{ واحدة من الأزمات الزوجية التي تعانيها العديد من البيوت، أزمة منتصف العمر التي تتزامن مع أزمة سن اليأس، والشاهد أن المرأة بفطرتها الإنسانية تفقد العديد من رغباتها وميولها ببلوغها سن الخمسين التي تعرف بسن اليأس، بينما يكون الرجل حينها في كامل حيويته وربما يمر بحالة من النشاط الزائد والتشبث بالحياة وروح الشباب مما يدفعه للإتيان بالعديد من الحماقات التي لا تتناسب مع عمره وهذا ما يعرف بأزمة منتصف العمر. { المشكلة، أن الشخص الوحيد المنوط به محاولة الاجتهاد في احتواء هذا الزوج المتصابي أو إن شئنا الحياد مرتفع النشاط العاطفي والبدني هو هذه الزوجة التي تركن للحياة الهادئة والانشغال بالأبناء وربما الأحفاد وقد تبدلت جميع أولوياتها لدرجة قد تجعل الزوج في ذيل القائمة بعيداً عن اهتمامها المباشر! فكيف نتعايش مع هذا التناقض؟ وكيف نجد حلاً لهذه الأزمة؟ { إن العديد من آبائنا وأعمامنا يشكون من الإهمال، ويؤكدون على أن زوجاتهم لم يعدن يرين فيهم أكثر من حافظة نقود أو قطعة أثاث ضمن أثاث المنزل، وفي الغالب توكل الزوجة العديد من مهام الاهتمام بتفاصيل زوجها لإحدى بناته اليافعات إن وجدن، فتصبح الفتاة هي المسؤول الأول عن ملابس وأشياء أبيها، وهي التي تتكفل بإعداد وجبات طعامه والعناية بخزانة ملابسه ومعرفة أماكن أشيائه الصغيرة الحميمة، بل أحياناً تلعب الفتاة دور حلقة الوصل بين أبيها وباقي أفراد الأسرة، فهي التي تخبره بأخبار المنزل وأهله، وهي التي تطلب منه ما يلزم، وهي التي تتجاذب معه أطراف الحديث وتتبادل معه (الونسة)، كل هذا والأم في الغالب تقوم بواجبات اجتماعية خارج المنزل، أو منشغلة بالتلفاز أو أية هواية أخرى، وأحياناً تكون في زيارة طويلة لبيت ابنها أو ابنتها بغرض (النفاس). { والرجل لا تنتهي مدة صلاحيته ولا تموت حاجاته الإنسانية، والمرأة التي يمثل انقطاع الطمث عنها مرحلة انتقالية كبيرة في حياتها يترتب عليها تغيير جذري في الهرمونات والمشاعر وحتى الشكل الخارجي والاهتمامات؛ يجب أن تعلم أن كل ذلك لا يعني زوجها ولا يؤثر في ما ينتظره منها من واجبات، فهو كعادته يحتاج رعايتها واهتمامها وتدليلها له ويحتاج أكثر لأنوثتها، وبلوغ الخمسين يعني عند العديدات نهاية العلاقة الحميمة بينها وبين زوجها، فهي قد ترى أنها بفقدانها لمؤشر أنوثتها الأول قد فقدت وظيفتها كزوجة، وأحياناً تبدأ في الشعور بالخجل والخوف من نظرة أبنائها لها، فهي لا ترغب في أن تُشعر أبناءها الذين شبوا عن الطوق بأن «شيئاً خاصاً» يربطها بأبيهم على أساس أن ذلك يقلل من احترامهم لها وكأن في الأمر عيب أو ذنب أو حرج، وكأن أبناءها لا يعرفون أصلاً كيف أصبحت هي أماً لهم منذ زمن. { إنني أرجو من كل السيدات اللائي بلغن سن اليأس بحكم العمر ألا يجعلن الأمر ينسحب على حياتهن إجمالاً لا سيما الخاص منها، ولا يتخذن سن اليأس ذريعة للتقصير في الواجبات الزوجية وإهمال شريك الحياة الذي يبقى دائماً في حاجة إلى شريكة حياته حتى يواريه الثرى، وأرجو أن تتحول هذه المرحلة الجميلة من العمر إلى حالة من الصداقة والمودة الحميمة والاستمتاع بالحياة بالقدر الذي يعلّم أبناءنا المعنى الحقيقي والمقدس للزواج. { تلويح: فلنجعل سن اليأس، سن الحياة، والحب والسكينة، علماً بأن العديد من الإنجازات قد اكتملت، وحان أوان الارتياح.