تحية طيبة وبعد إن استطاع الإنسان أن يمسك أعصابه فهو في عيشةٍ راضيةٍ، أما إذا أفلت زمام أعصابه حتماً سيكون نزيلاً لدى مستشفى التجاني الماحي عليه ألف رحمة ورحمة. هذه المستشفى تقدم خدمة لا تقدر بثمن لأولئك الذين أثقلت الهموم كاهلهم من أعباء الحياة من نكد وتعب وشقاء فتتعرض أعصابهم للتلف ويدخلون بذلك في سجلات المرضى النفسيين. هذه المستشفى التي أكل الدهر عليها وشرب تحتاج الى إعادة تأهيل لأن من يزورها وبالطبع هو مرافق لمريض لأن المرضى الذين بداخلها، وحسب ظروفهم الصحية لا يدرون ما يدور حولهم وإلا كانت هناك مظاهرات واحتجاجات شبه يومية ليس لسبب واحد وإنما عدة أسباب، أهمها: إيجاد الراحة النفسية للمريض ولها عدة محاور، أولها ملاءمة المبنى من حيث الشكل والمواصفات. فمثل هذه الأماكن تحتاج الى الهدوء التام، بالإضافة الى الجماليات الهندسية من تصميمات متناسقة ذات مساحات واسعة تهتم بالخضرة مثل الأشجار الوارفة والزهور الخلابة وغيرها مما يشرح النفس وهذا وبكل أسف غير متوافر في هذا المبنى. هذا من ناحية والناحية الأخرى والأهم طريقة إدارة المستشفى وتوفير الكادر اللازم لتسيير العمل؛ فمنذ أن تدخل استقبال المستشفى يظهر لك البؤس خلف حجرة ضيقة كئيبة المنظر والمظهر ليس بها مكيف بل مروحة لها صرير والجواب يكفيك عنوانه. أما بالداخل فحدث ولا حرج، أكوام من البشر في مساحة ضيقة ذات حرارة مرتفعة طوال العام تضم المرضى والمرافقين على السواء، كلٌ ينتظر أن يسمع اسمه بطريقة بدائية تعتمد على الزحف السلحفائي. المصيبة الكبرى كيفية استخراج كرت المريض الذي ينتقل من مكان لآخر على صناديق قابعة في الأرض ولا أدري هل هي متسلسلة الأرقام أم تعتمد على التفتيش العشوائي، ويبدو الأمر كذلك حيث نجد أن بعض المرافقين لا يجدون كروتهم وإن وجدت تكون بعد معاناة أما الأطباء، جزاهم الله ألف خير، فهم يعملون في جو غير صحي إطلاقاً تنقصه النسمة الباردة التي تهون عليه القيام بعملهم؛ حيث يدخل عليهم المرضى من كل حدب وصوب وهم معذورون حيث يقومون باقتحام مقر الأطباء وربما يسمعون منهم ما لا يسر ولكن هم تحصنوا بما تقتضيه واجبات المهنة أعانهم الله. ولا أريد أن استرسل في نشر الغسيل أكثر من ذلك ولكني أوجه مناشدة لكل من أعطاه الله من فضله أن يتكرموا بإنفاق أموالهم في صرح من أهم الصروح الصحية والعمل علي إنشاء مستشفى تخصصي لمثل هذه الحالات فإن المرض النفسي أصبح ظاهرة لا تحتاج رؤيتها الى جهد؛ فشوارعنا مليئة بهم، أما داخل العنابر فتوجد أعداد مهولة من البشر. ولم أتطرق الى العنابر من أجل السترة وكذلك دورات المياه وغيرها رغم الجهد المبذول. وعليه أكرر المناشدة للشركات الكبرى ورجال الأعمال وأهل الخير والإحسان حتى يقوموا بدورهم المنشود والإنساني الكبير. جلال المبارك أبوزيد