يزور بريطانيا اليوم البابا بيندكت السادس عشر، وسوف يكون في استقباله بالمطار دوق أدنبرة زوج الملكة أليزابيث الثانية، واحتفت الصحافة البريطانية بهذه الزيارة المهمة التي يقوم بها البابا إلى بلد أوروبي مهم وهو بلد علماني كانت له امبراطورية تضم أكثر من نصف الكرة الأرضية، وكانوا يصفونها بأنها الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. وكان السودان حتى منتصف خمسينيات القرن الماضي أحد مكونات هذه الامبراطورية. ويقول فيدريكو لومباردي الناطق باسم الفاتيكان: «جرت العادة على أن يكون على رأس المستقبلين في مثل هذه المناسبات أحد أفراد العائلة المالكة أو وزير، ولكن ليس كبيرهم الذي هو دوق أدنبرة. وهذا يعكس المكانة العالية التي يُحظى بها البابا». وفي أدنبرة سوف تستقبل الملكة أليزابث البابا بيندكت السادس عشر وهي ملكة ملوك وملكات العالم وعميدتهم فقد جلست على العرش عام 1953م، أيام الحكم الذاتي الذي تمخّض عن استقلال السودان. وأليزابث ملكة بمعنى الكلمة، تتجسد فيها رصانة ورزانة وهيبة وجلال الملوك وهي قارئة كبيرة. ومرة قال عنها الكاتب المصري المشهور أنيس منصور نقلاً عن آخرين: «إذا أردت أن تقدم هدية للملكة أليزابث يجب ألا تكون هذه الهدية كتاباً.. فقد قرأته» وفي الستينات بعد ثورة أكتوبر 1964م زارت الملكة أليزابث الخرطوم وكانت رئاسة مجلس السيادة دورية، وعند الزيارة كان الرئيس هو الدكتور التيجاني الماحي، ولذلك ومن الناحية الثقافية البحتة نستطيع أن نقول إن القمة البريطانية السودانية هنا في الخرطوم في ذلك الوقت من الستينيات كانت قمة أنداد، فالتيجاني الماحي - يقولون - كان أحد كبار قراء عصره. وكان البابا الراحل جون بول الثاني زار بريطانيا عام 1982م واستقبله في جلاسجو عاصمة اسكتلدنا سبعون ألف كاثوليكي والمتوقع أن يلقى البابا بيندكت السادس عشر اليوم في بريطانيا استقبالاً حاشداً. وبعد أدنبرة سوف يذهب البابا إلى ويمبلدون مقر سفيره في بريطانيا ثم يقوم بزيارة أخوية إلى أكبر «شيخ» في بريطانيا أي أسقف كانتربري الدكتور روان ويليامز وكانت العلاقة بين الزعيمين المسيحيين الكبيرين متوترة. وسوف يلقي البابا خطاباً في قاعة ويستمنستر بلندن. أما اللحظة المرتقبة فتأتي عند دخول البابا كنيسة ويستمنستر التي عمرها ألف عام فهو أول بابا يدخل هذه الكنيسة وسوف يصليان معاً هو وأسقف كانتربري. وسوف يستقبل البابا السبت القادم قادة الأحزاب الثلاثة الكبيرة، المحافظين والعمال والديمقراطيين الأحرار. وتقول الصحافة البريطانية: فقط بعد مغادرة البابا لبريطانيا نستطيع أن نتحدث عن تأثيرها على الشعب البريطاني الذي قلّ في السنوات القليلة الماضية اهتمامه بالدين!