وصف خبراء اقتصاديون الواقع الاقتصادي للبلاد بالمتدهور، وشددوا على ضرورة اعادة هيكلة الاقتصاد الحالي بتوظيف الخدمات. وقطعوا بعدم اكتفاء البلاد ذاتيا من مواردها وارجعوا ذلك إلى مشكلة حقيقية تواجة زيادة الانتاج. وكشف الخبير الاقتصادي بروفيسور عز الدين ابراهيم عن فجوة حقيقية وعجز في الصادرات التي قال لاتكفي الاحتياجات. وسخر قائلا صادرات الضأن لا تغطي فاتورة استيراد (البن والشاي). ووصف الزراعة بغير المجدية. وعزا ذلك إلى انخفاض منتجاتها. وزاد (ولا زراعة ولا ذهب) يسدان العجز، وقطع بأن المغتربين أكبر مصدر لتغطية العجز إذ تقدر مساهمتهم في الاقتصاد بحوالي (3)مليارات دولار مما يتطلب ضرورة الالتفات للقوى البشرية كمصدر لجلب العملات الصعبة، كاشفا عن اتجاه الدولة لعمل خطة لتدريبهم وعمل برتكولات دولية لحماية حقوقهم. وفي الوقت كشف عن أن حجم الدين الداخلي بلغ (65) مليار دولار بنسبة (100%) من حجم الاقتصاد. وقال إن وزارة المالية منذ الاستقلال لم ترد مليما واحدا من الدين الداخلي. واعتبر الدين الداخلي قنبلة موقوتة قابلة للانفجار، لكنه استدرك قائلا هنالك زيادة في معدل النمو مما أدى إلى زيادة طفيفة في حجم الاقتصاد، حيث تمثل الخدمات نسبة (47%) والزراعة (32%)بينما الصناعة (31%). وأقر بوجود ندرة في العملات الأجنبية، مؤكدا أن عائد الصادرات بلغ في جملته (600) مليون بينما احتياجاتنا للاستيراد بعد خروج البترول تبلغ قيمتها (6)مليار دولار. وتوقع أن يصل العجز في ميزان المدفوعات هذا العام (2500)مليار لهذا العام. وقال عز الدين في ندوة (الاقتصاد السوداني / السياسات والتحديات في ظل المتغيرات) «هنالك ندرة حقيقية في العملات الحرة بالبلاد وارتفاع لمعدلات التضخم»، وشدد على ضرورة تنفيذ برنامج الحكومة الرشيقة والتي وصفها بالمترهلة. وعزا ذلك لعدم تخفيض المصروفات وزيادة الواردات. وأكد وجود مشكلة في الايرادات إذ اعتبر الضرائب والرسوم وأرباح الشركات أكبر إيراد، ووصف الضرائب بالضعيفة رغم الاحتجاجات مقارنة مع الدول الأخرى إذ لاتزيد عن (7%) إلا أنه استدرك قائلا تخفيض الضرائب يؤدي الي زيادة الانتاج غير أن الايرادات ضعيفة. وأشار إلى التحول الكبير الذي شهده الاقتصاد السوداني والذي قال إنه ليس بسبب البترول وحده بعد أن اعتبر نسبة مساهمته مابين ال (6-7%) بل عزاه إلى زيادة نمو العائدات من الزراعة والصناعة والخدمات. وتوقع عز الدين حدوث انفراج تدريجي في الاقتصاد بفعل البرنامج الثلاثي الذي يهدف لزيادة الإيرادات وخفض المصروفات. ووصف العام الحالي بالاصعب في البرنامج متوقعاً دخول (75) ألف برميل من النفط في اليوم خلال العام المقبل. وقطع بوجود التحديات التي تواجه الاقتصاد السوداني تمثلت في ارتفاع أسعار السلع، وارتفاع سعر الصرف، وتفشي البطالة، مبيناً سوء توزيع الثروة بين الأفراد والأقاليم، مؤكداً أن النمو الذي تحقق به بجملة من القيود في إشارة إلى الحرب الأهلية، الخطر الأمريكي على السودان الذي جفف موارد العون الخارجي. وقطع علاقات السودان مع البنوك العالمية الكبيرة، إلا أنه أبان تحقيق العديد من النجاحات رغم الصعوبات حيث احتل الرقم (8) على مستوى الدول الإفريقية. ودعا عز الدين إلى هيكلة الاقتصاد السوداني والعمل على توظيف الموارد المتاحة كافة، وتطوير قطاع الخدمات، وتحقيق قدر أكبر من التوازن بين الصادرات والواردات، مشيراً إلى أن ميزانية الاستيراد تصل إلى (6) مليارات دولار في العام، وأن العجز المتوقع في ميزان المدفوعات يقدر ب (1⁄22) مليار دولار، متوقعاً مساهمة الذهب ب(1⁄22) مليار دولار خلال العام الحالي معتبراً الذهب المنقذ للاقتصاد السوداني، داعيا إلى ضرورة إعداد موارد بشرية مؤهلة وتصديرها إلى الخارج، موضحا الدور الذي تلعبه شريحة المغتربين ممثلاً في تحويلاتهم واستثماراتهم والموارد التي تدخل البلاد جراء عودتهم في الإجازات، ونوه إلى ضرورة أن يستثمر السودان موقعه الجغرافي الاستراتيجي كمعبر للتجارة وإعادة التصدير للدول الإفريقية، بجانب التوسع في التعليم الموجة لسد الطلبين الداخلي والخارجي، وتأمين مخزون استراتيجي للوقاية من تذبذب الأسعار العالمية، منتقداً تحويل إدارة المخزون الاستراتيجي للبنك الزراعي السوداني. وقال إن من محاسن البرنامج الإسعاف الثلاثي فرضه ضرائب على قطاع الاتصالات، داعياً إلى تحويل العائد لتخفيف حدة الفقر وإزالة التهميش وحل مشكلة القطاع الرعوي. إلى ذلك قال البروفيسور محمود حسن أحمد خبير الاقتصاد السياسي إن السودان لا ينقصه المخططون، إلا أن جملة من العوامل أقعدته عن النهوض، وإنفاذ الخطط والتي وصفها في الحرب التي استمرت لأكثر من (40) عاماً، قاطعا بإمكانية استفادة السودان من موقعه في وسط إفريقيا الفائدة القصوى، وتوسطه للعديد من الدول المقلقة، مؤكدا امتلاك البلاد لقدر من الثروات المتجددة والناضبة بجانب امتلاكه لأكبر مخزون مائي جوفي في العالم، وعشرات الأنواع من المعادن.