{ مثلما تضرب الفوضى أسواق اللحوم، الخضروات، الفواكه، الألبان، الزيوت، وجميع السلع الاستهلاكيَّة (المحليَّة)، و(المستوردة)، فإنَّ ما يحدث في سوق (الدواء) شيء آخر.. مفزع ومؤلم ومبرح! { مرضى «السكر» وضغط الدم و«الكوليسترول» والسرطان وأمراض القلب، وغيرها، يعانون أشدَّ المعاناة من ارتفاع أسعار الأدوية والعقارات المعالجة، وسط غياب تام لأجهزة الدولة الصحيَّة، المنوط بها التدخُّل لإغاثة مئات الآلاف بل ملايين الأشخاص المنهكين بأمراض العصر الفتَّاكة، والمنهكين بارتفاع أسعارها!! { كم عدد المصابين في السودان بالسكَّر، والضغط، وارتفاع «الكوليسترول» في الدم؟ وكم منهم أعضاء في (حزب الفقراء).. حزب الغالبيَّة العظمى في بلادنا؟ { هل تعلمون كم تكلِّف علبة أقراص علاج «الكوليسترول» من صيدليَّات «الخرطوم»؟ ربما لاتعلمون. { العلبة الواحدة التي تحوي (28) قرصاً، تكلِّف (130).. مئة وثلاثين جنيهاً..!! { أقراص علاج «السكَّر» من نوع «أماريل» وفيها (10) عشرة أقراص فقط، سعرها (17) جنيهاً..!! { «فتيل» حقن الأنسولين قيمته (27) جنيهاً، وأقراص علاج ضغط الدم تكلِّف (26) جنيهاً!! { وكلُّ هذه الأدوية خارج مظلَّة (التأمين الصحي).. وبطاقته المخصَّصة لدعم العلاج. { إذن، هي فاتورة باهظة جداً، ترهق كاهل المواطن الفقير المريض الذي لا حول له ولا قوة، والحكومة غائبة، ووزارة الصحة غائبة، والتأمين الصحي غائب، والإمدادات الطبيَّة غائبة، ورغم غيابها يسعى البعض في إدارتها، وإدارة القطاع الصحي، إلى (خصخصتها)، لتتخلَّص - تماماً - من مسؤوليَّاتها تجاه الشعب السوداني، حتَّى في توفير أمصال «السحائي» و«الكوليرا» وغيرها من الأمراض (الوبائيَّة)!! { فاتورة العلاج لجميع الأمراض والعمليَّات الجراحيَّة باهظة للغاية، وفوق طاقة واحتمال غالبيَّة المواطنين. { وحتَّى المضادَّات الحيويَّة لمداواة الالتهابات ونزلات البرد، ترهق قيمتها الكثير من أهل السودان، مما اضطرَّهم إلى الرجوع القهقري إلى العلاج الشعبي، ب «القَرَض» و«زيت السمسم» و«عسل النحل» و«الحرجل» و«الجردقة» و«المحريب»..!! { يجب أن يتحرَّك (التأمين الصحي) باتِّجاه توفير الدعم لعلاج الأمراض المزمنة وعلى رأسها السكَّر، وضغط الدم.. عاجلاً غير أجل. { عافاكم الله.. وحمانا وحماكم، وجمعة مباركة.