تعود علينا الذكرى لفقيد الوطن والعلم البروفسور الراحل عون الشريف قاسم عطر الله ثراه والفقيد كان عنواناً للعالم الباحث المحقق المدقق عرفته منذ أن كان أستاذاً بكلية الآداب بجامعة الخرطوم في مطلع الستينات من القرن الماضي. وتوطدت معرفتي به بعد عودته من المملكة المتحدة أثر حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة لندن- كلية الدراسات الشرقية والأفريقية وعمله كمحاضر بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الخرطوم في صحبة أستاذه البروفسور عبد الله الطيب. في منتصف الثمانينات التقيت به وسعدت بالعمل معه بمعهد الخرطوم الدولي للغة العربية ، عندما كان أستاذاً متعاوناً تم اختياره مديراً للمعهد.. طوال تلك الرحلة كان الراحل يهتم بالتوثيق والكتابة فقد كان ومنذ البداية تشغله موضوع العامية في السودان وصدور كتيب يعمل عنوان العامية في السودان وذلك في مطلع الستينات من القرن الماضي ونواصل اهتمامه بالعاميات حتى تمكن من وضع قاموس العامية في السودان وصدر في ثلاث طبعات ، وفي كل طبعة من الطبعات اللاحقة أضاف مجموعات من الألفاظ العامية وردها إلى لغاتها من غير العربية والتي شملت (النوبية- البجاوية- التركية- الدنقلاوية وغيرها من اللغات المحلية والأجنبية أو اللغة العربية الفصحى). وكان حريصاً على إيراد الأمثلة لكل لفظ من الألفاظ والمتصفح للطبعة الثالثة من القاموس والناظر في ثبت المراجع يجد ما يزيد عن المائة مرجع. أما عمله الثاني الموسوعي فقد أخذ عنوان موسوعة القبائل والأنساب بالسودان والتي صدرت في صيغتها الأولى والوحيدة في ستة مجلدات. وقبيل وفاته أتم الطبعة الجديدة للموسوعة والتي أصبحت في اثني عشر مجلداً فقد زادت نسبة الضعف وموسوعة القبائل عمل جبار بذل فيه المؤلف جهوداً عظيمة فقد أورد تعريفاً لمئات بل ألوف الشخصيات والأماكن والقبائل وقد أخذ مادته الأولى من الكتب والرسائل والمخطوطات التي كتبتعن تلك الشخصيات التاريخية والتراثية والشخصيات المعاصرة بكل فئاتها وطبعاتها فقد أجرى العديد من المقابلات ودون وحفظ الأقوال والمذكرات التي مدها به أفراد من تلك الأسرة ، فقد كان رحمة الله عليه ، ينتهز المناسبات العامة والخاصة لتسجيل المعلومات وتوثيقها من أقرب الناس لتلك الشخصيات أو الكيانات العائلية والقبلية. أما العمل الثالث الذي أخذ جانباً اهتماماً من المؤلف الموسوعة الإسلامية والتي بدأها عندما عمل وزيراً للأوقاف في عهد مايو وكانت الوزارة تصدر مجلة فصلية تعنى بالدراسات الإسلامية ففي تلك الفترة أصدر الجزء الأول من الموسوعة التي تبدأ بحرف الهمزة. وأرى اليوم أن تواصل تلك المؤسسات الأعمال التي كان يعمل بها. فعلى أسرته بالتعاون مع المؤسسات مثل مؤسسة حجار الخيرية التي طبعت الطبعة الأولى أن تسعى لطباعة الطبعة الثانية من موسوعة القبائل. وعلى معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية أن يتولى أمر قاموس العامية بالسودان ليواصل عملية الإضافة والحذف من القاموس ومده بالألفاظ والمرجعات ، فالمعهد بما يملك من أمكانات بحثية وتوفر الباحثين لمواصلة العمل في هذا القاموس. أما الموسوعة الإسلامية ، فوزارة الأوقاف مطالبة بمواصلة العمل فيها تخليداً لذكرى الفقيد ، وأن تكلف الباحثين الثقاة لمواصلة الحروف حتى اكتمال حروف الهجاء وبالتالي اكتمال الموسوعة. أما دراساته الإسلامية الأخرى ومؤلفاته في مجال الدراسات السودانية ، بما في ذلك مقالاته وأبحاثه في الصحف والمجلات والندوات فأنها تحتاج إلى جمع وإعادة طباعة فيمكن أن تتضافر الجامعات والمؤسسات التي عمل فيها الفقيد الراحل وهي جامعة الخرطوم- جامعة أم درمان الإسلامية- جامعة أم درمان الأهلية معهد الخرطوم الدولي للغة العربية. والرحمة والمغفرة لفقيدنا الراحل البروفسور عون الشريف قاسم.