توافد عشرات الجنوبيين إلى سفارة جنوب السودان بالخرطوم حتى ضاقت بهم الأماكن المخصصة للجلوس بالسفارة بعد أن أعلنت وزارة الداخلية خلال الأسبوع المنصرم عن انتهاء المهلة المحددة لبقاء الجنوبيين في السودان لتوفيق أوضاعهم. وكانت الداخلية قد منحتهم شهرا آخر لتوفيق أوضاعهم. وقالت إنها ستتعامل مع الذين لم يغادروا أراضيها كأجانب اعتبارا من 9 أبريل، ودعتهم إلى تسجيل بياناتهم الشخصية لدى سفارتهم بالخرطوم، وهو ما أدى إلى دخول حالة من الخوف وسط700 ألف جنوبي يعيشون في الشمال بعد انفصال دولتهم؛ وذلك بشأن مصيرهم في حال عدم حصولهم على تراخيص للاقامة أو العمل بعد ذلك التاريخ. فكثيرون منهم يقولون إنهم يريدون العودة الى الجنوب لكن آخرين يأملون في البقاء؛ لأن لهم وظائف ويخشون البطالة في الجنوب إلا أنه على الرغم من كثرة اعداد المواطنين القادمين لاستخراج مايسمى (بالوثائق الاضطرارية )، الا أن عددا منهم أكدوا بقاءهم في الشمال بعد استخراجها وذلك مادعت له الضرورة. واتجهت(الأحداث) إلى القائم بالاعمال بالانابة وقنصل عام سفارة جنوب السودان بالخرطوم مارتن عيسى ميزاني الذي ابتدر حديثه مؤكدا سير عملية استخراج (وثائق السفر الاضطرارية أو وثيقة الانتظار) بصورة جدية على الرغم من تزايد اعداد المواطنين عليهم بالسفارة، والذي وصل مايقارب 2ألف مواطن. وقال مارتن إنهم بدأوا اجراءات تبصير المواطنين بضرورة اقتنائهم الأوراق الثبوتية؛ وذلك عبر تبصير السلاطين. وأشار إلى أنهم في الفترة الحالية يستهدفون الطلاب إلى جانب العاملين في القطاعات الخاصة والمنظمات، بالاضافة إلى السلاطين والعمد، وذلك بالتنسيق بين سفارة جنوب السودان بالخرطوم ووزارة الداخلية ممثلة في إدارة الجوازات. وكشف ميزاني عن اكتمال تكوين سفارتهم للجنة تضم اثني عشر شخصاً من ذوي الخبرة في مجال استخراج الأوراق الثبوتية، وذلك للشروع في استخراج الجنسيات ثم الجواز خلال الأسبوع المقبل. وأشار إلى استهدافهم الطلاب. وقال إن الوثائق التي يتم استخراجها الآن تعطي الجنوبيين الحق بالتنقل عبر خطوط الطيران بين الشمال والجنوب أي أنها مخصصة للرحلات الجوية من وإلى البلدين على حد تعبيره. ونفى مارتن عن بدء معاملتهم للشماليين المقيمين في الجنوب. وقال إن القرار الذي أصدر من قبل دولة شمال السودان هو حقيقة لابد من التعامل بها على محمل الجد، ونستطيع أن نكون على قدر المسؤولية مادام أننا قد قررنا أن نستقل بدولتنا كجنوبيين، مؤكدا عدم تأثر العلاقات الاجتماعية التي تربط الدولتين مع بعضهم البعض، مشيرا إلى أن الموارد التبعية تفرض على الدولتين ذلك، في اشارة منه إلى الأراضي الزراعية. وقال إن الحل المناسب لمثل هذه المشكلات لابد أن يكون دبلوماسيا. وفي السياق ذاته أوضحت انجلينا ياي (مواطنة جنوبية) أنها على الرغم من عيشها في شمال السودان مايزيد عن العشرين عاما، إلا أنها لم تكن تتوقع أن تعامل كأجنبية، إلا أنها عادت وقال إن أمر العودة إلى بلدها بات واقعا عليها وقد فرضه القانون. وأكدت انجلينا أنها بعد سماعها قرار وزارة الداخلية فضلت أن تعود إلى جنوب السودان باعتباره بلدها الأول (مادام الشمال يرفض ايوائي) على حد تعبير ياي. أما سيليمون بنجامين ( مواطن جنوبي )على الرغم من أن والدته الشمالية من منطقة دنقلا أكد ضرورة عودته إلى جنوب السودان. وأشار بنجامين إلى أن أمر معاملتهم كأجانب في دولة الشمال يعتبر من