بربر تلك المدينة التي ترتاح على سطح ولاية نهر النيل بين أحضانها ولد عبد العزيز محمد داؤود في عام 1922م ليدرس بها الخلوة والكتاب... بعد أن صار صبيا بدأ حياته العملية بالتجارة إلا أنها لم تستهوه فاختار طريقا آخر غيره عله يحقق فيه بعض أحلامه، فعمل بالسكة حديد لينتقل بعد ذلك إلى عاصمة السودان الخرطوم مع مطلع الأربعينيات وعمل بالخرطوم بمطبعة كروكوديل.. كان يستمع إلى كبار الفنانين آنذاك مثل كرومة وسرور والأمين برهان و زنقار و تأثر بهم. على النجيلة جلسنا سلك أبو داؤود درب الفن وسار فيه عملاقا من عمالقة الفن السوداني وكانت أولى زهرات أغنية نابعة من الحدائق الغناء، وهي رائعة الشاعر عبد الرحمن الريح (على النجيلة جلسنا).. لم يكن أبو داؤود مجرد فنان يغني فقط بل عرف بتعاونه مع إخوته من الفنانين ومن الذين يتلمسون بداياتهم ومن القصص المشهورة حول مساعدته للفنانين الجدد كانت قصته مع الفنان عبد الكريم الكابلي حينما لحن له عبد العزيز أغنية (يا زاهية) وكان تلك الفترة هي أول خطوات الكابلي في سلم الغناء... صبابة في الكويت قصة أخرى من حياة عبد العزيز المترفة بالجمال والإبداع تناولها الناس كثيرا، وهي أن أبو داؤود سافر في إحدى مشاركاته الفنية الخارجية إلى دولة الكويت، وكان ذلك في عام 1971م مشاركا في أسبوع السودان بالكويت، وعندما اعتلى أبو داؤود مسرح الكويت مقدما إحدى روائعه الخالدة التي صاغها شعرا الشاعر الكبير حسين بازرعة وهي أغنية (صبابة). وكان من بين الحضور في تلك الأمسية وزير المالية والنفط الكويتي، فقفز إلى خشبة المسرح وخلع ساعته الذهبية وألبسها إلى أبو داؤود... رصيد أبو داؤود في مكتبة الأغنية السودانية يفوق المائة وثمانين أغنية مسجلة بالإذاعة وتعامل مع عدد من الشعراء نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الشاعر عوض حسن أحمد في أغنية (فينوس) ثم جاءت (صغيرتي) (هل انت معي) للشاعر المصري محمد علي أحمد وللشاعر عبد المنعم عبد الحي درة من درر أبو داؤوود وهي قصيدة (لحن العذارى). وحسين عثمان منصور (أجراس المعبد) لقاء يمكن أن نطلق عليه ماسي جمع عبد العزيز بالموسيقار برعي محمد دفع الله الذي لحن له قرابة الخمس وأربعين أغنية كما لحن له أيضا الأستاذ بشير عباس عازف العود المجيد. المنشد والمادح قدم أبو داؤود باقة متنوعة من الأغنيات بين العاطفية والوطنة، إضافة إلى تقديمه للأناشيد الدينية والمدائح النبوية رحل عبد العزيز محمد أبو داؤود عن هذه الدنيا تاركا إرثا عظيما في خارطة الغناء السوداني وتوفي في الرابع من شهر أغسطس 1984م.