارة للثقافة في بلادنا.. «وقام بي نمرة أربعة» ببساطة لأنه ينطلق بعلم وهدى وكتاب منير.. حتى أشفق النّاس على الوزير الولائي الدكتور المهذب البارودي من الوزير السموأل البلدوزر حتى تفتق ذهنه الوثّاب عن فكرة بَّراقة فأعلن الجنينة عاصمة للثقافة السودانية فكانت «ضربة مُعلّم» ألقت بالقفاز في وجوه كل المُبدعين.. والفكرة بكل أبعادها الثقافية والاجتماعية والأمنية والسياسية بل والدبلوماسية تحتاج لوقفة الدولة بكل رموزها لتوفر لها المال اللازم بأكثر مما وفّرته للدورة المدرسية «المطرشقة» «خطباً» لود الوحدة الجاذبة التي قلبت لنا ظهر المجن.. ولا أتوقع بأن تحال فكرة السموأل إلى لجنة «فترانه» يصد طلباتها وزير المالية ويحيلها إلى د. غازي الممسك بملف دارفور فيرد الكرة إلى المركز فنلتفت فنجد أن الزمن المتبقي «حتى نهاية العام الحالي» لا يكفي فنكلفت الفكرة فيجيء تنفيذها «مَمُوشَنْ» ومسخاً مشوهاً. دارفور عموماً من أغنى أقاليم السودان إرثاً ثقافياً ضخماً وإبداعات شعبية لا تحصى ولا تُعد وتمازج عرقي وتلاقح ثقافي وتعايش وانسجام حتى مع وجود هذه الأزمة المصطنعة التي «شالت حالنا ونقحت طارنا» فلا يذكر اسم دارفور إلا مقترناً بالحرب والدمار والنهب المسلح والاغتصاب الجماعي والتطهير العرقي والتهجير القسري والحركات ونزع البركات.. ودارفور من كل ذلك براء.. وها هي الفرصة يُقدمها السموأل للحكومة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني والمانحين في مقاربة ثقافية تتخطى الحدود إلى دول الجوار وإلى العالم الذي يجب أن نُريه دارفور الحقيقة لا التي يُصوّرها خيال المُتربصين المريض!! وهذه فرصة لننزل شويه من ضهر عمر إحساس وأغنيته المُعبّرة دارفور بلدنا التي صارت كيتيمة زريق البغدادي لا يُعرف له غيرها لا تعزليه فإنّ العزل يوجعه ü قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه جاوزت في لومه حداً أضرَّ به ü من حيث قدًّرت أن اللوم ينفعه وهذا هو المفروض