أحياناً أحس أننا نعيش في قرية صغيرة نائية لا وجود فيها لأجهزة، أو مؤسسات، الحياة نمشي فيها «بالعافية» «والفطرة». والمعالجات للأحداث هي «وليدة اللحظة» وبنت «العشوائية» وأخت «الارتجال». انظروا للخرطوم بكل دولتها الضاربة وأجهزتها الرسمية المسؤولة والمتخصصة، انظروا للخرطوم وهي ترتجف هذه الأيام من حكاية الكلاب المتوحشة، أو الذئاب، أو الحيوانات الغريبة!! سمها ما شئت فالصحف هذه الأيام تطلق المسميات والأوصاف على هذه المخلوقات الغريبة التي أحالت مجتمع العاصمة القومية لحكايات يومية «مرعبة» للنساء، والأطفال، وحتى الكبار!! برعت الصحف في إطلاق مختلف المسميات، والسبب باختصار: لا توجد مرجعية «علمية» او «رسمية»، يمكن الرجوع إليها.. الحكايات والشائعات تملأ المدينة!! والطرقات أصبحت خالية من المارة، خصوصاً في الأحياء التي كانت «مسرحاً لعمليات» هذه الكلاب الضالة. ونتوقف هنا عند تصريح اللواء محمد السراج فضل، مدير الإدارة العامة للحياة البرية، للزميلة «الرأي العام»: هذه الحيوانات كلاب ضالة من نوع غير محلي، أطلقها صاحبها المستثمر، في منطقة شمال بحري، بعد فشله في استثمارها فأصبحت تهاجم الأحياء القريبة؛ بحثاً عن المواشي. والآن بعد هذه الرواية الرسمية من مسؤول رفيع في وزارة الداخلية، نطرح السؤال التالي للسلطات المسؤولة في الدولة: هل سنترك المسألة هكذا لعامل الزمن أم نسمع ونرى تحركاً مسؤولاً وجاداً؛ لوضع حد لهذه الحكاية؟ «العيب» في حق حكومة تظل على الدوام تترك الباب مفتوحاً لمثل هذه الممارسات. يجب أن يفتح موضوع الكلاب الضالة الباب واسعاً للسؤال عن هذه «المصيبة»، وهذا «الجحيم»، الذي اسمه الاستيراد، فكل من هب ودب يريد أن يستورد ويستثمر على كيفه، وإذا لم تعجبه البضاعة، فالسودان ومواطنوه «مكب واسع» فليس هناك حساب أو محاسبة. هل تذكرون حكاية البيض الملون؟. موضوع الكلاب الضالة يجب أن يفتح الباب أيضاً لموضوع «الاسترخاء» و«المهلة» التي تتبعها الحكومة في معالجة مثل هذه الطوارئ التي تمر بالمجتمع، فالطريقة الأمثل والصحيحة لمعالجة قضايا الناس غائبة، أو قل: غير موجودة!!.