للبروفسير الدكتور الشيخ، أحمد علي الأمام، أسلوب طريف ومفيد في اللوم والعتاب، وهو قد يستخدم في ذلك بعض كلمات الأغاني، وحدث أن تأخر مدير مكتب السيد رئيس الجمهورية، في تحديد موعدٍ له لمقابلة السيد الرئيس.. فقال شيخ أحمد، معاتباً السيد الرئيس وهو يضحك :(هل يرضيك كده ياجميل؟) فردّ عليه السيد الرئيس: (لا والله) وخالي، شيخ أحمد، بطنو غريقة، وهذا مايتسق وتربيته، وعلمه، وأدبه، وأصله، وفرعه.. (وطولة البال) بحسب تفسيرات أهل السودان، مرتبطة بالبيئة وطبيعة النشأة، ونوع النشاط.. لذا فإن الأبَّالة (رعاة الأبل) أطول بالاً من الغنَّامة (رعاة الغنم) فالإبل هادية، تمشي في تؤدة وترعي في هدوء.. وتمضغ (وتقصع الجِرَّة) في هدوء بعكس (الغنم) والتي هي صَخَّابةٌ في المشي والرعي؛ لذا فإن الأبالة يتغنون بالدوبيت، ويعزفون بالزمبارة، ويتهادون في المشى كإبلهم.. والغنامة يصرخون، ويزعقون، ويتقافزون في المشي كأغنامهم.. والغنم هي الماعز والضأن، لكننا نعِّرف في بلادنا الماعز (بالأغنام) دون سواها ولأهل بادية كردفان تعريفاً لديارهم، ومنها (دار الرٍِّيْح) وفيها أهل الإبل والضأن (أم سعين) قال الهدَّاي يمدح (أب زبد).. أبوزبد المِرينْ.. خريف بقَّارة.. صيف أم سعين كان ترضي.. كان تابى تاكل ملاح روابة.. وكان أبيت يجيبو ليك في البيت.. وأبو كلابيش من دار الرِّيْح. إذن أنا لم أعجب للغضبة المضرية، والزفرات الحرَّى، التي أطلقها السيد محمد أحمد الطاهر، أبو كلابيش، فقد اتسَّع صدره للمضايقات، والمناكفات، التي ظهرت بعدما أعفي من منصب الوالي، بولاية شمال كردفان، لضرورات انتخابيه.. وطغت صراعاته مع زميله في المؤتمر الوطني، وابن ولايته، حاج ماجد.. ثمَّ ظهر مع سلفه د.فيصل إبراهيم في المنصة، مع السيد الرئيس.. وتجاوزا الأمر (والمصارين بتتغالط) لكن أخبار الأمس تقول بأن محمد أحمد أبو كلابيش، يُطالب بتكوين لجنة تحقيق ومراجعة من المركز لتبرئة ذمته المالية، أو إدانتها، وتَفجَّر هذا الغضب بسبب القبض على نجله (كامل) بسبب (تظهيرة) شيك ارتدَّ لعدم وجود رصيد.. وسُدّد المبلغ المطلوب، وأُخلي سبيلُ (كامل) لكن أبوكلابيش اعتبر ذلك استهدافاً، ومحاولة لتشويه صورته أمام جماهير ولايته.. فقال ما قال، ونشرته الصحف.. لكن شيخ العرب ,أبو كلابيش السياسي المخضرم، والإداري المحنك، يعلم بأن لكل حادثة حديثاً، وأن (لاصوت يعلو فوق صوت المعركة) وأن المعركه الآن هي الانتخابات، وأن الانتخابات ستحدد مصير بلادنا بأسرها، في أن نكون أولا نكون.. وجزى الله الشدائد كل خير، فقد اتصل بأبي كلابيش كثيرون، وتصدى أحد رجال الأعمال للمشكلة، وعرض لأبي كلابيش مائة مليارْ، فرَّد عليه أبوكلابيش: (كثرَّ خيرك، فكل المبلغ مائة مليون بالقديم، ودفعناه وانتهى) لكن الرجال معادن، وقد ظهرت معادنهم في هذه الحادثة، التي وجدت طريقها للصحف في موسم رواج الشائعات، والبحث عن الإثارة.. ونقول لقادتنا في المؤتمر الوطني، والذين لا نشك في قدرتهم على وضع الأمور في نصابها، واحتواء مثل هذه المناوشات الداخلية، أو التفلتات، نقول لهم ما قاله شيخ أحمد للرئيس :- (هل يرضيك كده ياجميل)؟ الكلابيش جمع (كلباش) وهو قيد حديدي تُوثَق اليدان به.. ويسمى في أدب الهمباته (بالمكَّاوية) فإذا حُبس أحدهم في السجن، وضُرب له قيدٌ من حديد، قيل عنه مَمَككَّ.. قال ود ضحوية، يصف إبلاً مسافرة كان يسوق مثلها في ما مضى، قبل أن يسجن زميله طه الضرير: قجَّت سادرة بالوادي النعامو مدككَّ ضايق سوقَّها قُبال الضرير يتمككَّ أنا أخو السارة كان خِرِب الحديث واتلككَّ وإِتْ قدامي ماك ورَّاني مقطوع شَككَّ أبو كلابيش يا شيخ العرب.. وإنت قِدَّامي قطِعْ شَكْ.. وهذا هو المفروض..