هادئة.. متزنة.. ذات شخصية قوية.. مبتسمة في أحلك الظروف.. تعرف طريقها جيداً.. مرتبة.. ذات علم غزير.. لم يستطع أحدٌ يوماً تجاوزها.. تكسب كل من حولها بأدبها الجم.. تحترم نفسها فتجبر من حولها على احترامها.. أينما كان التميز كانت.. تنصح بدون تردد... تقول الحق حين يسكت عنه الناس.. ليس لها أعداء فهي تحمل «إستيكة» لمسح كل الأحقاد لاتأتي سيرتها إلا بالخير.. سلَّحت نفسها بعلم «مهول» استطاعت به الجلوس في أعلى المراتب .. كنا نقول ذلك قبل أن يأتي يوم شكرها الذي لم نكن نضع له حساب، لكنه جاء فكانت الفجيعة المصيبة.. أو قل هول الابتلاء وليس لنا إلاّ أن نقول «إنّا لله وإنّا إليه راجعون» .. ولو كنا مخيرين لأبقيناك معنا، لكنك يا عفاف بخاري خالفتِ طبعك غير المتسرع وأسرعتِ إلى بارئك وتركتنا تائهين في زمن يحتاجك.. ونحتاجك فيه نحن قبيلة الصحافيين فما أحوجنا لك اليوم.. عفاف.. أنت لستِ كثيرة على ربك لكن فقد مُزقت أحشاؤنا.. وزُلزل كياننا.. فأنت امرأة مؤمنة..بهاؤك هو الذي جعلكِ تسبقينا إلى الله عز وجل.. سادتي لن استطيع يوماً أن أقول أنني صحافية وزميلة لقامةٍ مثل «عفاف» فهي امرأة غير عادية وزمالتها شرف اعتز به فقد كانت لي في هذا المجال أستاذة، بانت عندها أول ملامح دخولي لهذه المهنة التي استطاعت أن تواصل فيها رغم ضغوط الحياة.. كانت «عفاف» بالنسبة لي بل لكل من عرفها أختاً حيث تريدها صديقة حيث تريدها أستاذة ومعلمة بل قل مربية حيث تريد.. كانت عفاف تنصرنا ظالمين ومظلومين لأنها لا تخاف في الحق لومه لائم.. لها أسلوب لا يمكن التعبير عنه.. أه.. أه.. سادتي رحلت عفاف وترجلت سريعاً.. عانت ويلات الألم ولم تشعرنا بها كانت أحشاؤها تنقطع وتخشى علينا من الحزن عليها.. أه يالكِ من امرأة نادرة لن تتكرر فأنت دواء النفوس، والماء الطاهر الذي يغسل ما في قلوبنا ونقطة الضوء التي نسير نحوها ولن أقول إن وفاتكِ ستُوقف ذلك المسير فسنحاول الوصول لما تريدينه، وسترقدين يا صاحبة الخلق النبيل مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً، فمثلك ليس له إلا هذا المكان ونحن على ذلك من الشاهدين وليس لي أخيراً إلا أن أعزي هذا البلد الذي يزف في كل يوم أخياره، وأن أعزي كل زملاء مهنتي وكل إعلاميات بلادي وكل اتحاداته ومنظماته الطوعية.. فقدُنا جلل والتعزية لأسرتها الصغيرة التي لم تهملها يوماً رغم صعوبة العمل.. وادعو لنا الله سادتي أن يثبتنا فنتجاوز هذه المحنة ففراق «عفاف» ليس بالسهل علينا ويحتاج لدرجة عالية من الإيمان لاستيعابه وإنا لله وإنا إليه راجعون.