كل ما أراد السودان الشقيق الخروج من أزمة من أزماته يقع في أزمة أخرى أشد من سابقتها ،والمصيبة أن من يؤزم الأوضاع في السودان هم أبناؤه ومواطنوه . منذ منتصف الخمسينات في القرن الماضي والانقلابات العسكرية تتولى على السودان وكل منها يدعي أنه أتى إلى السلطة من أجل إصلاح الشأن السوداني والنهوض بمستوى المواطن ليحلق في معراج التقدم والازدهار، مرت مرحلة من مراحل الحياة السودانية بما يسمى الحكومة المدنية الديمقراطية وأذكر من هؤلاء الساسة السودانيين الصادق المهدي الذي تولى الوزارة وكل الذي صنعه كما تقول بعض أدبيات السودانيين من أهل الرأي أنه كرس طائفته المهدية ولم يقدم للسودان أي إنجاز سياسي أو تنموي ، مشكلة الجنوب كما يقول أهل السودان ليست وليدة حكومة البشير وإنما تعود بجذورها إلى ما قبل الاستقلال لكنها اشتدت في عهد الصادق المهدي وتصاعدت منذ ذلك الحين، ومشكله دارفور لم تكن بعيدة عن أنامله وأنامل قريبة الترابي وحركة العدل والمساواة المسلحة والمنشقة عن أهل السودان ليست بعيدة عن الدكتور حسن الترابي الذي كان طرفا في حكومة الإنقاذ البشير. الملاحظ في الشأن السوداني اليوم إن حكومة السودان المركزية لا يسمح لها بمقاومة المتمردين والعابثين بأمنه واستقراره في دارفور أو أي ولاية من ولايات السودان، بينما يسمح لحكومة لباكستان بالإبادة العشوائية لمواطنيها الذين لهم رأي في مسيرة النظام السياسي وعلاقته بأمريكا ، نموذج ذلك وادي سرت الذي هُجّر سكانه إلى أماكن متناثرة وحصل إبادة جماعية لكثير من قرى ذلك الإقليم استخدم فيها سلاح الطيران الباكستاني وطائرات بدون طيار يقال إنها أمريكية ، ولم يحتج على هذه المذابح أي إنسان في هذا الكون إلا أصوات خافتة هنا أو هناك. الأمر الثاني ما يجري في اليمن اليوم في محافظة صعدة مع معارضي النظام ، شُنت عليهم حرب ضروس وأسموها حرب الأرض المحروقة تعاون فيها ثلاثة جيوش نظامية جيشان عربيان وآخر غربي غير منظور، وعقد مؤتمر في لندن لتمويل النظام السياسي لمواصلة اجتثاث معارضيه تحت شعار محاربة القاعدة والنفوذ الإيراني ناهيك عن ما يجري في جنوب اليمن من تصعيد أمني وعسكري قد يجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه.الأمر الثالث هذه حكومة حسني مبارك تضطهد وتعتقل وتلاحق وتسجن كل معارضيها وخاصة حركة الأخوان المسلمين السلمية ولا أحد يشير إلى هذه الملاحقة اللا دستورية، كل هذا يجري في الباكستان واليمن ومصر حسني، وأمريكا والغرب لا يحركان ساكنا بينما الكل منشغل بما يجري في دارفور وجنوب السودان والسؤال لماذا السودان غير مسموح له أن يقمع المتمردين على النظام والداعين للانفصال ؟ الجواب بكل بساطة فتش عن إسرائيل وموقف حكومة البشير منها ، والثروات الطبيعية في السودان وفتش عن العملاء والخونة لأوطانهم تجد الجواب الشافي. ( 2 ) ينعقد في الدوحة هذه الأيام اجتماعات لكل أو معظم المتمردين في دارفور على النظام السوداني بوساطة قطرية حميدة بهدف الوصول إلى اتفاق يجنب السودان التفتيت والتجزئة والهيمنة الأجنبية ، وقدر لي أن ألتقي ببعض السودانيين الذين يشاركون في هذه الحوارات بصفتي باحثا في الشأن السوداني ورأيت وسمعت عجب العجائب ،قوى متناحرة كل من هذه القوى مرتبط بقوة خارج حدود السودان هناك مجموعة طرابلس(ليبيا) ويؤكدون أنه لا يوجد في دار فور ممثل شرعي واحد يدعي أنه يملك الحق في التمثيل الحصري لسكان دارفور ، ومجموعة أديس أبابا تقول عنهم مجموعة طرابلس وآخرون أن هذه الجماعة ليس لديهم تنظيم مؤسسي ويوجد لديهم 9 حركات مختلفة وليس لهم قيادة معروفة . وعلمت من مصدر آخر أن هذه الجماعة ذات توجه أمريكي، والسيدة كيمي بأي الأمريكية المشاركة في المفاوضات غادرت الدوحة وأصبحت المجموعة في مهب الريح لا تعلم ماذا تفعل . حركة العدل والمساواة ومقرها في تشاد وأماكن أخرى من دول الجوار السوداني وتضم 22 تنظيما ويعتبر الترابي المنشق عن النظام في الخرطوم الأب الروحي لهذه الحركة بمعني آخر كل هذه الحركات لا قيمة لها في دارفور أو السودان عموما لأنها مرتبطة بدول وقوى أخرى خارج حدود السودان بما في ذلك إسرائيل . سلوك حركة العدل والمساواة السياسي يؤشر بأنها أيضا مرتبطة بقوى متعددة تسير جنبا إلى جنب مع التوجه الغربي والأمريكي في ملاحقة الرئيس السوداني البشير وتقديمه لمحكمة الجنايات الدولة وهذا في حد ذاته خيانة وطنية عظمى للسودان وشعبه. آخر القول : بدلا من الحوار مع هذه الحركات الدارفورية والذي لا يملك الحق أيا منها التمثيل الحصري لدارفور فإني أقترح عقد قمة مع رؤساء الدول الراعية لهذه الحركات غير الشرعية( ليبيا ، إثيوبيا ، مصر، تشاد) ، وحسم الموقف لصالح الشعب السوداني بعيدا عن الأطماع الأوروبية والأمريكية في ثروات البلاد وفرض الهيمنة على الشعب السوداني الشقيق . الشرق القطرية