سيدي الوزير.. السموأل.. مرة أخرى.. يسعدني كثيراً أن أهديك عاطر التحايا.. والأماني.. والتي هي بعرض وطن، بطول أحلام.. بعمق مراهنة رابحة عليك.. أن يوفقك الله.. لتمسح عن وجه الثقافة في بلادي عار السنين.. واليوم.. أمر.. وغداً أمر.. يوم الوداع والفراق والرحيل.. ونستدعي تلك المناحة المحفورة «جوه قلبي».. و ü شاقتك ظعن الحيّ حين تحمّلوا ü فتكنسوا قطناً تصر خيامها ü.. والوصايا «بالمهلة».. أولاً أوصيك بأن تظلّ قلب «أروقة» النابض.. متوهطاً، كالعهد بك، في قاعاتها التي كم.. كم وهبت الوطن.. هدايا وعطايا.. لا ترحل منها.. أبداً.. دعها تكن المكتب الرئيسيّ.. ولا بأس أن تزور «مرة.. مرة» الوزارة وبنيانها الشاهق.. الشائه.. فالعبرة صديقي ليست بالمكان.. وراجع قيثارة اللحن الطروب.. و «مصنع» الكلمات.. التي أبكتنا.. وأسعدتنا.. وأراحتنا.. و «حيّرتنا».. وهي تنطلق.. من صدر.. وروح.. وعصب.. ودماء.. ودموع عبد الرحمن الريّح.. وكيف أنّها خرجت من حجرة طينية.. فقيرة.. وبائسة.. ولكنّها.. وهبت الوطن كلّ ذاك الجمال.. كلّ ذاك المحال.. ثم.. «انس» تماماً.. أحبابك في «الحركة الإسلامية».. لا تبحث عن جمال.. أو غناء.. أو طرب أو تمثيل.. أو أشعار.. أو مسرح.. أو ممثلين.. أو مثاليّين.. بينهم.. لأنهم.. ينقسمون إلى فئات وفئات.. منهم من يرى كل ذلك حراماً.. وفساداً.. ومنهم من يراه مكروهاً، ومنهم من يراه عبثاً لا يليق، ومنهم من يراه تماماً مثل الفناء للأشجار.. فهو جريمة لأنه يعني السكوت عن جرائم أشدّ هولاً.. وبالمناسبة.. يا سيادة الوزير، هل سمعت أو رأيت.. أو حدّثوك.. بأنّ أحداً من قبيلتكم.. قبيلة «الإسلاميين» الحركيّين.. كان عازفاً لجيتار، أو عود.. أو فلوت.. أو حتى «بنقز».. ثم.. بالله عليك.. اجمع.. كل المسرحيّين.. في يوم خاص.. وخالص لهم.. اسمع منهم.. اسمع.. فقط.. دعهم .. «يفرغون» كل الذي في صدورهم.. ثم اتّخذ ما تراه من قرارات. ثم.. اجمع.. كل التشكيليّين.. المثاليّين.. ابدأ الاجتماع.. بعد بسم الله.. قل لهم.. «مش عيب».. كل الخرطوم الولاية.. دعكم من الوطن.. ليس بها «تمثال واحد».. في حديقة أو ساحة.. أو «صينية».. ثم اطلب منهم.. كدفعة أولى عشرة تماثيل.. تقف شاهدة على حضارة وطن.. كان يوماً.. قلباً نابضاً.. لإفريقيا، وعموم «بدو» العرب.. «أوعك».. تطلب من الحكومة.. دعماً مالياً للمواد الأوليّة لهذه التماثيل.. إذا كان خام نحاس.. أو «أسمنت».. أو حجر قرنيت.. عندها سيندفع تحت أقدامك.. سيل أشدّ عنفاً من سيل «أبو قطاطي» وكت يكسح ما يفضل شي.. منهم من يقول.. إن هذه «قلة شغلة» وفريق يقول في صرامة.. إنها وثنية، وهي حرام حرام.. وفريق يقول لك.. لماذا لا نعيد تلك «الطيارة» «البايظة» المصنوعة في الاتّحاد السوفيتي قبل ستين سنة، لماذا لا نعيدها سيرتها الأولى؟ قبالة مباني البنك المركزي.. ولك أن تسألني.. إذن من أين التمويل.. لأقول.. ارجع مرة أخرى.. لأصدقائك النبلاء.. الذين كانوا عوناً وسنداً لأورقة.. إنّهم مظانّ الخير.. وينابيع.. الجود.. ثم.. اشرف بنفسك.. على ليالي الموسيقى.. ولتكن.. شهرية.. وتماماً مثل تلك التي كانت في قاعة الصداقة.. وأنت تهبنا.. فيها.. أروع ما يهديه الإنسان لشعبه.. عندما حملتنا.. ودموعنا تهطل «كمطر العينة».. زهواً وفرحاً.. ونحن حضور في قاعة الصداقة.. والفرقة الماسيّة.. بقيادة المايسترو.. تعزف لنا أغاني عثمان والجابري.. وداؤود.. وحسن عطيّة.. والكاشف.. وذاك العقد.. الذي يأتلق، ويضيء، ويبهر.. ويا لفرحنا وسعادتنا.. لو وهبتنا ليلة.. يبدع فيها «حافظ عبد الرحمن» وحده.. لأردّد حينها.. إنّي إذن لسعيد.. ثم.. أعد مؤسسة الدولة للسينما.. حتى تعود لنا.. تلك الليالي.. الذهبية.. المترفة.. و أمهات الكتب.. وروائع القصص.. تتحرّك شخوصاً.. عبقرية، ومدهشة، على الشاشة.. عندما يعود لنا «مارلون براندو» وتمرّده المشروع على «تريقوارد هيوارد» قبطان السفينة «بونتي» المتوحّش.. تعود لنا «صوفيا لورين» ورائعة «البرتو مورافيا» امرأتان.. تعود لنا «جين فوندا» و «العودة للوطن» بالمناسبة يا السموأل.. إن فيلم «العودة إلى الوطن» هو الذي أنهى حرب فيتنام.. وهزم الأمريكان.. سيدي الوزير.. سنكتب لك.. متى.. ما رأينا ذلك.. واجباً.. لك مني الدعاء بالسداد والتوفيق.. توضيح.. كتبنا.. بالأمس.. أن التلفزيون في عهده ذاك قد أوقف برنامج «دراما».. وطرد صاحبه.. وقد سقط اسم صاحبه، الّذي طرد من التلفزيون.. وهو الشاعر.. والمبدع العنيد، والرقيق، والموهوب.. هاشم صديق.. لهذا لزم التوضيح..