أعلنت الأطراف الأساسية في منبر الدوحة نعي العملية التفاوضية وعجزها عن الوفاء بالموعد المضروب لتوقيع الاتفاق النهائي بين حركة العدل والمساواة والحكومة السودانية والتي تم تحديدها بشهادة وحضور الأقطاب من رؤساء الدول - السودان ، تشاد ، أريتريا و دولة قطر - وبحضور لممثلي المنظمات الإقليمية والدولية رفيعة المستوى في احتفالية توقيع اتفاق وقف إطلاق النار والاتفاق الإطاري ،حيث تحدد موعد توقيع الاتفاق النهائي في منتصف شهر مارس الماضي. والمراقب لمجريات البحث عن السلام في دارفور يجد أن الاتفاقيات والمواثيق السابقة بين حركة العدل والمساواة والحكومة تأخذ حيزاً إعلامياً واسعاً وتتعلق عليها آمال عريضة ثم سرعان ما تنهار هذه الآمال والتوقعات وفي فترة وجيزة لا تسمح حتي للمتفائلين الاحتفال بالمناسبة السعيدة.. مثال ذلك اتفاقية حسن النوايا التي تمت بين الطرفين كأول محاولة للتواصل الحواري عقب الجردة العسكرية التي نفذتها حركة العدل علي مدينة أم درمان في أغسطس 2008م فلم يمضِ أسبوعان فقط بعد توقيع الاتفاق حتي تطايرت الاتهامات والمواجهات بين الطرفين.. وبنظرةٍ لاتفاقية وقف إطلاق النار والاتفاق الإطاري الذي تم في الدوحة، تم تحديد موعد للاتفاق النهائي قبل أن يكتمل أسبوع واحد من توقيع الاتفاقية تسلل أسرى العدل الذين تم إطلاق سراحهم بليل مبتعدين عن قبضة الحكومة، كما رصدت الحكومية أكثر من 22 خرقاً للاتفاقية من جانب الحركة واستعرت حرب الاتهامات، وأخيراً صرح المفاوض الحكومي وبدون مواربه أن المفاوضات بين الطرفين قد تجمدت بصورة كاملة رغم عودة الوسطاء التشاديين لسياسة الأبواب المغلقة والتي تدور بعيداً عن المنبر الأساسي بالدوحة ممثلة في لقاءات القمه بين د. غازي صلاح الدين و د. خليل إبراهيم.. قلنا إن السؤال الذي يجب أن تتم الإجابة عليه بعمق: هل تملك الأطراف الإرادة الحقيقية للوصول إلي تسوية المشكلة، خاصة من جانب حركة العدل والمساواة من خلال طرحها منهج الإقصاء للحركات المسلحة الأخرى والسعي إلي حصرية العملية السلمية في دارفور؟؟ والسؤال هو هل الأطراف الأساسية في المشكلة تدخل في التزامات التوقيع الأولى ثم تنقض ما صنعت لأنها تتعرض لضغوط خارجية وإملاءات من القوى الإقليمية والدولية ثم تذهب بعد ذلك الي التحلل مما وقعت عليه؟؟هل ترى أطراف المشكلة أن التطورات السياسية التي تجري الآن والانتخابات التي آذنت صافرتها تجعل حركة العدل والمساواة بصورة أساسية والطرف الحكومي يعلمان أن ثمة تحوُّل يلوح في الأفق السياسي، سواء كان نظاماً جديداً من جانب العدل والمساواة أو شرعية شعبية من جانب الحكومة تجعل كل من الطرفين يدحرج كرة المفاوضات إلي ما بعد الانتحابات؟؟ الشئ المؤكد أن الحركات المسلحة وحركة العدل والمساواة ليس في حساباتها المعاناة التي يعيشها البسطاء من أهل دارفور والتي تتزايد بعد كل عملية عسكرية تقوم بها، و دونكم عملية أم درمان والنتائج التي أفرزتها في معاناة المجتمع الدارفوري في العاصمة القومية وولايات دارفور والتي أُضيفت لمعاناة ضحايا ومتأثري الحرب من النازحين واللاجئين من دول الجوار.. وأن التوترات الأمنية وحالة اللاسلام واللا أمن يصب في اتجاه وضع استثنائي طال أمده، من توقف عجلة الحياة الطبيعية وتوقف الدورة التعليمية وتناقص الخدمات الضرورية للإنسان والحيوان وتكريس مظاهر التخلف وعدم التنمية وبروز الأوضاع الإنسانية المأساوية في الأقاليم. إن إعلان الجانب الحكومي ليوم الثلاثاء الموافق 5 أبريل سقفاً نهائياً للتفاوض مع الحركات المسلحة وأن لم يتم الاتفاق فسوف يتم ترحيل العملية التفاوضية إلي مابعد الانتخابات ومؤشرات تصريحات قيادة العدل والمساواة بعد عودتها من أنجمينا إلي الدوحة يؤكد أن اتفاق الخامس من أبريل لم يكتمل، وإذا ما تم ترحيل عملية سلام دارفور إلي ما بعد نتائج الانتخابات فمن المؤكد أن هنالك تغيرات جذرية سوف تحدث وأن منهجاً جديداً ربما تتخذه الأطراف المعنية بالمشكلة ومواقف تتشكل من النتائج التي تفرزها الحملة الانتخابية وأن حكومة جديدة مسنودة بالشرعية الشعبية سيكون موقفها من سلام دارفور مسنوداً من المؤسسات والهيئات الدولية والإقليمية.. وإلى حين استتباب السلام والأمن سوف تتفاقم المأساة الإنسانية إن لم يتداركنا الله برحمته.