تلقيت رسالتين جديرتين بالعرض لأنهما تصبان في اتجاه التقدير المتبادل بين الحاكم والرعية، ممثلاً في تكريم الدولة لرموز العلم والدين والتصوف، وتقدير العلماء والمتصوفين لما نالوه من تقدير من ولاة الأمور، وترجمة تقديرهم إلى تظاهرة محشودة محفودة لتكريم رئيس الجمهورية، الذي ما فتئ يعبر عن تقديره لما يقوم به أهل التصوف في بلادنا، في الإرشاد والتوجيه والدعوة، والحض على طلب العلم، وبذل كل ما يملكون من جهد ومال لهذه الغاية الشريفة.. المقال الأول من الأستاذ: محمد الحسن حامد، ولأهمية المقال ننشره كاملاً: شهد العام 2003م حدثاً مهماً لأهل التصوف حين كرَّم السيد رئيس الجمهورية رمزاً من رموزهم وعلماً من أعلامهم ألا وهو الإمام المجدد البروفيسور الشيخ حسن الفاتح قريب الله طيَّب الله ثراه، وذلك بمنحه الوسام الذهبي للعلم والآداب والفنون، وكانت لفتة بارعة من قيادة الدولة وجدت التقدير والاحترام لاهتمامها وعرفانها لدور الإمام، ومساهماته البارزة على المستويين المحلي والدولي المتمثل في الفضاءات العربية والإسلامية والإفريقية، إضافة إلى دوره العالمي الذي ساهم به في تقديم الإسلام، والدعوة إليه من خلال منهج وسطي والذي أصبح الآن تياراً عالمياً فاعلاً وجاذباً. لقد بذل الإمام الراحل حياته في سبيل الدعوة إلى الله مرشداً ومربياً ومحاضراً ومعلماً وباحثاً وكاتباً وناشطاً اجتماعياً، أهلته لكل تلك الأدوار أسرة صوفية سمانية طيبية قريبية، وقدرة وتأهيل شخصي حفظ فيه القرآن ونال فيه الدرجات العلا في العلوم الدينية والاجتماعية والفلسفية، وامتلك فيه ناصية البيان مع المهارات المعاصرة من إتقان لكثير من اللغات، ومقدرة على التعامل مع أدوات العصر من كمبيوتر وانترنت، فكان نتاج ذلك عطاءاً ثراً متفرداً، تم الاعتراف به على مستوى العالم، فقد كرمته جمهورية مصر العربية ممثلة في رئيسها السيد محمد حسني مبارك، ومنحته وساماً رفيعاً، كما كرمته المغرب دار إمارة المؤمنين ذات التربية الصوفية والعقيدة الأشعرية، بان جعلته مكان حفاوة وتقدير تستضيفه الأسرة الملكية وتجلس على الأرض بملكها وكل وزرائه، وتنصب له كرسياً واحداً تجلسه عليه وتستمع لدروسه وإرشاده ونصائحه، وهذا من مظاهر التجلة والاحترام للعلماء في الديار المغربية، أما الجامعات العربية والإفريقية والإسلامية والعالمية فقد كانت تتشرف بمنحه عضويتها تقديراً لعلمه ودوره، وقد أفردت له مكتبة الكونغرس الأمريكي جزءاً خاصاً بها لعرض مؤلفاته، أما من الناحية اللغوية فقد كانت مساهماته فاعلة من خلال عضويته في مجامع اللغة العربية بالسودان ومصر وسوريا. وما تكريم رئاسة الجمهورية له إلا تتويجاً لهذه التكريمات التي ذكرنا جزءاً منها وهو المكرَّم أزلاً وأصلاً وفرعاً. إن الشيخ الراحل رجل لا كالرجال، يعرف الأصول وتعرفه ويعيشها ويحفظ الجميل لأهله ويرده، ويشكر كل من وصلته نعمة من نعم الله على يديه، وفي هذا الإطار وإبان حياته قرر فضيلته أن يحتفي ويكرم السيد رئيس الجمهورية رداً لجميله وشكراً لصنيعه ووفاءً لعرفانه، وأعد لذلك العدة من هدايا ما زالت موجودة حتى اليوم ومنقوش عليها التاريخ والمناسبة معنونة بالسيد الفريق الركن (آنذاك) ولكن إرادة الله شاءت أن لا يتم هذا التكريم في وقته نسبة للزوم الشيخ الراحل فراش المرض فترة طويلة ومن ثم انتقاله إلى الرفيق الأعلى ، وتعتزم الطريقة السمانية رد الجميل والعرفان للسيد الرئيس، وتنفيذ رغبة الإمام المجدد البروفيسور الشيخ حسن الفاتح قريب الله بتكريم السيد رئيس الجمهورية في يوم الاثنين 15 مارس الساعة الثالثة عصراً في احتفال تحتشد له جموع الطرق الصوفية وقبائل الريف الشمالي والجنوبي والزعماء والمشايخ والأعيان تحت شعار الوفاء لأهل الوفاء.