ü بات الحزب الاتحادي الديمقراطي، بزعامة السيد محمد عثمان الميرغني، ثاني المشاركين في الحكومة الجديدة، بعد الحركة الشعبية، وأول حزب يفشل في نيل مقعد واحد في البرلمان القوميّ، ويجد نصيبه كاملاً (6) وزراء في الحكومة الجديدة، كما جاء في الصحف التي يملك رأسمالها اتحاديّون قريبون من السيد محمد عثمان الميرغني، الذي، بطبعه السياسيّ، لن يدخل القصر إلاّ مفاوضاً للمؤتمر الوطني، إذا لم يذهب إليه المؤتمر الوطني برجليه.. لكن الميرغني ظل بعيداً عن السلطة، حتى في حقبة التعدديّة والديمقراطيّة 86 1989م، وزجّ بالمرحوم أحمد الميرغني لرأس الدولة، واحتفظ لنفسه بصفة المرشد والزعيم، ورئيس الحزب الاتّحادي الديمقراطي، دون أن تحدثه النفس بالجلوس على كرسي الوزارة أو النيابة عن الشعب في البرلمان. دخول الميرغني والحزب الاتّحادي الديمقراطي الحكومة القادمة، يمثل إضافة كبيرة، وخطوة باتّجاه توحيد الجبهة الشمالية، لمواجهة رغبات الجنوبيّين في الانفصال، بعد أقل من عام.. وللميرغني نفوذ وسط طائفة الختمية، ونفوذ في الدول العربية، من ممالك ومشيخات وسلطنات، تنظر للميرغني بأنه رجل فيه شيء من ملامح تلك الدول، مما يعزز علاقات السودان بتلك الدول في المرحلة القادمة.. بيد أن الاتحادي الديمقراطي تمثل مشاركته إضافة كبيرة لحصة ولايتي نهر النيل والشمالية، وربّما ولاية الخرطوم، في السلطة الاتحادية، بحساب وجود الحزب السابق في هذه الولايات، وحتى بحساب نصيب الاتحادي من الأصوات في الانتخابات الأخيرة. المعادلات في التمثيل ضرورية جداً، حتى للمؤتمر الوطني، الذي لا ينبغي له الابتهاج والانتشاء بما حققته الانتخابات الأخيرة.. عليه الإصغاء لأصوات الناخبين، على قلتهم، بعد أن أضحت الساحة قسمة بين المادحين والقادحين، والحزب الاتحادي، بزعامة مولانا الميرغني، لا وجود له في النيل الأبيض، ولا كردفان، ولا شمال دارفور، أو غربها، وبالتالي تعيينات الحزب الاتحادي لن تتجاوز مناطق نفوذ الحزب التقليدية، مثلما هو حال حزب الأمّة التيار العام إذا صحت الأنباء القائلة بقرب التوصل لاتفاق معه، للمشاركة في السلطة، فالتيار العام لحزب الأمة، بقيادة مادبّو، وعديل، وحامد محمد حامد، ومحمد عبدالله الدومة، لم يعيّن من نهر النيل أو الشماليّة.. لأن هذا التيّار، مهما تدثر بثوب القومية، يظل تيّاراً جهويّاً، يشكل غالبيّة المنضوين تحت سقفه من أبناء غرب السودان!! على المؤتمر الوطني ألاّ يطالب شركاءه الجدد بوضع شروط لدخول الحكومة، كالاعتراف بنتائج الانتخابات التي جرت؛ لأنّ مجرد القبول بالمشاركة، تعني الاعتراف بنتائج الانتخابات ضمنياً؛ لأن طه علي البشير، إذا عيّن وزيراً للتجارة في الحكومة القادمة، وطلب منه نوّاب البرلمان بياناً حول الألبان المستوردة، لن يرفض تقديم بيانه للبرلمان، بحجة أنّ الانتخابات التي جاءت بهؤلاء النواب مزيّفة. فالاعتراف بنتائج الانتخابات شرط تعجيزيّ.. لأن الانتخابات، وما حدث فيها وأثنائها، أصبحت جزءاً من الماضي، انتخب البرلمان، وانتخب الولاة، وانتخب الرئيس، والجميع اعترف بالحكومة ورئيسها، فلماذا يحاول البعض المزايدة؟؟ ولماذا لا تمتدّ محاولات الحوار، وإشراك الأحزاب كالحزب الشيوعي، وحزب العدالة، وحزب الأمة القومي، وحزب التحرير، وأنصار السنة، وجماعة أبونارو، وحزب الأمة بقيادة نهار، وقد أثبت الرجل نفوذه، ونجح فيما فشل فيه السيد الصادق المهدي؛ لأن إشراك الميرغني وحده في الحكومة القادمة والحرص على الميرغني، من شأنه تعزيز اتّهامات تترى، في وجه المؤتمر الوطني بأنه حزب أقرب لمزاج السودان النيلي، أو كما قال عبد الرحيم حمدي.