هل حقيقة أن تغير النمط الاستهلاكي وزيادة عدد السكان وراء الإقبال الكبير على سلعة السكر؟ أم أن تدني الإنتاج الذي يغطي فقط (60%) من الاستهلاك وراء الإقبال، وكذلك وراء ارتفاع أسعار السكر؟! نعم، تمتلك حكومة السودان عدداً من المصانع، شملت شركة سكر كنانة التي يسهم فيها السودان بنسبة كبيرة، إضافة إلى المصانع الأربعة الأخرى التي تديرها شركة السكر السودانية وتشمل «حلفا، عسلاية، الجنيد، سنار». فالإنتاج ما يزال لا يتماشى مع الطلب المتزايد لسلعة السكر رغم الاجتهادات الكبيرة من قبل القائمين على أمر السكر بالبلاد لزيادة الإنتاجية. فالسودان يعتبر من الدول التي لديها ميزات نسبية كبيرة في إنتاج السكر، الأمر الذي دعا الكثير من مسؤولي السكر عالمياً إلى أن يطلقوا عليه «دولة السكر»، فهذه المقولة أطلقها تحديداً أحد تجار السكر البرازيليين وذلك عندما زار مصانع السكر بالسودان، كما أطلق كذلك على ولاية النيل الأبيض أنها ولاية السكر؛ لأنها تحتضن مصانع عسلاية، وكنانة، وسكر النيل الأبيض الذي سيدخل دائرة الإنتاج في 2011م بإنتاج أوليٍّ يبلغ (250) ألف طن من جملة الإنتاج المقترح والبالغ (450) ألف طن. أيضاً تحتضن ولاية النيل الأبيض المصانع المقترحة. الآن وبعد أن حدث استقرار في أسعار السكر ارتفعت أسعاره بشكل كبير وصل إلى أكثر من (140) جنيهاً للجوال الواحد، وذلك على الرغم من الإنتاج الذي بدأ مبكراً بالمصانع، حيث تخطط شركة السكر السودانية لإنتاج (330) ألف طن، وذلك في الوقت الذي تخطط فيه شركة كنانة لإنتاج (350) ألف طن، ليصبح إنتاج البلاد الكلي من هذه السلعة ذات الطلب المتزايد (680) ألف طن. إذن، الإنتاج المتوقع الكلي (680) ألف طن، فيما يبلغ الاستهلاك من هذه السلعة مليوناً و(200) ألف طن في العام، لتزداد حجم الفجوة وتبلغ مليوناً و(520) ألف طن. وما بين الفجوة والإنتاج المتوقع يزداد الاستهلاك وتتغير تركيبته ويزداد الطلب على السكر. «الأهرام اليوم» استنطقت نائب مدير شركة السكر السودانية فاروق محمود النص، الذي قال إن ارتفاع أسعار السكر الذي تشهده البلاد هذه الأيام جاء نتيجة لارتفاع أسعار السكر العالمية حيث وصلت حتى أمس إلى (728) دولاراً للطن لبورتسودان؛ بمعنى أنه عندما يصل إلى بورتسودان سيكون كالآتي: 728+80 دولاراً + 50 لتكون النتيجة 860 دولاراً للطن بالخرطوم. فهذه الزيادة العالمية قوبلت أيضاً بزيادة محلية، حيث تأثر سعر السكر بارتفاع سعر الصرف وارتفاع مدخلات الإنتاج، أيضاً الإقبال الكبير على السلعة إذا لم يقابل في نفس الوقت بالوفرة فإن ذلك ينعكس على زيادة الأسعار. فالسودان، ووفقاً للنص، قد زاد استهلاكه من السكر خلال الأعوام الماضية وذلك بسبب زيادة معدلات السكان بالإضافة إلى الاستقرار العائلي وزيادة دخل الفرد الأمر الذي يجعلنا نناشد المواطنين بترشيد استعمال السكر والاكتفاء فقط بما ننتجه محلياً وعدم الاضطرار للاستيراد فالسودان بحاجة إلى الدولار فبدلاً عن أن يتم الاستيراد كان لا بد أن تتم الاستفادة من الدولارات التي تذهب لاستيراد السكر. فهذا العام والحديث ما زال للنص ستستورد البلاد (400) ألف طن من خام السكر سيتم تكريره بالسودان.. فشركة السكر السودانية ستقوم بتكرير (200) ألف طن وشركة سكر كنانة (200) ألف طن وذلك لتغطية العجز من السكر الذي تقدر نسبته بحوالي (40%). وما بين ارتفاع أسعار السكر عالمياً وارتفاع سعر الصرف ومدخلات الإنتاج بالسودان برزت الزيادة التي نحسب أنها كبيرة حيث جاءت بنسبة (15%) ليس للمستهلك وإنما جاءت نسبة ال (15%) للسعر الرسمي للشركة، فسعر جوال السكر بشركة السكر السودانية كان بواقع (112.5) جنيه والآن وبعد زيادة نسبة ال (15%) بلغ سعر الجوال (127.5) جنيه ليباع في المحال التجارية بأكثر من (145) جنيهاً. فاروق النص يرى أن الحل الوحيد يكمن في ترشيد الاستهلاك ثم المخرج الكبير هو إنشاء المصانع الجديدة فهناك مصنع سكر النيل الأبيض الذي سيدخل دائرة الإنتاج في نوفمبر 2011م. بالإضافة إلى مصنع سكر النيل الأزرق الذي تشرف عليه شركة السكر السودانية، فالأيام المقبلة ستشهد بداية الخطوات العملية لسكر النيل الأزرق وذلك بعد أن «تقوم» الدولة بدفع المقدم للشركات الفائزة بالعطاء. أما سكر النيل الأبيض الذي تشرف على إدارته شركة سكر كنانة فسيبدأ بإنتاج أوليّ (250) ألف طن إلى أن يصل إنتاجه إلى المقترح البالغ (450) ألف طن، فلا شك أن إنتاج سكر النيل الأبيض سيسهم إسهاماً كبيراً في تقليل فجوة السكر وكذلك إنتاج سكر النيل الأزرق. الآن المصانع بدأت الإنتاج بصورة كبيرة، وذلك حسب الجدول الزمني الذي وضع، فحتى الآن أنتجنا (40) ألف طن، ونحسب أنه رقم كبير، وسيستمر الإنتاج حتى نصل إلى الرقم المقترح فهناك تخطيط لزيادة الإنتاج من أجل مقابلة الطلب ليصل الإنتاج إلى (500) ألف طن. أيضاً سيذهب سكر الصناعات للاستهلاك المحلي، وذلك بعد أن قررت المصانع الاستيراد، فحتماً الكميات التي كانت تذهب لسكر الصناعات سيتم إدخالها ضمن الاستهلاك المحلي. فمن ضمن الأشياء التي خططنا لها وتم تنفيذها من أجل تلافي الاختناقات، فقد وصلت ولاية الخرطوم حالياً عبوات السكر التي تزن كيلو.. تم إنتاجها من مصنع حلفاالجديدة عالي الجودة لتكون في متناول يد المستهلك، وأسعارها سيتم تحديدها لاحقاً بعد أن يتم تحديد تكلفة الورق ثم تضاف إليها الضرائب ليخرج بعد ذلك للمستهلك بأسعار في متناول يده. إلى ذلك أكد عدد كبير من تجار السكر ل «الأهرام اليوم» أنهم مضطرون لإعلان الزيادة على جوال السكر بعد أن أعلن رسمياً عن زيادة أسعاره عبر الشركات المنتجة للسكر حيث بلغت الزيادة نسبة (15%)، وقالوا إن السكر بالولايات ستتأثر أسعاره كثيراً حيث ستضاف نسبة الترحيل إلى الجوال الواحد. فيما استنكر المستهلكون الزيادة وذلك بالرغم من المبررات التي ساقتها الشركات المنتجة وتمثلت في ارتفاع أسعار السكر عالمياً بالإضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع مدخلات الإنتاج، ودعوا الجهات المختصة إلى ضرورة دعم السكر وتحمل نسبة الزيادة التي طرأت على الجوال وذلك في الوقت الذي انتقدوا فيه دعوة الجهات المسؤولة عن السكر إلى ضرورة خفض الاستهلاك وترشيده، وقالوا إن السكر هو السلعة الوحيدة التي تعيد توازن الجسم الذي هو بحاجة ماسة إلى سكريات في ظل فقدانه لعوامل التغذية الأخرى التي تتحكم الأسعار فيها وذلك على حد قولهم، أيضاً ذهب عدد من الاقتصاديين في ذات الاتجاه الذي ذهب إليه المواطنون مؤكدين ضرورة دعم سلعة السكر وأن تتحمل الدولة الزيادة التي طرأت إلى حين استقرار أسعاره عالمياً، وتساءلوا «من المسؤول عن ارتفاع أسعار الصرف التي تنعكس بصورة أو بأخرى على أسعار مختلف السلع؟»، ودعوا إلى اتباع سياسات أخرى غير التي اتبعها بنك السودان حالياً فالسياسات المعلنة حالياً لم تؤت أكلها إذ أن الدولار ما زال مرتفعاً وما زال يواصل الارتفاع لذلك قد نتوقع زيادة أخرى على سلعة السكر طالما أن أسعار الصرف لم تستقر بعد فيجب معالجة الخلل الداخلي أولاً ثم بعد ذلك نتحدث عن ارتفاع أسعار السكر عالمياً، فالأسعار العالمية متذبذبة وقد تنخفض اليوم أو غداً ولكن الدولار بالسوق المحلي لم يكن مستقراً كما أنه في ازدياد يومي كما أن أسعار المدخلات وارتفاعها الذي أدى إلى زيادة أسعار السكر «مرتبطة» هي الأخرى بسعر الصرف. إذن المسؤول الأول والأخير هو سعر الصرف، فابحثوا أولاً عن أسباب زيادته و«ضخوا» أكبر كمية منه إلى المصارف والصرافات لتحدث الوفرة، فالوفرة تؤدي إلى الانخفاض طالما أننا بدأنا في تقليل فاتورة الواردات.