{ في العراق، الذي مازال خاضعاً للاحتلال الأمريكي، تجددت مطالبة الأكراد بحق تقرير المصير، وقال زعيمهم مسعود البرزاني: «إن الأكراد مثل أي شعب لهم الحق في تقرير المصير». { ومن فترة والأكراد في شمال العراق يتمتعون بدرجة عالية من الحكم الذاتي. وإذا ما تحقق مطلب تقرير المصير فإن النتيجة سوف تكون هي الانفصال عن العراق وإقامة دولة كردية مستقلة في شماله الغني بالنفط، على وزن أبيي الغنية بالنفط. { والأكراد شعب عريق لكنه بلا دولة؛ فهم موزعون على بعض الدول منها تركيا وإيران وسوريا.. والأرجح أن تعارض هذه الدول إقامة دولة كردية مستقلة في شماله العراقي. { وجزمنا بأن تقرير المصير إذا ما طُبِّق في العراق؛ فإن نتيجته سوف تكون انفصال الأكراد عنه لأسباب؛ منها أن أية مجموعة عرقية في أي وطن من الأوطان إذا ما مُنحت حق تقرير المصير؛ فإنها تختار الانفصال عند ذكر الوطن، حتى لو كان ذلك الوطن هو الولاياتالمتحدةالامريكية كما قال العالم المصري الراحل الدكتور صوفي أبوطالب. { وحاول بعض الكُتّاب الصحفيين العرب، ومنهم الأستاذ اللبناني مرسى عطا الله، تحميل مسؤولية المطالبة بتقرير المصير، سواء في العراق أو السودان، للجانب العربي المهيمن على الحكومة المركزية في كل من بغداد والخرطوم، الذي استخدم القوة والعنف والوحشية ضد الأكراد في الشمال العراقي وضد الجنوبيين في الجنوب السوداني. { ونتحدث عن الجنوب ونعيد أن العنف الذي استخدمته الحكومة المركزية في الخرطوم تمَّ في إطار المحافظة على وحدة البلد وفي إطار حق أية حكومة مركزية في قمع أية حركة مسلحة داخل الدولة. ولو أن الجعليين، مثلاً، حملوا السلاح مطالبين بإقامة دولة عربية جعلية عباسية في المنطقة الممتدة من الجيلي جنوباً إلى (أبوحمد) شمالاً؛ لكان من أوجب واجبات الحكومة المركزية بالخرطوم أن تقمع هذا الحركة؛ فوحدة الوطن خط أحمر. { وربما كان النقد الذي يمكن أن يوجَّه للحكومة المركزية بالخرطوم أن القوة التي استخدمتها إزاء الحركة المسلحة في الجنوب اتخذت بُعداً دينياً استغلته هذه الحركة ووظفته لصالحها وكسبت به دعماً واسعاً في الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا وإسرائيل وهي جميعاً معادية للإسلام. { بلدان كبيران غنيان بالبترول وغيره من الموارد الطبيعية وبالفرات ودجلة والنيل وبشعبين متميزين وبالتاريخ والحضارة ...إلخ.. هذان البلدان، العراق العظيم والسودان العظيم، مهددان بالتقسيم كل منهما إلى دولتين وربما أكثر وهي خسارة ما لفداحتها مدى. { ولقد كان للجانب المهيمن على الحكومة المركزية، الذي هو عربي أو ناطق بالعربية في معظمه، دور في ما وصلنا اليه، ذلك صحيح، لكن الصحيح أنه كان للآخرين أيضاً دور.. وهؤلاء الآخرون هم أولئك التواقون للانفصال هنا وهناك وكان من أخطائهم الجسيمة أنهم سمحوا للقوى الخارجية المتربصة الحاسدة الحاقدة الكارهة باختراقهم منذ أيام مصطفى البرازني ومؤسسي حركة أينانيا.. وما أطول هذه القصة..!!