إن مهنة عمال الإغاثة من المهام الصعبة جداً حيث يُحاصر العاملون في المجال الميداني بالفيضانات والنيران ويواجهون مشاكل أخرى كثيرة. فهل تعلموا أنه في العام الماضي لقى العاملون في المجال الإنساني حتفهم أكثر من العاملين في قوات حفظ السلام العاملين بالأممالمتحدة. ففي عشرة أعوام زاد عدد ضحايا موظفي العمل الإنساني من 30 في 1999 الى 102 في 2009 وقد زاد عدد ضحايا الاختطاف من 20 الى 92 في 2009. لم أكن أعرف هذه الإحصاءات إلى أن توليت منصبي في الاتحاد الأوروبي كمفوضة للمساعدات الإنسانية. ومنذ ذلك الحين سافرت إلى العديد من الأماكن حيث تعرفت على ما يواجهه المدنيين من المخاطر الأمنية اليومية. ففي حزيران/ يونيو الماضي، قمت بزيارة مشاريع المساعدات الإنسانية الممولة من قبل الاتحاد الأوروبي في دارفور والتقيت بعمال الإغاثة في مدينة نيالا، واحدة من الأماكن في دارفور التي تعتبر آمنة نسبياً بالنسبة لهم. بعد يومين من زيارتي، تم اختطاف اثنين من العاملين في المجال الإنساني من داخل مقر الإقامة الخاصة بهم. ولحسن الحظ تم الإفراج عنهم منذ ذلك الحين، ولكن المخاوف بشأن السلامة الشخصية في المنطقة ماتزال مرتفعة. إن العمل الإنساني اليوم يعاني من زيادة التعرض لمخاطر أمنية وهي تتنوع من المضايقات والتهديدات وعمليات الخطف الى القتل. فقبل أيام قُتل بوحشية ثمانية من الأجانب العاملين في المجال الإنساني في أفغانستان. وفي هجوم آخر بدم بارد هذا العام، قُتل ستة عمال إغاثة في باكستان. وكانوا مهنيين وعلى درجة عالية من المهنية وقد فقدوا حياتهم ليس لأنهم متهورون أو لم يتبعوا قوانين السلامة ولكن الحقيقة البشعة هي أن عمال الإغاثة الإنسانيين أصبحوا على نحو متزايد أهدافاً متعمدة. إن حماية خط الأساس التقليدي للعاملين في مجال الإغاثة تعتمد على القبول بهم من قبل المتحاربين بما يتواءم مع التطبيق الصارم للمبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد والاستقلال وعدم التمييز. ولكن هناك تحديات متزايدة في صراعات اليوم. ففي بعض الحالات يُستهدف العاملون في مجال الإغاثة لأنهم شهود عيان للفظائع التي ترتكب ضد المدنيين، كما هو الحال في جمهورية الكونغو الديمقراطية الشرقية. وفي حالات أخرى، يُستهدف عمال الإغاثة كجزء من أجندة سياسية أو أيديولوجية، كما هو الحال في أفغانستان. إن اختطاف العاملين في مجال الإغاثة أصبح تجارة مربحة اقتصادياً في بعض الأماكن. فمهما كانت الدوافع الكامنة وراء كل الاعتداءات ضد عمال الإغاثة فإنها تعمل على الإضرار بالمحتاجين للإغاثة أولاً و تآكل ثقتنا في القيم العالمية الإنسانية والتضامن بغض النظر عن الدين أو الثقافة أو العرق أو الاعتبارات السياسية. إن أكثر المناطق خطراً على موظفي الإغاثة هي مثل أفغانستان والصومال والسودان، كما هي في الواقع تلك التي تكون فيها الاحتياجات الإنسانية هي أعظم. ومع الانخفاض المستمر في المجال الإنساني، عمال الإغاثة وغالباً ما تواجه معضلة أخلاقية يأسى لها القلب: الحفاظ على شريان الحياة للضحايا أو لحماية حياتهم الخاصة؟ هذا هو السبب في أننا مدينون لعمال الإغاثة أكثر من مجرد تعبير عن التعاطف والإعجاب لما أبدوه من التزام وشجاعة. ونحن مدينون لهم على المستوى الدولي لتغيير النظرة حول واحدة من أخطر الأعمال في العالم. إن أوروبا تعتزم تحمل كامل مسؤوليتها تجاه التضامن مع عمال الإغاثة. في أيلول/ سبتمبر سوف يتقدم الاتحاد الأوروبى بمشروع قرار أممي في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سلامة وأمن موظفي المساعدة الإنسانية وحماية موظفي الأممالمتحدة. وسوف نعمل بروح تعاونية مع الأطراف الأخرى التفاوض لضمان أعلى مستوى ممكن من الالتزام الجماعي لهذا القرار الأممالمتحدة والترجمة بصورة فعالة على أرض الواقع. وسيعمل الاتحاد الأوروبي على توسيع الدعم السياسي والتقني والمالي لشركائنا في العمل الإنساني (وكالات الأممالمتحدة، الصليب الأحمر/حركة الهلال الأحمر والمنظمات غير الحكومية) من أجل تحسين سلامتهم وحمايتهم. وسنواصل كل الجهود لدفع العمل على الجانب الوقائي، مثل نشر القانون الدولي الإنساني بين أطراف الصراع. وعندما تفشل كل هذه الترتيبات لحماية العاملين في المجال الإنساني فإننا ملتزمون بدعم الإجراءات العقابية. إن إطلاق النار على موظفي الإغاثة جريمة حرب بموجب الاتفاقيات الدولية. ولذلك، لابد من معاقبة الأعمال الإجرامية ضد موظفي الإغاثة كأداة ردع قوية في مكافحة الإفلات من العقاب. ونحن نحتفل باليوم العالمي الإنسانية في 19 أغسطس، هو الوقت المناسب للإشادة بجميع الرجال والنساء الذين يعرضون حياتهم للخطر في سبيل إنقاذ حياة من هم في حاجة للمساعدة. في هذا التاريخ، سوف نعلق لافتة كبيرة على مبنى المفوضية الأوروبية في بروكسل بمناسبة بدء حملة الدعوة الأوروبية والتى تسمى «لا تطلقوا النار! أنا عامل إنساني» وذلك بهدف رفع مستوى الوعي بين عامة الناس والسلطات العامة حول المخاطر والصعوبات التي تواجه العاملين في مجال الإغاثة. ونحن ببساطة لا يمكن أن نسمح بالقتل للعاملين في مجال الإغاثة. كريستالينا جورجييفا هي المفوضة الأوروبية للتعاون الدولي، والمساعدات الإنسانية والاستجابة للأزمات المفوضية الأوروبية، بروكسل