لم يقتصر التطور على مجالات معينة بل امتدت يده لتشمل مجال الجرائم بجميع أنواعها. ونتيجة لهذه التطورات ظهرت جرائم مواكبة لهذه الحقبة الزمنية، ونتجت عنها فنون النصب والاحتيال، فالوضع الاقتصادي الراهن والضائقة المعيشية جعلت الكل يكافح من أجل جمع الأموال بكل الطرق المشروعة والمشبوهة لمجاراة هذا الوضع، فكل صار يرفع شعار(كن حسن الشاطر) هذا هو الاسم الذي أصبح يطلق عن اللص والحرامي والمحتال هذه الصفات كان الناس يستعار منها في السابق، ويبذل جهده حتى لا يحمل هذا العار. فاليوم أصبح الناس يعملون تحت هذا الستار(الشطارة شيطنة)؛ تخفيفاً لوصمة العار. ومن أبرز جرائم الاحتيال التي يستغل بها معتادو الجرائم الناس، حيث يبرعون في طرق الغش الخداع، مستخدمين وسائل التكنولوجيا المتطورة ولتوخي الحيطة والحذر. صحيفة الأحداث تابعت محاكم بولاية الخرطوم، حيث شاهدت العديد من البلاغات المدونة ضد لاحتيال والنصب سواء التي فصل فيها أو مازالت متداولة بالمحاكم. وقامت (الأحداث) بدق ناقوس الخطر، ولفتت انتباه المواطنين من الوقوع في الفخ الذي ينصبه أصحاب النفوس الضعيفة في جمع أموال طائلة، كما حدث لعدد من المواطنين. فسردت المواطنة (ف) قصتها المأساوية، وقالت إنها تعرضت لعملية احتيال، حيث نصب لها فخ أوقعت فيه، حيث ادعى أحدهم أنه يعمل في أحد البنوك وسوف يساعدها في عملية التبديل، وسيجنبها الوقوف في الصوف، وقامت باعطائه مبلغ (5)آلاف جنيه. ووعدها بأنه يقوم بتبديلها خلال يوم واحد فقط، ثم توارى عن الأنظار ورفضت الإفصاح عن هويتها، كما رفضت تدوين بلاغ جنائي في مواجهته خوفاً من غضب أسرتها. واضافت إن حبال المحاكم طويلة. ولم يقتصر الأمر على مواطن واحد وذكر لنا عبد السلام محمد إنه تعرض لعملية نصب من أحد الأشخاص الذي تعرف عليه عن طريق صاحبه، وأبلغه ان لديه قطعة أرض وقام باعطائه مبلغ (2)ألف جنيه ووعده وأخذ يتماطل ولم يقم بإرجاع المبلغ وعندما سأله رد عليه بأنه تصرف في المبلغ ووعده بارجاعه عندما يتيسر الحال ثم وبدأ يتماطل في رده. وأضاف: ذهبتُ لتدوين بلاغ جنائي إلا أن صديق لي تدخل ومنعني من مقاضاته. ومثل هذه الأشياء تحدث في أيام تغيير العملة، ونحن السودانيون عموما لانميل للمحاكم القضائية. فضلاً على محاكمة فتاة وشاب بتهمة التزوير والاحتيال، حيث قضت محكمة جنايات الخرطوم شمال أمس حكماً بالسجن بحق شاب وفتاة بتهمة التزوير في أوراق رسمية. وذكر القاضي راشد محمد الحسن في حيثيات القرار أن الأدلة المقدمة أمام المحكمة كافية لادانة المتهمين بتهمة الاشتراك الجنائي في التزوير والمتمثلة في أقوال المتحري وشهود الاتهام الذين مثلوا أمام المحكمة وأفادوا بأن المتهمة الأولى حضرت إلى مكتب العقارات بوسط الخرطوم بغرض بيع قطعة أرض وأثناء عملية البيع اشتبه صاحب المكتب في المستندات التي قدمتها لإكمال عملية البيع وقام وأبلغ عنها قسم الشرطة. وتم توقيفها وأثناء التحري أرشدت على المتهم الثاني الذي قام بتزوير المستندات. وأوضح المتحري بأن القطعة لسيدة متوفية وتريد المتهمة بيعها، وتم ضبط المتهم بمنزله بضاحية أمدرمان وضبط بحوزته جهاز كمبيوتر محمول وعدد (2) طابعة ومواد بلاستبكية شفافة تستخدم لتزوير البطاقات، بالاضافة لمواد كيمائية وكمية كبيرة من الفلاشات بها خطابات معدة لطباعة وتم توقيف المتهمين ودون بلاغ فى مواجهتهما بتهمة الاشتراك الجنائي في التزوير، وقرر القاضي إدانتهما بتهمة الاشتراك الجنائي في التزوير وأمر بحبس المتهم الأول لمدة خمسة أعوام فيما تمت إدانة المتهم