تحدثنا أمس عن السياسيين البريطانيين الشقيقين ديفيد ميليباند وإد ميليباند وكان من أسباب الكلام عنهما تنافسهما على زعامة حزب العمال المعارض وقلنا - استناداً على توقعات الصحف واستطلاعات الرأي - إن فرص الشقيق الأصغر إد في الفوز بزعامة الحزب أكبر من فرص فوز الشقيق الأكبر ديفيد وزير الخارجية في الحكومة السابقة التي رأسها جوردون براون. وكان مما يستوقف أن الشقيقين شابان فقد ولد الأكبر عام 65 وولد الأصغر في ديسمبر 1969م. وقد فاز بالفعل الشقيق الأصغر إد ميليباند وأصبح زعيماً لحزب العمال جالساً في المقعد الذي جلس فيه من قبل رامزي ماكدونالد وكلمنت أتلي وجيتسكل وهارولد ويلسون وجيمس كالاهان ومايكل فوت وكينوك وجون سمث وتوني بلير وجوردون براون. .. زعيم شاب يتولى قيادة حزب كبير تاريخي كانت له صولات وجولات في حكم بريطانيا وفي إثراء الفكر السياسي. ولقد ولد هذا الزعيم الجديد في ديسمبر 1969م وفي ذلك الوقت كان قادة الأحزاب السياسية السودانية أو أشهرها سياسيين معروفين، فكان السيد الصادق المهدي ولا يزال رئيساً لحزب الأمة، وكان في ذلك الوقت من عام 69 رئيساً سابقاً لمجلس الوزراء، وكان السيد محمد عثمان الميرغني راعياً للحزب الاتحادي الديمقراطي، وكان الشيخ الدكتور حسن الترابي زعيماً لجبهة الميثاق الإسلامي وكان محمد إبراهيم نقد قيادياً بارزاً في الحزب الشيوعي السوداني، وكانت هذه الأحزاب في ذلك الوقت من ديسمبر 1969م محلولة إذ أن البلد كان يعيش في ظل النظام المايوي الذي حلّ كل الأحزاب. لقد فاز إد ميليباند على شقيقة ديفيد بنسبة ضئيلة فقد حصل على 50.65 من الأصوات بينما حصل شقيقه الأكبر ديفيد على 49.35 ولم يشكك المهزوم في نزاهة التصويت وشفافيته والتزامه بالمعايير الدولية! لكن قام على الفور مهنئاً شقيقه المنتصر واحتضنه. وهو درس مفيد يقدمه حزب العمال لأحزابنا ولكل الأحزاب في العالم الثالث التي يتشبث زعماؤها بالرئاسة مدى الحياة، فالرئاسة هناك متداولة ولا مكان للتوريث وهي مفتوحة لكل أبناء الحزب. وبعد إعلان النتيجة اعتلى إد ميليباند المنبر قائلاً : (لم يحدث قط مهما جمحت بي الأحلام إن تصورت نفسي قائداً للحزب ثم التفت إلى شقيقه قائلاً: ديفيد إنني أحبك كثيراً كأخ وأنا أحترم الطريقة التي خضت بها معركتك الانتخابية).