وقعت عيناي مؤخراً على هذه القطعة النثرية المختارة فآثرت أن أنقلها لكم لتعم الفائدة: { أربعة أشياء تجعل الرجل يرفض فكرة أن يعتذر للمرأة: أولاً: لدى الرجل قناعة مطلقة لا تتزعزع بأن المرأة لا تسامح ولا تنسى الإهانة، ولذلك يقول في نفسه إنه لا جدوى من اعتذاره لها لأنه لن يفيد بشيء، فهو إذاً يوفر على نفسه عناء ومشقة الاعتذار ومذلته ويختصر الأمر في ألا يعتذر من الأساس. ثانياً: يرى الرجل أن قلب المرأة «أسود»، وأنها ستظل تذكر له الخطأ الذي ارتكبه دائماً وتتخذه ذريعة لإذلاله ومعايرته، وستتحين الفرص لتمن عليه بمسامحتها إياه يوم أخطأ وكيف أتاها معتذراً وتفضلت عليه بالقبول على اعتبار أنه كان نادماً وحسيراً كما تعتقد، فيقرر ألا يعتذر حتى لا ترسخ معتقداتها هذه في ذهنها. ثالثاً: لا يريدها أن تتكبر وتتغطرس وتشعر بالأهمية وتظن أنه لم يحتمل غضبها عليه فأتاها زاحفاً مؤدياً فروض الولاء والطاعة، وهو يعلم - كرجل شرقي - أن ثقافة الاعتذار غير سائدة في مجتمعه وأن هذه الزوجة لن تقدر قيمة اعتذاره أبداً بل ستتعالى عليه وتعامله معاملة السيد للعبد، ويصور لها اعتذاره كم هي مهمة وقوية فتستبد وتغتر. رابعاً: يعلم الرجل أن المرأة تريد أن يتعامل معها شريكها بشكل ثابت لا يتغير، كي لا تتفاجأ بتصرفات وانفعالات غريبة وغير متوقعة، وإذا قام الرجل بالاعتذار لها فسوف تعتقد أن هذا هو أسلوبه وديدنه في الحياة، وستفرح بذلك ويستهويها الأمر فتعتاد عليه ولا ترضى عنه بديلاً فيما بعد، والرجل يخشى من حدوث ذلك وما يترتب عليه من «حرد» وزعل على (الفارغة والمليانة) في انتظار أن يعتذر هو دائماً لصاحبة الجلالة زوجته، فهو إذاً يفضل أن تعتاد زوجته على الصبر والاحتمال والبكاء في صمت حتى إذا ما اعتذر - يوماً ما - كان ذلك تفضلاً منه وليس واجباً عليه. { انتهت المبررات.. ولكننا بدورنا «ننداح» ونذكر سبباً أغفله الكاتب، وهو أن الرجل الشرقي لا يفتأ يخطيء ويخطيء حتى باتت أخطاؤه عديدة ومتكررة حتى إذا ما فكر في الاعتذار عنها أصبح الأمر مملاً وممجوجاً لا تحتمله حتى المرأة من فرط تكراره حتى فقد مصداقيته وصداه لديها، لهذا يتحايل الرجل ويختبيء خلف شخصيته الفظة الغليظة ليهرب من ضعفه وإحساسه بالضآلة أمام نفسه وأمام أي امرأة في محيطه فيوثر السلامة بالترفع عن الاعتذار الذي يرى فيه ضعفاً وقلة حيلة، والشاهد أن الرجل عندما يخطيء ويشعر بذلك يبادر لقلب الطاولة وتبديل المواقف باتخاذه لردود أفعال تشعر المرأة تدريجياً بأنها المذنبة وسرعان ما نجد المسكينة تبادر هي بالاعتذار عن ذنب لم ترتكبه لأن الرجل ببساطة استخدم حيله وسلطاته ليربك إحساسها وتفكيرها فتنسى فعلته وتنشغل كلياً بمحاولة إرضائه! { تلويح: اعتذارك.. ما بفيدك..