{ أتظن خيراً بالمثل (الرقص نقص)؟ اذن أدعوك أن ترقص معي..! نعم فالرقص رياضة الروح التي تجعلها تتخلص من فائض العرق والشحوم والسموم البادئة من الكآبة ولا تنتهي عند الحزن والملل. وانظر في ذلك لميل الأطفال تجاه الرقص الذي لا علاقة له بجينات الصرامة الحازمة التي تجعل الأهل يظنون ظن السوء بالرقص حيث أنه تتبعه تعليقات ووصمات لا يحبون أن تنتمي إليهم وتلتصق بذريتهم. لكنه ميل له علاقة بروحهم النقية التي لا تستطيع صبراً مع الموسيقى فتميل تجاه أن ترقص ولو كانت بلا إيقاع متزن ومتوافق المهم أن تتحدث كما تسمع وترى الالحان. وفي هذا يتفق الجميع باختلاف المكان حيث أن الكثيرين وبحكم الموروث يثبتون على قدم واحدة تعذيباً لروحهم كي يتمكنوا أمام الجمع من الثبات بحزم تجاه إغراءات الموسيقى بالرقص وإذا قلقت روحهم تجاه أن يرقصوا قاموا بهز الرأس كي لا يسمعوا هم صوت خطوات روحهم الراقصة داخلهم. { وداخل خطوات الرقص راحة غالبة لكل تعب ووهن جعلت العلم الحديث يتخذه واحداً من الفنون المساهمة في العلاجات النفسية للأمراض المستعصية الهازمة للنفس والجسد. فقد أثبتت الكثير من الدراسات أن ممارسة الرقص تخف من رهق النفس وتسيطر على حالات عنيفة لا تستجيب إلى العقاقير. ونظراً لأن الرقص موجود في كل الحضارات القديمة وكل الثقافات فإن ممارسته كنوع من العلاج للكثير من المشاكل الصحية الجسدية كالسمنة والآلام المفاصل ...إلخ.. والنفسية كالاكتئاب والهلوسة بل حتى متلازمة الثنائية القطبية. ويجد استجابة عالية في كثير من بلدان العالم حتى العربية حيث أنه مستقر في الثقافات كنوع من الفنون الراقية التي تسمو بالروح والجسد. { وتتجسد حالات الرقص السودانية في الاستمتاع بمشاهدة الراقصين والراقصات في الفرقة القومية للفنون الشعبية التي بدأت تتلاشى لعدم الاهتمام بها كما يجب، أو في أفضل الأحوال بمشاهدتهم في الحفلات الخاصة لهذا حينما تسربت إلينا الفرقة الإثيوبية بسماحة روحهم الفاعلة للرقص كنوع من الغذاء المفيد لهم ولنا - لا شك - فغرنا أفواهنا لهذه البراعة والليونة في العظام والخفة في اللحم واحترنا كيف يفعلونها هذه الحركات؟! لكن إذا استعرضناها بحركة بطيئة سنجدهم منذ صغرهم غير مقيدين بسلاسل العيب لفعلها ومنطلقون بروح أنيقة لا يستحون بالدعوة له. فيقومون للرقص نفوسهم نظيفة وأجسادهم خفيفة ورقصاتهم ظريفة. { والظروف السياسية جعلت رقصنا ضنيناً على أجسادنا ونفوسها الممتلئة بالحزن والخوف على الغائبين والحاضرين والمتوفين في حروب أو نزاعات الهاربين ...إلخ.. وحينما نغتنم فرصة فرح خميسي أو حينما إجازة ننتظر أن يقوم به عنا البعض ليسقط عن أجسادنا نحن بسبب التعب والعجز وثقل الروح ونكتفي بالتصفيق كأنما الموسيقى وحدها لا تكفي..! البعض يكتفون بالرقص داخل غرف مغلقة بظلام دامس يخجل من أن يشاهد راقصاً كي لا تنقص درجاته العالية عند الناس وفي نفسه. { والنفوس العاجزة من ملاءمة الرقص لعدم اتزانها الداخلي تحاول اختراع صفات مشينة تسود بها ساحة الراقصين كي يستطيعوا الفرجة بلا تأنيب نفس لهم كيف لا يرقصون؟ سؤال حاول إجابته ذات نهار الفنان (استيفن اوشيلا) قائد فرقة أوروباب الاستعراضية بمحاولته المقدرة بفتح مدرسة لتعليم الرقص للجميع، مؤمناً بأنه شفاء للنفس والجسد قبل أن يكون استمتاعاً بفن راقٍ، ورغم مواصلته في الفرقة تاركا أمر المدرسة إلا أنه استطاع أن يجعل المنتمين إليها ذات مساء يتمكنون من التفريق بين الشد العضلي بسبب فيزيائي أم نفسي، واستطاع تحويل أنظارهم إلى فن متجاهل من الفنانين نفسهم مجاهرين بذاك المثل الناقص. { وبنقص فكري كانت المعارضة تسخر من رقص السيد الرئيس (البشير) فلم يدع لها مجالاً للصفقة، مواصلاً ببساطة وأناقة نفسية قيادة جماعة مختلطة وملخبطة. فأثبت أن من رقص ما نقص، بل ارتفع درجات بروحه السمحة عند الناس الضد والمع. ومن رقص كشف نفسه بكامل تسامحها ونقائها ومن رقص فضح بشكل واضح من هو الذي يجب أن نخافه بسبب نفسه المعقدة والمريضة غير الراقصة. وأن من رقص قدم لنا فرصة مؤاتية أن نرقص معه بدلاً من أن نتفرج فقط ونصفق..!