تعيش أمتنا الإسلامية هذه الأيام الذكرى الأليمة للهجوم الهمجي الصهيوني على غزة.. غزة العزة.. غزة الصمود والتحدي.. تلك المدينة الشامخة بسحر طبيعتها وروعة مناظرها حوَّلها الاحتلال الصهيوني إلى مدينة تنزف دماً وتشكو إلى الله ضعف الأمة في الذود عن قضيتها ومقدساتها.. سلام على غزة حتى مطلع الفجر.. تحية لك يا نبل الشهامة وتاج الفخر.. يا غابة نخيل روتها الدماء فزادتها شموخاً.. لا شك بأن الخسائر في معركة «الشرف» على أرض غزة كانت جسيمة، حيث أتقن الاحتلال في إجرامه «بضوء أخضر» بل «دعم» غربي و «تواطئ» محلي وإقليمي.. فسالت دماء الأبرياء، وقُتل مئات الأطفال والنساء.. وفي ظل التحدث عن «المؤامرة» لا ننكر أن هناك بعضاً من الدول والمنظمات وقفت موقفاً مشرفاً وطالبت بمحاكمة الجناة الصهاينة بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، ولم تتخل عن الدعم المخلص للشعب الفلسطيني حتى الآن.. ومن هذا المنطلق أولت الجمهورية الإسلامية الايرانية منذ تفجر الثورة الإسلامية و انتصارها في الحادي عشر من فبراير للعام 1979 قضية فلسطين جل اهتمامها باعتبارها القضية الإسلامية الأولى، فبادرت بإغلاق سفارة الكيان الصهيوني في طهران ورفعت علم فلسطين على نفس المبنى إيذاناً ببدء عهد جديد لدعم الأشقاء في فلسطين لمقاومة الكيان الصهيوني الغاصب ،فكان أن أطلق القائد الراحل الإمام الخميني «قدس سره» إعلان الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك كيوم للقدس العالمي، ولازالت جماهير المسلمين في إيران تعتبر هذا اليوم ومعها العالم الإسلامي بأسره كيوم لنصرة فلسطين والقدس الشريف ودعوة لنصرة المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، ومن أجل جمع الهمم وحشد الطاقات لتحريره من دنس الصهاينة.. ولا زال الشعب المسلم الثوري في ايران على نفس الوتيرة ولا يدخر جهداً من أجل نصرة إخوتنا المجاهدين في فلسطين ويسعى دائماً لتقديم الدعم السياسي والإعلامي والمعنوي الذي يشد من أزر المقاومة الإسلامية في فلسطين من أجل تقوية عودها وتعزيز صلابتها في وجه الغطرسة الصهيونية و بطش جيش الإحتلال الصهيوني.. إن طريق المقاومة هو الطريق الوحيد والصحيح لتحرير فلسطين والقدس الشريف ولا سبيل سواه فنهج المقاومة بالأيدي المتوضئة أثبت جدارته وفعاليته في جنوب لبنان المحرر وكان هو النهج الذي مكَّن المقاومين الأبطال في فلسطين من تحرير قطاع غزة من دنس الصهاينة وطرد المستوطنين ،وهذا النهج يتعارض مع الحلول الاستسلامية التي ثبت عدم جدارتها في فلسطين وعلى مدار أكثر من واحد وستين عاماً وهو عمر اغتصاب أرض فلسطين منذ عام 1948م وحتى الآن.. فالاتفاقيات «السلمية» التي انعقدت مع الكيان الصهيوني لم تجلب سوى الخراب والدمار للمنطقة ولشعوبها وأن سياسة التفاوض وطرح موضوع «السلام كخيار استراتيجي» لا يزيد العدو الصهيوني إلا غطرسة وكبرياء. لقد رأينا بأم أعيننا ماذا فعلت قوات الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة وما رافق ذلك من جرائم وحشية اُرتكبت.. فقد استخدمت قوات الاحتلال الصهيوني كافة الأسلحة والقذائف الصاروخية المحرمة دولياً مثل القنابل الفسفورية الحارقة المدمرة وقذائف الفسفور الأبيض والقنابل العنقودية المدمرة والحارقة ضد المدنيين العزل من الشيوخ والنساء والأطفال ،وهذا وفي نظر القانون الدولي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاك صارخ لمواثيق جنيف وهذا ما أكدته لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة في تقرير القاضي «ريتشارد جولدستون» الذي رفعه إلى مجلس الأمن الدولي والذي يدين الكيان الصهيوني على جرائمه هذه بل ويدعو إلى فرض عقوبات رادعة لهذا الكيان الغاصب.. في الوقت الذي سعت بعض الأطراف إلى تعطيله على رأسها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا رغم أن الدولتين الآخيرتين تظاهرتا بالامتناع.. ولكن يجب استمرار المساعي الإسلامية والدولية من أجل تعرية الكيان الصهيوني وفضح ممارساته بما في ذلك انتهاكاته المتواصلة باستمرار والحصار الجائر على أبناء فلسطين في قطاع غزة وكذلك استمرار سياسة الاستيطان وقضم الأراضي وحفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى بغرض هدمه ناهيك عن استمرار محاولات محلية وإقليمية للحيلولة دون وصول حاجيات الحياة الأولية إلى سكان غزة من أكل ودواء وعلاج وأدوات بناء وتنمية. في الذكرى الأولى للعدوان الصهيوني على قطاع غزة تؤكد الجمهورية الإسلامية الايرانية وقوفها إلى جانب المقاومة في فلسطين وإلى جانب خيار الشعب الفلسطيني برمته لرسم آفاق مستقبله الواعد بإذن الله وستواصل دعمها لهذا الشعب البطل وقضيته العادلة. يا غزة.. ثقي بمجدك فالأيام شاهدة .. بأن نصرك رغم الظلم قد قَرُبا * سفير الجمهورية الإسلامية الايرانية بالسودان