شروق أبوالناس صوت أثار جدلاً كثيفاً في الفترة الماضية ولاقت موجة عاصفة من النقد من خلال ما تقدمه كما أنها تعاملت مع كبار الشعراء والملحنين .. وبرغم ذلك لم تجد حظها من القبول والانتشار الكامل. شروق تقضي هذه الأيام إجازة قصيرة وسط الأهل والأحباب بالخرطوم ورغم أنها وجدت عروضاً من دبي (مكان إقامتها) لقضاء رأس السنة هناك إلا أن إصرار أصدقائها ربما رجح بقاءها هنا لإحياء حفلات العام الجديد بدوافع حبها للجمهور السوداني. سعينا للقاء بها في محاورة مزدوجة ما بين الاتهام والاهتمام .. فمعاً عزيزي القارئ لنطالع إفاداتها؟ شروق دعينا نفتتح بسؤال قد يكون تقليديا ولكن أكثر الناس لا يعرفون كيف بدأت شروق الولوج للغناء؟ أجبت على هذا السؤال من قبل ولكن ربما لم تصل إجابتي لأحبتي القراء .. وأقول بدأت بداية العصفور عندما تتفتح عيناه على الغدير والأزاهر والحياة المبدعة بالاخضرار .. كان بيتي وأسرتي في ابوظبي ينعم بوالد له صلة بالغناء والموسيقى وصداقات في أوساط المغنين الرواد أمثال حسن عطية وآخرين واستمعت لهذه الغناء الدافئ في مكتبة والدي الصوتية وتناهى لمسمعي وأنا طفلة أنغام هي أصلاً جزء من تكويني ووجداني ومن ثم بدأت معرفة كل ذلك بعد أن سمعت أغنيات أخرى عربية وخليجية وبدأت في مراحل سني الدراسة الأولى أشدو همساً ثم استمع لي الكثيرون وأشادوا بي وعلى فكرة في أسرتي أخوات يغنين كذلك ولكنهن لم يحترفن الغناء ثم لاحقاً استمع لي الموسيقار يوسف الموصلي وأبدى استعداده لمساعدتي على الغناء جهراً كنت حينها أغني في المناسبات الرسمية في أبوظبي وأردد أغنيات مسموعة الى أن بدأ الموسيقار الموصلي في إعداد ألبومي الأول (عافية المطر) والذي ولحسن حظي جاء يحمل توقيع شعراء أفذاذ ولهم باع في الساحة الغنائية الكتيابي، مدني النخلي، د. معز عمر بخيت، ود. كوباني واغنية مسموعة للشاعر حلنقي وقد نجح الشريط الأول في إيصال صوتي للمستمع السوداني هنا في الوطن وكانت هذه الطريقة الوحيدة للوصول لأسماع أهلي في الوطن برغم أن توزيع الألبوم لم يكن مدروسا وأعاقته أمور إدارية إلا أني عبرت أيضاً عبر الأجهزة المرئية من قنوات سودانية وقدمت أولى أعمالي بها. كثير من الناس لا يعرفون شيئا عن حياة شروق أبوالناس الخاصة، كلمينا عنها؟ أنا خريجة معامل مختبرات القاهرة وعملت بهذا المجال لعدة سنوات في أبوظبي ومتزوجة من الأستاذ ياسر محمد عثمان ولي طفلة وطفل لارا وأحمد والآن تفرغت من العمل واحترفت الغناء. الفنان والزواج؟ الزواج أمن وأمان واستقرار وبحمدالله وهبني زوجا يتفهم مشروعي الغنائي ويساهم معي في دفع عجلة تطوري كثيراً. هل أخذت طريق الغناء بقناعة أم أنه مجرد ظهور مرحلي؟ أنا أقدم ما أحس بأنه مفيد لذلك قناعاتي بأن الفن مسؤولية ولذلك تجدني أصارع في التنسيق لوصول أعمالي رغم وجودي بعيداً عن ساحة الغناء بالوطن ولكني في كل سانحة أمثل بلدي خارجه وأغني باعتباري أحمل اسم الأغنية السودانية ولا يهمني الظهور بقدر مسؤوليتي تجاه عمل يصل للناس ويعبر ويضيف ويشرف بلدي. منذ بداياتك إلى الآن أعمالك محدودة ولم تتطوري لماذا؟ أنا قدمت عملاً كبيراً في ألبومي الأول وطرحته للمستمع وقد نال قسطا من الحوار والنقد لا بأس به سلباً أو إيجاباً وأنا أومن بالتجريب وأتأنى في البحث عن صيغ جديدة لأغنية جديدة والآن أعد لأعمال تعتبر حسب نظري إضافة لما قدمت مثل (موال الحب) لمدني النخلي ولارا أغنية أطفال لمدني أيضاً وهما من ألحان الفنان طارق خيري الذي يقدم شكلا موسيقيا متقدما في هذه الأعمال وستصل لكم قريباً في كليبات وأغنيات مسموعة إن شاء الله. نظرتك للفن هل مادية أم خلفية غير ذلك؟ لم أدخل لهذا المجال بحثاً عن مادة وبحمدالله مستورة وأنا مستقرة مادياً ولكن أنا أروي ظمأ روحي للغناء، الغناء الذي يسعدني ويسعد المستمع لي وهذا لا يقدر بمال أبداً. اعتمادك على شكلك وجمالك أكثر من عطائك الغنائي؟! (تضحك وتنظر نظرة متأملة).. الجمال هبة الله للخلق وأي عمل يغلفه الجمال هو عمل ناجح أنا لا أقدم عرضا لمسابقة ملكات جمال .. ولا أرى أن ذلك هو هدفي رغم إيماني بأني إنسانة عادية ولكن إذا طغى شكلي وصار حديث الناس هذا ليس مسؤوليتي بل هي نعمة الله لي، ولمن يراني هكذا الشكر لأنه أشاد بي .. لكني أقدم غناء وفنا ربما يكتمل بالجمال ولكن هو في حد ذاته جمال، نعم الغناء هو الجمال الذي أنشده وليس شكلي. عدم استقرارك بالسودان وعدم مواكبة الساحة الفنية ألا يشكل ذلك عقبة في طريقك؟ نعم .. اتفق معك أنا أعاني من البعد (وما بعد الحبيبة إلا شقاء) والحبيبة هنا في قول النخلي هي الوطن وأنا أبحث عن الوطن .. الاستقرار .. العطاء .. الغد .. الحياة ووجودي بالسودان طريق معبد لاستمرار تجربتي في الغناء السوداني على الأقل .. أما الغناء الخليجي والعربي الذي أقدمه وأجيده بحمد الله فأنا أغطي مساحته وبكل الإصرار والتفوق بشهادة من سمعني .. وأسال الله أن يلم شملي وشمل كل غائب بوطنه. تعاملت مع شعراء كبار د. المعز. مدني النخلي، عبدالقادر الكتيابي، وآخرين ولملحن وموسيقي بقامة حلم ووطن يوسف الموصلي كيف حدث هذا وأنت في بداية خطك الغنائي؟ وهل دفعوا بك إلى الاستمرارية أم تبحثين عن ملاذ آخر للكلمة والنغم؟ أشكر هؤلاء الشعراء وهم يقدمونني لقناعات الشاعر بإحساس الملحن والموسيقار الذي قدمني بإطراء وتشجيع للغناء الموصلي ومدني النخلي بدأت صلتي به منذ بداية العام 1995 وكان هذا في قطر، واستمع لي وتعامل معي كذلك الكتيابي كان معنا في أبوظبي واستمع لي دكتور الكوباني وكذلك قادتهم قناعاتهم بإسهامي المتواضع في أن نرسم لوحة غنائية معاً وإلى الآن لا زلت أتعامل معهم وأضف إلى ذلك أن شرفني شاعر الشعب محجوب شريف بنص أغنية (أم اليتامى) من ألحان الموسيقار حمزة سليمان وهو نص إنساني يجزل الوفاء للمرأة المكافحة الوفية العفيفة وأنا فخورة بانتماء صوتي لشاعر بقامة محجوب شريف في هذا العمل الكبير. تلاحظ أن هنالك احتكارية بينك وبين الشاعر الدكتور المعز عمر بخيت؟ أنا أتجول في بستان وحديقة الشعر الغنائي السوداني وغيره العربي .. والخليجي ولا أهتم بصوت واحد شعري ولكن ربما حدث أن غنيت عملين في ألبومي لمعز وحمل الألبوم اسم أغنيته المكتوبة بالفصحى (عافية المطر) وأنا أبحث عن الجديد في كل الأصوات الشعرية ولست حكراً لصوت دون آخر ويهمني جودة العمل وعلاقتي بالنص ونوعيته. بعد تجربتك الغنائية في مسلسل حنين الأماراتي مع المخرج الطريفي لم تكرري ذلك، هل هنالك مشاريع أعمال جديدة درامية أو تلفزيونية أو سينمائية؟! لم أكرر تجربة الغناء في المسلسلات ولكني إذا وجدت العرض المقنع للأداء الصوتي في مسلسل أو عمل درامي أو سينمائي فأنا وبحمدالله جديرة بذلك حسب رأي من شجعوني للغناء في مسلسل حنين وربما سيكون هنالك أعمال من هذا النوع قادمة. واذكر أن الشاعر الإنسان هاشم صديق ألمح لي ذات مرة إلى إمكانية الغناء في أعمال درامية باللغة الإنجليزية وعمل دور في مثل هذه الأعمال وربما تتاح لي إمكانية ذلك مستقبلاً «فالفنان داخلي لا تحده حدود وطموحي نحو المزيد لاينتهي». هل يمكن أن نقول إن الإعلان والموديل ووسائط كهذه يمكنك إجادتها مثل رفيقاتك مونيكا وإيمان لندن؟ لكل وجهته في اختيار ما يؤدي وأي عمل إعلاني أو دعائي تفترضه شروط غير شروط الغناء الفردي والجماعي. فنان يهز وجدانك وترحلين معه إلى مدن أنيقة الدهشة والأرجاء؟ هو فنان يغني ملء روحه الدفاقة بحب الناس والجمال .. هو فنان يحمل للناس بشريات الزمان الجميل والحياة الأفضل والحب والسلام، هو أو هم كُثر من أشير إليهم في هذا الرد .. ونحن على مشارف ذكرى رحيل الفنان الكبير مصطفى سيد أحمد دعني أترحم عليه وأضيء شمعة للحب في ذكراه. هل يقلق مضجعك النقد الفني؟ النقد هو تصحيح مسار وطرح رؤى وأفكار يحتاجها الفنان وهو أرض الواقع التي ينطلق منها ولا أكترث للذي يحاول التجريح ويخرج عن مضمونه .. ولكن احترم النقد الهادف البناء الذي يساهم في ترقية الأداء والتقييم. ختاماً .. هل تفتقر شروق إلى هوية غنائية أو تتجول في أرصفة المجهول بالغناء؟ عكس ما تقول أنا أقف على أرض ثابتة وأعتز بالغناء بصوت واسم السودان لأني ابنة السودان .. أما علاقتي بأغنيات غير سودانية فهي جزء من تجربتي للغناء الذي أنتمي له بحكم النشأة هنا وتكويني الإنساني المتصل عربياً وأفريقياً.