ينوح الإنسان على موجود كان ملء الدنيا وفقده فيبكي على الفراق.. لكن أن تنوح على الشئ لأنه غير موجود.. فذاك شكل جديد للنواح.. وأنا أبكي.. على وطن قارة.. وطن متعدد الأعراق.. والإثنيات.. مختلف السحنات والثقافات .. وكل ثقافة وقبيلة فيه.. مليئة بالتراث المتفرد..!. وطن متعدد المناخات.. مختلف الطبيعة والبيئات.. يجري في وسطه أطول وأعذب أنهار العالم.. تزرع فيه كل أشكال الحبوب والخضروات والفاكهة.. وطن ممتد الآف الأميال.. بين صحراء جرداء.. أراض خضراء.. مياه وفيره.. شلالات.. مرتفعات .. سهول.. وحضارات.. مروي.. كوش.. البجراويه.. النوبة ..!. وطن يفرد جناحيه ويحلِّق عالياً.. مزهواً بأراضيه البكر.. وغاباته وأحراشه الفارغة في المجهول..! أرض تنادي بخيراتها.. وشكلها الجمالي لتكون أجمل بلد سياحي في أفريقيا.. لكن ما هي معالم السياحة في السودان؟ وكم من مساحة على ضفاف النيل الخالد مستغلة لتعكس الوجه المشرق للسودان..؟ أين محميات الحيوانات الأليفة والمتوحشة .. ما مصير حديقة الدندر المفتوحة..! بل أين حتى حديقة الحيوانات الموجودة في أقل الدول نمواً. لماذا لا نستفيد من المساحات الشاسعة.. وشواطئ النيل.. والبحر الأحمر.. الذي يعج بالجزر المرجانية.. ففي شرق السودان.. جماليات.. لو تم استغلالها.. لتغير تاريخ الاقتصاد.. أركويت منطقة تضاهي جبال الألب السويسرية.. سنكات .. جبيت.. التاكا.. عروس.. جزر الودع.. أما غربنا الحبيب يفيض سحراً.. وغموضاً .. وخيراً.. جبل مرة.. وإذا أوغلنا في الجنوب شلالات الفول.. جبل الرجاف.. لماذا لا نستفيد من كل هذا الزخم الجمالي والمتنوع؟.. إن مصر التي تساوي ثلث مساحة السودان ولا تتمتع بنصف خيراتها ولا تعدد ثقافاتها تستفيد من كل شبر فيها.. وتخلق من الأشياء العادية «هبات» تحملها وتعكسها بوجه مشرق لذا أصبحت قبله للسياح من أوربا وآسيا.. وأمريكا.. استفادوا من البحر.. الأحمر.. والأبيض.. والنيل.. بإنشاء القرى والمدن السياحية.. «شرم الشيخ» .. «الغردقة» .. « العين السخنة»..«العجمي».. «مرسى مطروح».. ولا توجد مساحة عشرة أمتار بطول النيل الإ وفيها.. منتزه.. كازينو.. حديقة وغيرها.. «إن ربع الدخل في مصر من السياحة»... زواية أخيرة: من ليس يسخو بما تسخو الحياة به فإنه جاهل بالحرص ينتحر.