لطالما اعتبر الكثير من النقاد وذوَّاقة الفن الرفيع، المطربة اللبنانية الكبيرة علامة من علامات الفن الأصيل، بصوتها البديع الذي يتجاوز المكان، ويخترق الأزمنة، الأمر الذي وضعها على قمة الفن الغنائي العربي منذ سنوات الستينيات من القرن الماضي، وإلى يوم الناس هذا. ويسعدنا أن نقدم لقراء (مسارات) محطات من مسيرة الفنانة الكبيرة، لنرتاح، قليلاً، مع القراء من «كلام السياسة» الذي ملأ الآفاق «ضجيجاً من غير طحن»، ولنستعرض للقراء الأعزاء من الجيل الجديد، هذه المحطات لمطربة ملكت القلوب بأدائها الرفيع، ومواقفها النبيلة، وصوتها العذب، وعطائها الجزيل لنحو خمسة عقود من الزمان، وقد «لملمنا» أطراف هذه المحطات من عدة مواقع إلكترونية، لنقدم أكبر قدر من المعلومات عن هذه النجمة اللامعة، من إطلالتها الأولى قبل نحو (50) عاماً، وظلت رمزاً للحب والجمال والنصرة، وما زالت. عند ميلادها، توافق والدها فلسطيني الجنسية وديع حداد، ووالدتها اللبنانية ليزا البستاني؛ على تسميتها «نهاد»، وكان ذلك في (21 نوفمبر 1935)، ولدت «نهاد» في بلده «الدبية» إحدى قرى قضاء الشوف في محافظة جبل لبنان، كانت عائلتها فقيرة، انتقلت لتعيش في بيت بسيط في منطقة «زقاق البلاط» في بيروت وهي صغيرة، وكان والدها - هو وديع حداد، فلسطيني من الناصرة - يعمل في مطبعة «لوجور»، ووالدتها لبنانية تدعى ليزا البستاني - توفيت في نفس اليوم الذي سجلت فيه فيروز أغنية «يا جارة الوادي» - واشتهرت من صغرها بغنائها بين أفراد العائلة وفي تجمعات الحي، وبدأت عملها الفني في عام 1940 كمغنية كورس في الإذاعة اللبنانية عندما اكتشف صوتها الموسيقي «محمد فليفل» وضمها لفريقه الذي كان ينشد الأغاني الوطنية، وألف لها «حليم الرومي» مدير الإذاعة اللبنانة أول أغانيها ومن ثم عرَّفها على عاصي الرحباني الذي أطلقها في عالم النجومية. و»نهاد» التي أصبحت «فيروز»، بعد أن أطلق عليها مدير الإذاعة اللبنانية حليم الرومي هذا الاسم الفني، مغنية شكلت مع زوجها الراحل عاصي الرحباني وأخيه منصور الرحباني المعروفيْن بالأخوين رحباني؛ ثورة في عالم الموسيقى والغناء العربي. وكانت انطلاقتها الجدية عام 1952 عندما بدأت الغناء لعاصي الرحباني، وكانت الأغاني التي غنتها في ذلك الوقت تملأ أثير موجات الإذاعات الناطقة بالعربية وغيرها، وبدأت شهرتها في العالم العربي منذ ذلك الوقت، وكانت أغلب أغانيها آنذاك للأخوين عاصي ومنصور الرحباني اللذين يشار إليهما دائماً بالأخوين رحباني. نواصل