من الموضوعات الثابتة المقروءة هذه الأيام في كبريات الجرائد البريطانية ومنها (ذي إندبندانت) و(ذي ديلي تيلغراف) و(ذي جارديان) استعراض كتاب اسمه «رحلة» والتعليق عليه من طائفة من كبار السياسيين والصحافيين. ومؤلف الكتاب هو توني بلير زعيم حزب العمال السابق الذي فاز في ثلاثة انتخابات عامة متتالية في الفترة من عام 1997م إلى عام 2007م وأصبح بالتالي رئيساً لمجلس وزراء بريطانيا ثلاث مرات وهو ما لم يحققه أيٍ من قادة حزب العمال السابقين، وكان بلير هو رئيس الوزراء الخامس الذي قدمه حزب العمال وسبقه أربعة هم: رامزي ماكدونالد وكليمنت أتلي وهارولد ويلسون وجيمس كالاهان. وعندما تقلّد بلير رئاسة الحكومة البريطانية عام 1997م قالوا عنه إنه أصغر رئيس وزراء بريطاني على مدى القرنين الماضيين وخَلَفه في رئاسة الوزراء وزعامة الحزب جوردون براون الذي سقط في الانتخابات في مايو الماضي ليتولى الحكم إئتلاف من حزبي المحافظين والديمقراطيين الأحرار ويقود هذا الإئتلاف رئيس الحكومة وزعيم حزب المحافظين دفيد كاميرون. ولم يعزل بلير نفسه ولم يتقوقع مع ماضي الذكريات بعد أن تقاعد عن الحكم وعن زعامة حزب العمال عام 2007م لكنه انفتح على الحياة العامة أكثر وأكثر محاضراً وكاتباً وخبيراً ومستشاراً ورئيساً لبعض اللجان أبرزها اللجنة الرباعية الدولية المعنية بالصراع العربي الإسرائيلي والمؤلفة من الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. ويقولون إنه الآن من السياسيين المتقاعدين الأغنياء. وكتاب «رحلة» يحكي عن السيرة الذاتية لتوني بلير ومذكراته التي تتضمن بالطبع أهم قراراته وسياساته ومواقفه، ومثلما هو معتاد ومتوقع فقد امتدح البعض الكتاب وانتقده آخرون وكان من رأي بعض هؤلاء الناقدين أن الوقت لم يحن بعد ليكتب بلير عن حوادث لم يمر الوقت الكافي على حدوثها وهو الوقت الذي يمكِّن من أن تكون النظرة إليها أكثر اعتدالاً وإنصافاً وموضوعية. وقال أندرو جريس المحرر السياسي لجريدة (ذي اندبندانت اللندنية): إن توني بلير في كتابه «رحلة» وصف وزير المالية براون بأن التعامل معه كان صعباً لكنه لم يسع إلى إقالته ولا إلى الحيلولة بينه وبين أن يصبح رئيساً للوزراء. وقال إن العلاقة بينهما كان يشوبها التوتر باستمرار. وقال بلير إن براون تراجع عن أساسيات حزب العمال الجديد وإنه لو تمسّك بها لفاز في انتخابات مايو الماضي، ثم أضاف بلير قائلاً عن خليفته براون: «لكنه قوي.. مقتدر وذكي!»، ونكتفي بهذا القدر ونذكر أنه بقي من رؤساء الحكومة السودانية السابقين إثنان هما القاضي بابكر عوض الله والسيد الصادق المهدي.. وواضح أن المكتبة السودانية في أمسّ الحاجة إلى كتابين عن فترتيهما رئيسين لمجلس الوزراء!!