كثر الجدل مؤخراً، حول أداء بعض الإذاعيين في الوسائط الإعلامية المرئيّة والمسموعة، وإمكانياتهم، وقدراتهم، التي تشمل الصوت، وطريقة العرض، أو التناول، أو التحليل، أو الاخبار، أو الحوار السياسي، أو مادة المنوعات، والتغطية في المناسبات القومية، والأعياد الوطنية، والمناسبات الدينية، وغيرها، ولمزيد من الضوء ولمعرفة الملامح العامة المتعلقة بالبرامج الإذاعية والتلفزيونية، التقينا بالخبير، والإذاعي الشهير، الأستاذ حمدي بولاد، والذي تضمّنت إفاداته المقوّمات التي يجب أن تراعى في تقديم البرامج المختلفة إلى جانب ملاحظاته عندما هو حادث اليوم من خلال الأجهزة المرئية والمسموعة. ديقول الأستاذ حمدي : تختلف البرامج في الإذاعة والتلفزيون باختلاف الهدف منها، وطبيعتها، ونصوصها، ولمّا كانت هذه البرامج تقع في إطار الإعلام المسموع والمرئي، ذلك الإطار الذي يحوي الأخبار والثقافة والترفيه؛ لذا وجب أن يكون لكل برنامج مذيع معيّن، يتميّز بأداء معيّن، يساعد المستمع والمشاهد على الاستيعاب الكامل للمادة. هناك مذيعون المفترض أنّهم يقدمون البرامج الدينيّة، نجدهم يقدمون نشرة الأخبار، فتخرج النشرة كأنها نعي، بينما يقدمها مذيع المنوعات، وكأنه يغطي موسم الحصاد، كما يقدمها الآخر كالونسة في البيت، وآخر يذيع نشرات آخر الليل والصباح، وهو غارق في النّعاس، ولا تكاد الكلمات تخرج من فمه، بينما نجد هناك المتلعثمين، الذين تضطرب المخارج عندهم. إن مذيعي نشرات الأخبار لهم صفات معيّنة، منها قوّة الصوت، وسلاسة الأداء، وفهم الأخبار، وفهم العالم من حولهم: سياسياً، وجغرافياً، وتاريخياً، وفنياً، واقتصادياً.. وفي المناسبات القومية التي تتطلب التعبئة يلزم أن يغيّر الجدول اليومي لمذيعي الأخبار، حتى يقدّموا نشرة مفعمة بالزخم اللازم لتوصيل المعلومة للجمهور، ومن أهمّ المذيعين، مذيعو التعليقات السياسية، التي تعتمد عليها الحكومة، في توصيل فكرة معيّنة للناس، ويسري ذلك على مذيعي التلفزيون، فليس من المعقول أن يجلس مذيع أو مذيعة على كرسي جلوس، أو كنبة، ليقدم تعليقاً أو تحليلاً سياسياً، وهو في هذا الوضع الذي ينعكس خطؤه، وخصوصاً إذا كانت مذيعة تستعرض مظهرها أمام الناس، متناسية المادّة التي تقرؤها، وهنا لابدّ من وجود الديكور المناسب للمادة الخبرية، أو النقاش السياسيّ، فنحن هنا نشاهد جلسات السمر على الأرائك، تماماً كما نشاهد النقاش السياسيّ. ولا يمكن لمذيعة الأخبار والتعليق السياسي أن تسبل عينيها، وتتحدث بصوت أشبه بالهمس، والاستجداء للمشاهدين لسماعها. هنالك البرامج الدينية التي تحتاج إلى حنجرة، تخرج صوتاً رخيماً، ومقدرة على إخراج الحروف سلسة أنيقة، بكلمات لا تردّد فيها، ويلزم مذيع هذه المادة أن يكون على دراية تامة بتجويد القرآن، وحفظ الأحاديث النبوية، ما أمكنه ذلك، وأن يكون في أدائه متأثراً بالمادة، وأضرب مثلاً لهؤلاء بالصوت الجميل، الذي يخرج من حنجرة أحمد عبد المجيد وعاصم. أما مذيع المنوعات، فهو الذي يضفي على البرنامج روح المرح والبهجة، إن كان البرنامج ترفيهياً، ومن هؤلاء بدون حصر: إسراء زين العابدين، ومحمد عبد الكريم، ومن أمثلة النوع الأوّل، الذي جاء في مقدمة هذه العجالة: الزبير محمد أحمد، ونجم الدين، وإكرام الصادق. نصيحة أخيرة : وكما أذكر مراراً، أن الواسطة لا تنفع في مثل هذا العمل، وأنها قد تساعد على الاستيعاب في الوظيفة، لكنها لا تساعد أبداً في الأداء.. ورحم الله رجلاً عرف قدر نفسه.