من العوامل المؤثرة التي يعول عليها في استقطاب التأييد الجماهيري، من خارج المنظومة الحزبية الملتزمة، البرامج التي أعدها الحزب لخوض المنافسة الانتخابية، ومتى اتسمت تلك البرامج بالموضوعية والعملية والمنطق، وكانت قبل ذلك تصب في معين المصلحة العليا للوطن والمواطن، كانت أكثر فاعلية في اجتذاب التأييد الجماهيري المأمول.. وفي الحقيقة فإن تلك البرامج تترجم وتعبر عن الرؤى الاستراتيجية لكل جوانب الحياة كما تجلت للدوائر واللجان القطاعية المتخصصة، على ضوء السياسة العامة للحزب، التي تتأسس على القواعد الفكرية والمنهجية التي يتبناها.. وما يتم إعلانه منها عادة، لا يتجاوز السمات العامة.. فالعشرون دقيقة التي تمنح للمرشح في كل مستوى من مستويات التنافس، من خل الإعلام الرسمي المملوك للدولة، لا تمكنه من استعراض التفاصيل في كل مجال من المجالات التي تم التدقيق في تدوين تفاصيلها، وقد يكون الاختصار في مثل هذه المواقف مخلاً وضاراً، لأنه لا يعبر عن البرنامج المحكم الذي تم إقراره على كافة المستويات داخل الحزب، ولا يعدو أن يكون مجرد موجز (abstract) لا يغني المتلقي من الاطلاع على البرنامج الشامل.. ولا يساورني أدنى شك في أن الأحزاب جميعها قد توفرت على إعداد برامجها بصورة موسعة ومحكمة، وكذلك الأمر بالنسبة للمرشحين المستقلين الذين روجوا عن برامجهم من خلال المواقع الإليكترونية في مرحلة مبكرة.. وبلغت برامج بعض الأحزاب مئات الصفحات. ولعل من التحديات التي تواجه الكثرة الغالبة من الأحزاب كيفية تبليغ برامجها بصورتها الشاملة للجمهور المستهدف بالفورية والكفاءة والوضوح المطلوب، وذلك من خلال وسائط الاتصال جميعها، ونخص في هذا السياق الإذاعات والقنوات الفضائية الخاصة، التي تتعامل مع المرشحين من المنظور التجاري، وبمقتضى التكلفة المالية للبث في الدقيقة (كالإعلان عن السلع والخدمات) مع الأخذ في الاعتبار أساليب الاتصال المباش، وتوفير المطبوعات الملصقات والرسائل المتخصصة للشرائج الاجتماعية والفئوية.. وبحساب بسيط يمكن القول إن تكلفة ذلك تربو على مئات الملايين.. ومع التباطؤ في تقديم الدعم المقدر من الدولة، يصبح تنفيذ ذلك من هماً مؤرقاً، وإنه لهم لو تعلمون عظيم..