الثاني ثلاثة أعوام. وبالإضافة الى محاكمة لاعب كرة أجنبي بتهمة ممارسة الدجل والشعوذة.. والذي أصدرت محكمة جنايات حي النصر بمايو حكماً بالسجن لمدة شهرين والغرامة مبلغ (10)آلاف جنيه بحق متهمين من بينهما (أجنبي) لخرقهما قانوني النظام العام والقانون الجنائي، وأشار القاضي أسامة أحمد عبد الله أن الأدلة المقدمة في مواجهة المتهمين كافية لادانتهما بتهم تتعلق بممارسة الدجل والشعوذة تحت طائلة المواد(22)من قانون النظام العام والاحتيال تحت طائلة المادة(178)من القانون الجنائي، قائلاً بأن المتهمين مارسا الدجل والشعوذة بغرض النصب والاحتيال على المواطنين بضاحية جنوبي الخرطوم مستغلين عدم إدراكهم وقلة تعليمهم، وزاد القاضي بأن المتهمين ادعيا بأنهما يقومان بتنزيل الأموال واستوليا على مبالغ مالية كبيرة من المواطنين ومن ضمنهم الشاكي الذي كان ضحية هؤلاء المدانين حيث أخذا منه مبلغ (20)ألف جنيه ووعداه بزيادة المبلغ الى مائة الف جنيه وأقر المتهم بانه أخذ نصفه، وقاما بأخذ المبلغ ووضع بدلاً منة (كيس) ملئ بالأوراق البيضاء ولاذا بالفرار، وهرول الشاكي إلى قسم الشرطة ودون بلاغ بالواقعة وتم توقيف المتهمين اللذين أقرا بالتهم المنسوبة إليهما أثناء استجوابهما أمام المحكمة وتم توجية تهمتي الاحتيال وخرق قانون النظام العام بعد أن ذكر المتهم الأول انه حضر من إحدى الدول الافريقية «ساحل العاج» بغرض انضمامه لأحد الفرق الرياضية المعروفة بالسودان وعندما فشل في تحقيق غرضة في الانضمام لفرق كلاعب اتجه الى ممارسة الدجل والشعوذة بالاتفاق مع المتهم الثاني (سوداني الجنسية) الذي يستدرج له المواطنين. تحدثت كبير المستشارين بوزارة العدل (إدارة العون القانوني) المستشارة نعيمة عثمان عن جرائم التعدي على الأموال، قائلةًً تفشت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة وخاصة جرائم الاحتيال بصورة غير عادية وتمركزت هذه المسألة في الأراضي، حيث أظهرت الدراسة التي قامت بها وزارة العدل خلال هذا العام بالنيابات على مستوى ولاية الخرطوم عموماً، وفي جرائم الاحتيال بصورة خاصة، أظهرت أن جل عمليات الاحتيال تنصب في الاحتيال الاراضي. وأرجعت المستشارة نعمية أن كثرة هذه الاحتيالات لجهل المواطنين بالقانون وقواعد الخططة الإسكانية وضوابطها، ونتيجة لهذه الاشياء يقعون في شباك السماسرة والتجار، وأضافت نعيمة إن أغلب الضحايا من المغتربين، والذين لا يكون لديهم أدنى فكرة عن هذه اللوائح أو حتى المستندات التي يجب أن تتوفر لدى المشتري. وقالت إن هناك سببا جعلها تركزت على احتيال الأراضي، وهو تفشي الظاهرة، وبحكم طبيعة عملها كوكيلة نيابة لمحلية جبل أولياء لأكثر من ثلاثة عشر عاماً كانت جل الاحتيالات تنصب في الأراضي، وبالاضافة الى الاحتيال الجنائي التي تفشت أخيراً، وذكرت نعمية مثالا قالت فيه دائماً يكون الاحتيال المدني نتيجة لتعاملات في السوق وينتج عنها كثيراً من احتيال المدني الغش والخداع، وفي نهاية الأمر الاحتيال هو الاحتيال، سواء أكان المدني أو الجنائي، فكله غش ونصب وإيهام الغير بشيء غير حقيقي، بغرض الاستيلاء على أموالهم ومتلكاتهم، وأما عن عقوبة هذه الجرائم تندرج تحت طائلة المادة (178)من القانون الجنائي، والتي تنص على أن يعاقب كل مرتكب هذه الجريمة بالسجن أو الغرامة أو العقوبتين معاً أي يترك تقدير العقوبة للمحكمة على حسب حجم الجريمة، وأرجعت أن تفشي هذه الظاهرة للضغوط الاقتصادية، ولضعف الوازع الديني الذي يعد الفيصل في جرائم التعدي على أموال وممتلكات الغير.