خبران استوقفاني يوم أمس . الأوّل نشرته صحيفة «الرأي العام» الغرّاء، هو عبارة عن تصريحات غاضبة للدكتور علي السيّد، الموصوف في الخبر، بأنّه قياديّ بالحزب الاتحادي الديمقراطي، وإن كنت -شخصياً- لا أعلم أنه قياديّ بالمعنى الكامل للكلمة.. إذْ ظلّ على الدوام، يقود خطاً لا يتماشى مع خط الحزب العام، وعدّه البعض «خميرة عكننة» ، كثيراً ما يتسبّب في إحراج قيادة حزبه بتصريحات متسرّعة، سرعان ما يتراجع عنها قادة الحزب، وإن كان البعض يرى أنّه مدفوع لذلك الاندفاع، الذي يصل إلى مرحلة التهوّر اللفظيّ، ليعود حزبه متنصلاً ممّا جاء على لسانه.. والأمثلة كثيرة. نعود للخبر.. قالت الصحيفة، على قلم محررها، الأستاذ ضياء الدين عباس: إن الدكتور علي السيّد أكّد رفضه لأي استدعاء من قبل المراقب العامّ للحزب، أو الهيئة الرقابية المختصّة بضبط الأداء الداخليّ أو التنظيميّ للحزب، وقال علي السيد: إنّه لن يسمح بأن يكون «الحيطة القصيرة للمرّة الثانية» وقد شنّ هجوماً على الهيئة، وقال: إنها لم تُجَز من قبل المكتب السياسي، كما هاجم مراقب عام الحزب السيد بابكر عبد الرحمن.. المراقبون للساحة السياسيّة، وللأحداث داخل الحزب الاتّحادي الديمقراطي الأصل، يعرفون أنّ هذه هي طبيعة الدكتور، علي السيّد، ثورة (في الفاضي) وهدوء (في مافيش ) أيضاً، إذ لا يخرج الأمر من كونه زوبعة في فنجان الرجل لا الحزب.. وكما نقول في عاميتنا بأن (الفاضي يعمل قاضي) ونحسب أنّه في نهاية الأمر -إن كانت هناك مؤسسيّة- سيخضع لقرارات المراقب العام لحزبه، وسيمثل طائعاً مختاراً أمام اللجنة المكلفة بالتحقيق معه. أمّا الخبر الثاني الذي استوقفني فهو ما تنشره «آخر لحظة» اليوم حول الانسحاب النهائيّ للسيّد علي نايل محمد، من الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وقد وصلتني من الرجل رسالة ممهورة بتوقيعه، بتاريخ الأمس، معنونة إلى أهل القبيلة الاتحادية، عن طريق الفاكس، أعلن من خلالها استقالته من عضوية المكتب السياسيّ، ومن رئاسة لجنة الإعلام، ومن الإشراف السياسي لمحلية كرري، مع إعلانه عن تواصل علاقته بالطريقة الختميّة، وأنشطتها الدينية.. واعتذر السيد علي نايل -أعزّه الله- لكلّ من لحقه رشاش من قلمه، وما كتبه دفاعاً عن الحزب، وهذه لعمري أخلاق الرجال وأخلاق أبناء الأرض السمراء، وهو موقف يشبه علي نايل محمد، المزارع بالجزيرة إسلانج، ريفي شمال أم درمان، فهو من الرجال الذين تختلف معهم سياسياً، ولا تملك إلاّ أن تحترمهم.. ثم تحبّهم. وسبحان الله بين موقفي (العليين) وتعاملهما مع الأحداث والمواقف، ورؤية كل منهما السياسية، ومنهجه في العمل العام.. لقد كسب علي نايل محمد كثيراً.. أما علي السيّد فقد خسر خسارة لا حدود لها.. و.. ليت مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، بحكمته وحنكته، تدارك الأمر، وأبقى على أحد أركان هذا الحزب العظيم داخل البيت الاتحادي الكبير، وأعني السيد علي نايل محمد.. أما الآخر فلتنظر الهيئة الرقابية في أمره.. فإما إمساك بمعروف.. أو تسريح بإحسان.