الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة الذى تشهده البلاد بصفة عامة وولاية الخرطوم على الأخص يجب أن يقابل باجراءات وقائية إذ تشير التوقعات الى أن إرتفاع درجات الحرارة سيتصاعد عاماً إثر عام نتيجة للتغيرات المناخية المؤدية الى ارتفاع درجة حرارة الأرض ومايتصل بها من مشكلات بيئية وصحية . والاجراءات الوقائية المطلوبة هى إشاعة ثقافة التشجير و « التخضير» التى اضمحلت وتراجعت على المستوى الرسمى والفردى بل وحتى الجمعيات والمنظمات الشعبية المعنية بهذا الأمر خفت صوتها وجفت أشجارها. فعلى المستوى الرسمى تراجعت المساحات المخصصة لعمارة المنظر الطبيعى عند تخطيط الأحياء السكنية وكذلك المناطق الصناعية والتجارية وعند بناء الطرق الرئيسية بولاية الخرطوم جاءت الجزر الأسمنتية لتحل محل أشجار الظل والأشجار المثمرة آخر مثال لذلك شارع الستين الذى تتوسطه أبراج الكهرباء الفخمة والقطع الأسمنتية التى تزيد درجة حرارة المنطقة وقد اختبرت ذلك من خلال مؤشر قياس الحرارة إذ وجدت أن درجة الحرارة تزيد من درجتين الى ثلاث بالمقارنة مع شارع النيل الذى تحفه الأشجار وتداعبه مياه النيل الأزرق. وعلى المستوى الرسمى أيضاً يتعرض ملاك المساكن إلى بعض المضايقات من مراقبى وموظفى وعمال المحليات الذين يحررون مخالفات التعدى على أراضي الدولة عند كبر مساحة التشجير خارج المنزل حتى ولو كانت هذه المساحة مطلة على شارع عريض أو ميدان مهجور يستخدمه بعض السابلة للتبول أو رمى الأوساخ ونأمل هنا أن تحدد سلطات التخطيط العمرانى بولاية الخرطوم المساحة المسموح بها أمام كل بناية للتشجير والاستزراع بدلاً عن اجتهاد مالك كل بناية والملاواة مع السلطات المحلية . أما على المستوى الفردى فإن الكثيرين باتوا أميل الى تشييد الاضافات غير الشرعية الى منازلهم لاستخدامها للأغراض التجارية أو امتدادات منزلية ليسوا فى حاجه اليها ولكن نتيجه لتأثيرات تعديات السكن العشوائي والحركات المسلحة واختلاسات المال العام كل ذلك أفضى الى إباحة ماهو عام إذ لايترتب على ذلك التعدى عقوبة ناجزة أو بتر للظاهرة . وأما المؤسسات والمنظمات الطوعية والرسمية فيجب أن تكون قريبة من المواطن بالتثقيف والمشاتل والتوعية حتى يتعرف على أي الأشجار أفضل للتشجير وأصلح للأرض ومتصالحة مع البيئة وصحة الإنسان وحتى لايكون المواطن نهبا للمعلومات الخاطئة والأشجار التى تضر ولاتنفع وتمتص مياه باطن الأرض وقد سمعت ذات مرة فى الاذاعة من أحد الاختصاصيين أن الأشجار الدمس التى ملأت منازل ومزارع الخرطوم شجرة تمتص المياه وتضر الأرض ورغم ذلك هى الأن الشجرة الأكثر انتشاراً ولم نسمع بعد تكذيباً أو تعضيداً لهذه المعلومة المهمة من أى جهة رسمية أو علمية .