{ المهنية تحتم عليّ اليوم أن أرفع القبعة احتراماً، وربما أرتفع عن الأرض قليلاً معتمدة على أمشاطي لأحيي قبيلة الشرطة السودانية بمختلف إداراتها وتخصصاتها، لأنهم الجهة الوحيدة التي اعتادت أن تهتم بما نكتب وتتابع الأحاديث والآراء الصحفية الدائرة حولها بمنتهى الحرص، وترد على كافة المسائل وتحتفي بالإشادة وتتقبل النقد البناء وتسعى لتمليك الحقائق وتوضيح الخفايا بمنتهى الشفافية والصدق، ولا أذكر على مدى مشواري الصحفي أنهم أغفلوا استفساراً أو بخلوا بتوضيح، كما أشيد بسرعة استجابتهم لكافة المناشدات والرجاءات، وكنت منذ أشهر خلت قد بعثت بمناشدة شخصية للسيد المدير العام لقوات الشرطة تتعلق بواحدة من المعاشيات التي تكابد محن المرض والحاجة ولا تملك سوى العشم الأخضر في قبيلة الشرطة التي خدمت بها قرابة خمسة وعشرين عاماً. وقد حاولت حينها أن أرضي رغبتها وأكتب ما تحتمه عليّ المسؤولية الصحفية والإنسانية دون أن أتوقع ذلك الكم الهائل من ردود الأفعال التي انهالت عليّ وعليها بالخير العميم من كافة الإدارات المعنية وعلى رأسها مكتب السيد المدير العام لقوات الشرطة، والإدارة العامة للتوجيه والخدمات، وإدارة الخدمات بولاية الخرطوم، حيث أمعنوا في تولي أمرها، وبادروا بزيارتها في عقر دارها لتفقد أحوالها باذلين لها العطاء المادي والمعنوي مؤكدين أن الشرطة للشرطة رحمة وإن طال الزمن، وأن قبيلة الشرطة تحرص على تصريف شؤون أبنائها سواء أكانوا في الخدمة أم خارجها، والحقيقة أن الأمر كان مفاجئاً لي فلم أتوقع أن يهتم قطاع الشرطة على أعلى مستوياته بأمر سيدة معاشية طاعنة في السن، فقط لأن قلمي الضعيف قد كتب مناشداً إياهم يوماً ما. ومنذها احترمت هذه القبيلة بالقدر الذي دفعني للتحسر على أنني قد خلعت بزتي العسكرية يوماً وتنازلت عن هيبة وسطوة ومزايا الشرطة السودانية المتطورة. { ومواصلة لما سبق، فقد أعربت هذه السيدة للوفد الزائر والمتمثل في سيادة العقيد الإنسان الخلوق الذي نعجز عن شكره (وديدي عبد الوهاب) من إدارة التوجيه والخدمات والمعني بشؤون المعاشيين؛ عن رغبتها في زيارة بيت الله بغرض الحج كأقصى أمانيها، ووعدها هو خيراً، وأنا أحسب أنها قد بالغت في إلقاء المسؤولية على عاتقه، كونها تركت الخدمة منذ سنوات خلت مما يجعل الأمر عسيراً وبعيد المنال، غير أنني فوجئت منذ أيام باتصالهم بها وتبشيرها بأنها ستكون ضمن بعثة الحجيج من منسوبي الشرطة لهذا العام، ومنذ أخبرتني بالأمر من بين دموعها وفرحتها العارمة قررت أن أقف على أمر هذه القبيلة الرائعة المتعاضدة التي تقوم بمثل هذه المبادرات النبيلة عن كثب. { وقد كان، وكنت حاضرة صباح الثلاثاء بدار الشرطة ببري لأشارك في وداع بعثة حجاج الشرطة برعاية الفريق أول/ هاشم عثمان حسين المدير العام لقوات الشرطة الذي أتحفنا بحديثه الطيب الوقور مؤكداً على اهتمام الشرطة بمنسوبيها أينما كانوا وكيفما كانوا على أساس أن التعاضد والتناصر مما يعين على العمل، راجياً من بعثة الحجيج أن يجزلوا الدعاء للشرطة كيفما يريدونها أن تكون وأن يسألوا الله أن يمكنها من تأمين المواطن وحماية الوطن، وأن يجعل الشرطي السوداني مثالياً وقدوة تحتذى، مذكراً إياهم بأن الحج مشقة كبرى والصبر عليها عبادة وكلما زادت المشقة والصبر؛ زاد الأجر، داعياً لهم في ختام حديثه بأن ييسر الله أمرهم ويعيدهم سالمين غانمين كيوم ولدتهم أمهاتهم. { أما سعادة اللواء/ طه جلال الدين، رئيس اللجنة العليا للحج، فقد حدثنا عن تفاصيل البعثة المكونة من حوالي 400 حاج، منهم المتقاعدون وأسر الشهداء، والأولوية لمن لم يؤدوا الشعيرة من قبل ومن شارفت خدمتهم على الانتهاء، مشيراً إلى أن حجاج هذا العام يتمتعون بمزايا جديدة أبرزها أنه قد تم سداد قيمة الإطعام عبر مؤسسات القطاع السياحي حتى يتفرغوا للعبادة ولا ينشغلوا بأمر الإعاشة. هذا وقد وقفت على كافة الإجراءات والمستوى العالي من الدقة والنظام والتعامل الراقي الذي تلقاه حجاج الشرطة منذ بداية التطعيم والكشف الطبي وتوضيح ما يلزم وتوزيع الأفواج على أمراء ذوي خبرة ودراية وحنكة وتوزيع مستلزمات الحج التي منها حقيبة سفر وزي خاص ومبالغ نقدية بالريال وشرائح شركة «زين» للاتصالات، كل هذا والأمراء يسعون بين أفراد البعثة بمنتهى التواضع والتفاني ورحابة الصدر باذلين الوعود بتقديم أقصى ما يمكنهم من تسهيلات لتكتمل المناسك على أفضل وجه دون أن يكون هناك فرق بين لواء ومعاشي فقد أُسقطت الألقاب والرتب وعومل الجميع على حدٍ سواء حتى خرج جميع الحجيج وهم في غاية الرضا والاطمئنان على أمل أن يعودوا للقاء مجدداً في الصباح الباكر من يوم السبت القادم بصالة الحجيج بمطار الخرطوم ويبدأوا رحلتهم الميمونة إلى الله في راحة وسعادة وبمنتهى الصدق والإخلاص. مع أمنياتي لهم بالحج المبرور والعود الحميد بإذن الله. { تلويح: لكل قبيلة الشرطة التي كانت عند حسن ظن الجميع خالص احترامي وامتناني، وأخص بالشكر الأخ العقيد/ مصطفى أبو الحسنين، لنشاطه الواضح بين البعثة، والأخ المقدم/التجاني سليمان، والأخ المقدم/ عادل محمد خيري أحمد، من الإدارة العامة للتوجيه والخدمات، وأمير الفوج التاسع لتواضعه وتهذيبه الجم ومسؤولياته الجسام التي أسأل الله أن يعينه عليها بقدر ما أولانا إياه من اهتمام ورعاية وتوجيه، ولكل قادة الشرطة في بلادي أطيب أمنياتي بالنجاح في مساعي التطوير والتجويد، هذا مع تحية الإسلام والتحية العسكرية.