المسلمات التي كان يتوقعها بعد انفصال جنوب السودان. وأكد سير الاجراءات بسفارتهم بالشمال. وقال إنه قد قدم منذ الصباح الباكر الى أن اكتملت اجراءاته بالرغم من وجود اعداد كبير من الجنوبيين المتجهين إلى مناطقهم. مؤكدا استمرار العلاقات الاجتماعية بين الدولتين وعدم تأثرها بالسياسة. وقال إن أكثر المتضررين من القرارات السياسية هم مواطنو الدولتين، وهم يدفعون ثمنه الآن من خلال هذه الاجراءات التي فرضت علينا معاملتنا كاجانب. وفي الأثناء قطع البرلمان بأن وجود أي جنوبي في السودان عقب اليوم غير قانوني. وطالب الأجهزة المختصة بالتعامل معهم كأجانب وفق القانون، وفيما اشترط توفيق الأوضاع للإبقاء على أي جنوبي، طالب بطرد وترحيل أي جنوبي لم يسجِّل أو يوفِّق أوضاعه معتبرًا أن الأسلم هو الترحيل. إلى ذلك أكد مدير إدارة الجوازات والهجرة اللواء أحمد عطا المنان في تصريحات نقلتها الاذاعة السودانية أنه منذ 9 ابريل ستتم معاملة الجنوبيين كأجانب. وقال إن الجهات المختصة تعمل بشكل مستمر في ترحيل الجنوبيين وفق حملات العودة الطوعية إلى أن يتم ترحيلهم جميعًا. وقال مدير الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية بوزارة الداخلية، اللواء شرطة أحمد عطا المنان، إن السودان خاطب كل دول العالم بأن المستندات التي بحوزة أبناء دولة جنوب السودان أصبحت غير مبرِّئة للذمة وناشد أبناء دولة الجنوب المقيمين في السودان، والذين يقدر عددهم بستمائة ألف شخص، ضرورة الإسراع لتوفيق أوضاعهم. وفي السياق ذاته وجهت رئاسة الجمهورية كل أبناء أبيي بالخرطوم بأهمية الحضور إلى مكتب المتابعة برئاسة الجمهورية لاستخراج إفادة شهادة المواطنة تمهيداً لاستخراج الرقم الوطني. أما ملوال مياط أبان أن قرار حكومة شمال السودان كان متوقع منذ اعلان دولتهم، شاكيا من توافد اعداد القادمين لاستخراج مايعينهم على التنقل بين الدولتين، الا أن مياط عاد وأكد عدم تأثر العلاقات الاجتماعية بما تقوم به السياسة. من جانبها قالت خميسة تعبان طالبة بمدرسة التمريض وزائرة صحية إنها قد عند مجيئها إلى الداخلية التي كانت تسكن بها، تم توقيفها، وطولبت باستخراج أوراقها حتى تستطيع إكمال عامها الدراسي. واشارت تعبان إلى أنها اتت منذ الصباح الباكر لكنها على حد قولها حتى الآن لم تسلم وأبدت خميسة تخوفها من معاملتهم كاجانب خاصة وأنهم طلاب في المراحل النهائية وتمنت إلا تؤثر مثل هذه القرارات في تعاملهم داخل الجامعات. اضطرارية في سفارتهم بالخرطوم وصفها بأنها تسير على مايرام. وقال إنهم لم يتوقعوا أن تسير بمثل هذا النظام. وأشار إلى أنه بعد استخراج الاوراق سيتجه إلى جنوب السودان على الرغم من ارتباطه بالسوداني الشمالي. ونادى المواطنين الجنوبيين بالاسراع للتقديم لنيل حقهم حتى لا يواجهون مشاكل في مقبل الأيام، مبينا أن ارتفاع الوافدين إلى السفارة في وقت واحد أدى إلى تكدسهم خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة. أما مايور انقونق الموظف في السفارة في مجال استخراج الأوراق، فاوضح قائلا إنه منذ أمس الأول تم استخراج أكثر من 700وثيقة، واغلبهم متجهون إلى جنوب السودان عبر خطوط الطيران فيما عددية قليلة منهم متجهة إلى مدينة الرنك عبر البواخر ووصفه سير الاجراءات بالسفارة بأنها (على مايرام ). وأكد أنه في مطلع الأسبوع القادم سيتم استخراج الجنسية والجواز للمسافرين المقيمين في السودان.