اختار حزب المؤتمر الشعبي بزعامة د. حسن الترابي خوض الانتخابات العامة.. التنفيذية والتشريعية، فاختار عبد الله دينق نيال، لمنافسة المشير عمر البشير، والمهندس آدم الطاهر حمدون، لمنافسة والي الخرطوم، ومرشح الوطني، د. عبد الرحمن الخضر، ورمى الشعبي بثقله في انتخابات مجالس الولايات التشريعية، والمجلس الوطني، ومضى الشعبي لسبيله بعد أن أيقن بعدم جدية قوى المعارضة الشمالية في خوض الانتخابات، ومنافسة الوطني في كل ساحة، وبذلك يثبت المؤتمر الشعبي جديته في إثراء التجربة الديمقراطية، واختبار شعبيته، وسط الجماهير، بعيداً عن الافتراضات التي لا تسندها حقائق على الأرض.. لن يخرج المؤتمر الشعبي من مولد الانتخابات صفر اليدين، ولأن لكل مجتهد نصيباً، فإن الشعبي سيكسب بعض الدوائر الجغرافية، ويدخل قادته البرلمان القادم بالتمثيل النسبي، أو الدوائر الجغرافية، ومصلحة الوطن تقتضي مشاركة جميع الأحزاب في البرلمان القادم، حتى تنفرج الاحتقانات الداخلية، ويصبح الجميع شركاء في الهم العام.. إذا كان نصيب الحزب الشيوعي في المجلس الوطني الذي انتهت دورته الأخيرة الشهر الماضي قد بلغ (17) نائباً، بعضهم دخل البرلمان، من نافذة الجنوب وآخرين من نافذة التجمع الوطني الديموقراطي وأحزاب المعارضة واتفاقيات أسمرا، والقاهرة، فإن سعة الصدر التي تحلى بها الوطني لقبول الشيوعيين لن تضيق لاحتمال المؤتمر الشعبي، الذي يجمعه بالوطني (المنبت) الواحد، والفكر، والثقافة، والتربية، والتوجيه، وإن اختلفت الدروب السياسية، واحتقنت الصدور بالمرارات التي خلفتها تداعيات الانقسام، ولكن صدور الرجال تتسع ولا تضيق، والحياة تمضي، وخلق الإنسان لينسى الماضي، ويعيش الحاضر، ويتطلع للمستقبل، فالأزمات التي نشبت بين الإسلاميين في نهايات القرن الماضي لن تلازمهم، حتى يوم القيامة!! دخول الشعبي حلبة التنافس الانتخابي، وقبول الوطني منافسة من كان جزءاً منهم خطوة أولى نحو (التعايش)، الذي طالبت قيادات عديدة بانتهاجه مسلكاً، والقوى الإسلامية في الساحة الوطنية، هي الأكثر حيوية ونشاطاً من القوى الطائفية، والعنصرية، والمستقبل القريب والبعيد للقوى الإسلامية في السودان، سواءً انفصل الجنوب، أو اختار الوحدة.. بعض الحالمين كانوا يمنون أنفسهم بحزبين إسلاميين: الأول وطني، والثاني شعبي، يتبادلان السلطة على طريقة الجمهوريين والديموقراطيين، في الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن تداعيات الأحداث والمرارات التي احتقنت في الصدور هنا وأخرى هناك، باعدت بين البشير والترابي، حتى عادت الأطراف السودانية جميعها للاختيارات الشعبية الحرة، لتقرر صناديق الاقتراع وحدها استمرارية الوطني، أو ذهابه لمقاعد المعارضة، ولكن أكبر معضلة تواجه الأحزاب السودانية، كيف لها أن تقبل نتائج الانتخابات، لها أو عليها، ودخول الشعبي حلبة التنافس الحر، ونبذه العنف، والدعوة العلنية لاقتلاع الوطني من السلطة بالقوة، خطوة ينبغي تعزيزها بالحوار الجهير، حتى يتهيأ المسرح لما هو قادم في مقبل الأيام.. ------------------------------------------------------------------------