يظهر أن الأوروبيين الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي التي هي أقوى تكتل عسكري في العالم لا يدفعون! لتتحمل بالتالي الأعباء المالية كلها أو معظمها الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهذا ما لن يقبل باستمراره الناخب الأمريكي. وكان حلف شمال الأطلسي قد تأسس بعد الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945م، وقد أنشيء في فجر الحرب الباردة عندما كان العالم منقسماً إلى معسكرين؛ أحدهما رأسمالي ديمقراطي تقوده الولاياتالمتحدة الأميركية، والآخر اشتراكي شمولي يتزعمه الاتحاد السوفيتي، ولما انتهت الحرب الباردة عام 1991م بانتصار الولاياتالمتحدة وانهيار الاتحاد السوفيتي ومعسكره ودخل العالم مرحلة ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، حيث الأحادية القطبية والعولمة والديمقراطية وحقوق الإنسان والشفافية، كان من رأي البعض أنه لم يعد هناك ما يبرر استمرار حلف شمال الأطلسي. لكنه استمر وكان بين وقت وآخر يجد عدواً ويجد أن في التصدي له ما يشغله وما يبرر الصرف الباهظ عليه.. وكان أحياناً يتصدى لمهام أخرى مثل حماية المدنيين عندما ينشب صراع مسلح أو حرب أهلية في أحد الأقطار، ولن تكون آخر مهامه ما يضطلع به الآن في ليبيا ولكن يبدو أن الوضع داخل الحلف ليس مطمئناً خاصة عندما يأتي التذمر والاحتجاج والنقد من أقوى أعضائه أي الولاياتالمتحدةالأمريكية. فقد كتب المراسل السياسي لجريدة «ذي تيليجراف» اللندنية - عدد السبت 11 يونيو 2011م ما يلي: «في تحذير واضح للحكومات الأوروبية قال روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي: في المستقبل قد يرى قادة الولاياتالمتحدة أنه لا معنى لأن يسد دافع الضرائب الأمريكي فجوات الأمن العالمي الناجمة عن تقصير الحلفاء. وسخر روبرت جيتس مما تقوم به الدول الأوروبية في ليبيا. وقال إن الولاياتالمتحدةالأمريكية أضطرت لسد النقص فقد اتضح أن الحلفاء الأوروبيين لا يملكون ما يكفي من قنابل وصواريخ. وأضاف وزير الدفاع الأمريكي جيتس قائلاً: بمرور الوقت قد يرى القادة الأمريكيون إن التعاون العسكري مع أوروبا انفاق لا ضرورة له. لقد كان من المقرر أن تدفع كل من الدول الأعضاء في الحلف وعددها 28 «2%» من دخلها القومي على الدفاع ولكن أربع دول فقط هي التي تفعل ذلك. وانتقد جيتس الحكومات الأوروبية لفشلها في تحديث قواتها المسلحة لتعمل بكفاءة عند الحرب. وعن غارات حلف شمال الأطلسي على ليبيا لقد أنفق أقوى حلف عسكري في التاريخ أحد عشر أسبوعاً في عملية ضد نظام بائس التسليح في بلد قليل السكان، ورغم ذلك فإن بعض الحلفاء الأوروبيين أخذوا يعانون نقصاً في الذخيرة ويطلبون من الولاياتالمتحدة المزيد من الدعم. إذن وإذا ما استمر حال منظمة حلف شمال الأطلسي على هذا النحو الذي صوره وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس، وفي حالة استمرار غياب عدو عالمي من الوزن الثقيل كما كان الوضع خلال وجود الاتحاد السوفيتي فإنه قد تأتي لحظة يصبح فيها مصير حلف شمال الأطلسي مطروحاً للنقاش خاصة من جانب دافع الضرائب الأمريكي.