السماني إبراهيم الشهير ب«ود المسلمية» نسبة إلى المنطقة التي شهدت ميلاده وصباه، هو شاعر غنائي «متمرد» بشهادة كل النُّقّاد، واستطاع في ثلاث سنوات أن يقدم نوعاًً من الشعر لا هو جاد ولا هو هابط بشهادة النُّقّاد أيضاً، ولكن عملاً بمقولة «نقص الأدلة يُفسّر لصالح المتهم» فإن البعض اعتبره أحد أعمدة الغناء الهابط خاصة وأن له العديد من الأغنيات التي لامست أوتار «التمرُّد» مثل (رافع القزاز مالك)، (عايزك براك في كلمتين)، (يا خلف الله ياخ عذبتنا) وغيرها، رغم ذلك عاد ورفع راية التمرد بعد أن لحّن بعض أغنياته وقال إنه أصبح أكثر مقدرة من علماء الموسيقى السودانية. «الأهرام اليوم» استضافته ووجّهت إليه أسئلة جريئة جداً وجاءت ردوده أكثر جرأة، فإلى مضابطها: { مرحبتين سماني؟ مرحب بسفينة «الأهرام اليوم» ومرحب بقائد هذه السفينة الإبداعية الأستاذ الهندي عزالدين ومرحب بصحفييها الأجلاء. { يتهمك البعض بأنك تُسوِّق للغناء الهابط بقوة فما قولك؟ ما هي المعايير والمقاييس التي تُقاس بها الأغنية الهابطة؟ { يعتبرون إنتاجك الشعري هابطاً؟ لا توجد أغنية هابطة لأن الإيقاع سريع وهذه ثقافة جيل، فأنا لا أكتب غناءً هابطاً ولكنني أكتب الغناء الخفيف. وكل دول العالم الآن تستمع لهذا الإيقاع. { (رافع القزاز مالك عامل تقول سيدها.. غايتو فيك حاجات أنا قلبي ما بريدها) البعض صنّف هذا النص هابطاً؟ الذي صنفه هابطاً لا علاقة له بالصحافة. { هو ليس صحافياً بل موسيقياً وأديباً ويحمل درجة الدكتوراة؟ مازلت مُصراً حتى وإن نال أرفع الدرجات يظل لا علاقة له لا بالموسيقى ولا الأدب. فأين الهبوط؟ هذه أبيات معافاة، والأغنية الهابطة هي التي تخدش الحياء والذوق العام وهذا لم يحدث، ففي مصر يغنون (أنا مش خُرنك) كلمات أيمن بهجت قمر وألحان وليد سعد، لذلك المجتمع الآن يبحث عن الغناء الخفيف وهذا هو. لذلك أنا أكتب الغناء الخفيف فقط ولا أكتب الجاد أبداً أن شاء الله. { أغنية الغروب لعثمان مصطفى التي فيها (الخدود الشاربة من لون الشفق عند المغارب) كلمات إسماعيل حسن وألحان الموسيقار وردي يعتبرها البعض سقفاً للتطريب رغم أنها أغنية «جادة» وتحمل من الغزل ما يفوق طاقة الجميلات ما رأيك؟ لا أتحدث في القامات، فوردي وكل جيله قامات سامقة. { أسألك عن النص وأنت شاعر؟ إنه جميل (خالص) ويحمل فكرة ومضمون. { أنت متهم بسمكرة النصوص وملء الساحة بالمتشاعرين. أنا لا أسمكر النصوص بل القلوب، لذلك تجد كل أغنياتي القبول في الشارع العام والحمد لله. { لا أتحدث عنك بل أولئك الذين تعدِّل لهم؟ أنا تركت هذا الفعل للأخ عمر سعد الحسين حتى (يسترزق) منه - وضحك عالياً-. { الآن يمكننا أن نهنئك بالخلاص من هذا الداء العُضال؟ الحمد لله فقد ثُبت إلى رشدي فلا يُعقل أن أجعل من غير الشاعر شاعراً (وده على حساب منو)؟!. { كم عدد المتشاعرين الذين حملوا عبرك لقب شاعر؟ عدد مهول ولا يمكنني تحديدهم الآن. ولكنهم موجودون الآن في ولايات كسلا، القضارف، الجزيرة، شمال دارفور، جنوب وغرب دارفور، كردفان الكبرى، وتحية خاصة لدارفور الكبرى. { لديك العديد من النصوص لحل المشكل الدارفوري حدثنا عنها؟ لقد كتبت أجمل النصوص ليحل السلام في دارفور الحبيبة وتغنت بها المطربة الرائعة حواء رمضان (بندقية هوى كفاك أسكتي.. وليدي داك كتلتي.. صغيري ما رحمتي» وأيضاً المطرب آدم نيالا (دارفورنا ما شبه الحروب.. دارفورنا أكبر من كده) ثم المطرب موسى القدم (الدوسة هاي في شنو.. ما تردو يا عارفين) وأيضاً صلاح براون. { ما هو رأيك في المنتديات الشعرية بدايةً بحسن الزبير؟ كان منتدى حسن الزبير من أقوى منتديات الولاية ولكن بحضور الوزير أسامة ونسي رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة بولاية الخرطوم توقّف النبض الإبداعي لهذا المنتدى وكذلك الحال بمنتدى الربيع الثقافي ونرجو أن يمد أسامة ونسي جسور الإبداع لكل المنتديات بمراكز الشباب. { لديك تجارب لحنية أثمرت، فهل تؤمن بالملحن (الكيري)؟ أنا الآن أجيد التلحين وضايقت الملحن حمدان أزرق في رِزقة. { حمدان أزرق ليس موسيقياً محترفاً بل هو مطرب في المقام الأول؟ المطرب إبراهيم الكاشف هل كان يجيد العزف على الآلات! { أنا لا أتحدث عن الراحلين أو القامات كما قلت؟ إذن.. خذها مدوية أنا الآن مُلحن جيد واستطعت أن أتفوّق على الدكاترة أمثال محمد سيف الدين على وعبداللطيف خضر ود الحاوي وأتعامل مع كل المطربين الشباب ووهبني الله مَلَكة عجيبة إذ أن أي نص أكتبه يأتيني لحن معه. { البعض يقولون إن هناك (جني) هبط قبل عامين استوطن بيتك وصار يهبك الألحان؟ والله مرحبتين حبابو الجن وبابي مفتوح على مصراعيه لاستقباله في أي وقت ولكن أشعاري من وحي إلهامي. { لا أتحدث عن نصوصك ولكن الناس يؤكدون حدوث أمر غريب فأنت ملحن منذ 24 شهراً فقط؟ إن كان كذلك، فلماذا لا يملأ غرفتي بورق البنكنوت! لا تصدق ما يقولون فهذه الألحان وحي رباني لا علاقة له بالجن ولا الإنس. { مَنْ مِن المطربات نالت كلماتك وألحانك؟ هن كُثر منهن نجاة غرزة، مونيكا التي تسير بخطى ثابتة نحو النجومية والعالمية، سامية عبدالقادر، زبيدة الإنقاذ وغيرهن، ولديَّ أعمال جاهزة لكل المطربات في السودان. { لماذا تفضِّل التعامل مع المطرب طه سليمان وتتمرد على بقية شباب المطربين؟ طه سليمان صاحب رسالة قوية لذلك أنا أتعامل معه فقط ولا أتعامل مع النكرات وهو قادر على العبور بأعمالي إلى الخارج وهناك أعمال في ألبومه الجديد (بريدك)، ولديّ عملين (دايرك براك في كلمتين) و(ناس تشوفهم مرة واحدة) لذلك سأتعامل معه على الدوام لأنه فنان بكل المقاييس. { اتحاد شعراء الأغنية ولك عشرات الأغنيات فهل أنت عضو فيه؟ لا يمكنني الانضمام لهذا الكيان لأن الأستاذ محمد يوسف موسى لا يتعامل ألا مع قدامى الشعراء فقط ولم تُعقد جمعيته العمومية ومقره الأصلي منزل الرئيس. { لم تجب عن سؤالي، هل تود الانضمام لهذا الاتحاد؟ سأنضم إليه في حال انضمام الشباب إليه والمرحلة القادمة خالصة لهم. { لا تكن (إمِّعة) أسألك أنت الذي تفوّقت على الدكاترة، هل ترى نفسك يوماً داخل هذا الاتحاد؟ لا أتمنى الانضمام إليه. { لماذا؟ بسبب الذين يجلسون عليه الآن. { والاتحاد العام للأدباء والكُتّاب السودانيين كيف تراه؟ مع احترامي لهذا الاتحاد وللدكتور قدور والفاتح حمدتو لا مانع لديّ في الانضمام إليهم لأنهم يحترمونني. { من هم المطربين الذين غرّدوا بأعمالك؟ معتصم خلف الله (يا خلف الله ياخ عذبتنا)، طه سليمان (دايرك براك في كلمتين، رافع القزاز مالك، ناس تشوفهم مرة واحدة، السمحة ديك من وين، الشوق بتكلم، والمطرب حسن قصاص، لو فاكرني ببكي عليك لو سبتني وفت) وحسين الصادق، أحمد الصادق ولكنني الآن أتعامل فقط مع طه سليمان لأنه فنان. أما البقية فأعتبرهم نكرات عدا شكرالله التقانة فهو فنان حقيقي. { لماذا غابت شمس بعض كبار المطربين في رأيك؟ المرحلة القادمة للمطربين الشباب فقط مع احترامي الشديد للمطربين الكبار وعطائهم الممتد لأن الراية الآن بيد الشباب وإن لم تصدقني راجع تيرموميتر الحفلات العامة في العيد. { أنت قلت إنك تفوّقت على الملحن حمدان أزرق وود الحاوي في الألحان، فما هي رسالتك لدكاترة الموسيقى في السودان؟ أنا ظللت أسمع بعشرات الألقاب الموسيقية الرفيعة والسؤال ماذا أضاف هؤلاء الدكاترة للموسيقى السودانية، هل وصلوا بها إلى العالمية؟ وإذا كان هذا حالهم مع احترامي الشديد لهم فإن ما يحملونه ما هو إلا حبر على ورق، وطه سليمان بمجهوده الخاص خرج بنا إلى العالمية. { النُّقّاد يضعونك مع أمجد حمزة وهيثم عباس في طبق واحد؟ لكل منا لونيته الخاصة فأمجد يكتب (قنبلة) وأخواتها وأنا أقول (بتكسر الدنيا لمن تمر بي جاي.. دي كاتلة زيّي كتير أنا فزت بيها براي)، أما هيثم عباس فهو رقم حقيقي في الإبداع وكذلك أمجد حمزة الذي يردد كل الشباب أعماله. { إن كانا كذلك، فلماذا ينالان الهجوم كل يوم عبر الصحف؟ لا أدري ماذا يريد المهاجمون، أما أنا فقد اخترت هذا الطريق المؤدي لحلبة الغناء الخفيف وليسمونه كما يشاءون. { إذن.. هل هناك هبوط في أغنيات الرواد؟ نعم بكثرة، فهناك (أدونا فندكم ندق ونديكم.. أبيتو تدونا كاروشة تمسكم)، (شل شل كبّ لي جالون) وهذه كانت سبب ظهور المطربة جواهر في القاهرة (يا حاجة قصري الجبون ده) و(أنا دستوري نازل في الخرطوم تلاتة) وطوال مسيرة الأغنية السودانية هناك فترات إنحطاط. { حدثنا عن تلك الفترات؟ هناك منذ عهد الحقيبة أغنيات منحطة مثل (يا الطابق البوخة.. خدودو مشلوخة) وإذا كانت في عهدنا هذا لقامت الدنيا لأنها شديدة الانحدار، ومع ذلك ينال عهدها الآن الانحاءة من الجميع. { هناك أغنية معاصرة بعض الشيء للحو (يا أخوانا كان رقتو) كيف تراها؟ جيدة. { هل لأن شاعرها الأستاذ بابكر محمد الحسن صديق لك؟. لا.. وإن كنت تقصد المقطع الذي يتحدث عن صدر المرأة، فهناك مقطع في (أغنية القمر بوبا) يماثله، مع احترامي للقامة وردي عليه فإن الهبوط بدأه الكبار وعليكم كصحافيين أن تمسكوا الشجر الكبار، الشعراء الكبار وليس الشتول. { ما هو جديدك؟ أغنيات كثيرة منها (بتلعبي بالقلوب وحريفة يا فلانة يا حكم صفّر.. دي بايعة وجدانا)، (اللعبة مكشوفة، قاريها بي حروفها.. وكونك تسيبي هواي.. دي حاجة معروفة)، (بتكسّر الدنيا لا من تمر بي باي). { مطربون سينالون النجومية المطلقة؟ طه سليمان وشكرالله عزالدين، أما البقية فحدِّث ولا حرج!!. { ومطربات بذات المقدرات؟ ندى القلعة وإنصاف مدني فقط، أما منار صديق فهيمة، حرم النور، فهنّ في حاجة لدراسة صوت مع احترامي لهن ومعهن إيمان لندن. وإن عادت إلى لندن لكان خيراً لها ومع المتألقات أيضاً مونيكا فهي ستبقى مطربة ممتازة. { السموأل خلف وزيراً للثقافة ماذا يعني لك هذا؟ التحية لمدينة الدويم التي أنجبت أمثال السموأل خلف الله فهو مبدع حقيقي منذ أن كان الأمين العام للمجلس القومي للثقافة والفنون كان جهده منصب لرعاية الشباب عبر الندوات والمنتديات والتشكيل، وكان من المفترض أن يكون وزيراً للثقافة منذ ثلاث سنوات خلت. فمرحباً به راعياً للفكر والثقافة في السودان. { قدّم جيل الشعراء أمثال سعد الدين إبراهيم، مدني النخلي، أزهري محمد علي، عزمي أحمد خليل، عبدالعظيم أكول، مختار دفع الله، محمد الحسن سالم حميد، أغنيات شفيفة لامست الوجدان، فمَن مِن الشباب يمكنه تسلُّم الراية الآن؟ هناك الكثيرون، هاشم عباس الجيلاني، عماد الدين الطيب أم كُتّي، صلاح شلقامي، أحمد البلال فضل المولى، محمد الخير الشامي، سليمان عطية، أحمد جاد كريم، مصطفى سليمان. { الشاعرات سمرقندية محمد المحتسب، حكمات يس، روضة الحاج، سعدية عبدالسلام، شاعرات بلون الورد فمَن مِن شاعرات اليوم تمشي على هداهن؟ هناك وجدان صباحي، ابتهال مصطفى، سعادة عبدالرحمن، فتحية عبدالسلام، إنصاف محجوب وغيرهن وبعض الشاعرات لا علاقة لهن بالشعر. { ماذا فعلت بك المسلمية؟ هي مأواي ومرتع صباي وفيها صحيفتي الحائطية الأولى مع الأستاذ محمد حمد النيل القرشي وفيها عرفت الشعر والفن والصبابة فهي أمي التي أرضعتني ب(ود نوة). { مطرب أو مطربة تتمنى أن تصل أعمالك من خلالهما؟ المطربة هاجر كباشي المظلومة إعلامياً. { ماذا تعني لك دار فلاح؟ أصبحت من أقوى المنتديات الثقافية بولاية الخرطوم، يرتادها العظماء الذين يتذوّقون الفن بسلاسة وفهم ومسؤولية.
