قفزت القضايا الخلافية بين شريكي الحُكم (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) وعلى رأسها أبيي وجنوب كردفان ب(الزانة) إلى الخارج، وذلك لمناقشتها عبر وسطاء في دولة جارة.. وها هو رئيس الجمهورية؛ المشير عمر البشير، ونائبه الأول رئيس حكومة الجنوب؛ الفريق سلفاكير ميارديت، بعد فترة طال أمدها التقيا ظهر أمس (الأحد) بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في اجتماع رباعي مُغلق، بمشاركة رئيس الوزراء الإثيوبي؛ ملس زيناوي، ورئيس لجنة الاتحاد الأفريقي؛ ثامبو أمبيكي، لبحث القضايا العالقة بالتركيز على جنوب كردفان وأبيي لتقريب وجهات النظر حولها، جدير بالذكر أن الاجتماع المغلق يأتي قبل الاجتماع الموسع الذي سيضم أعضاء الوفود لبحث القضايا العالقة بين شريكي اتفاق السلام الشامل، بخاصة قضية (أبيي). مفاوضات أديس أبابا وجدت دعماً دولياً كبيراً إذ دعا الاتحاد الأوربي الحكومة إلى وقف الأعمال التي وصفها ب(الحربية)، والبحث عن حل تفاوضي للأزمة في ولاية جنوب كردفان، ودعت وزير خارجيته كاثرين آشتون في تعميم صحافي تلقته (الأهرام اليوم) أمس (الأحد) الحكومة إلى وقف البحث عن حلول عسكرية لنزع سلاح الجيش الشعبي في جنوب كردفان وتسريح القوات الخاصة المشتركة.. ورحّب أمين عام الأممالمتحدة؛ بان كي مون، أيضاً بالاجتماعات لمُناقشة الوضع في منطقة (أبيي) وجنوب كردفان والنيل الأزرق، فضلاً عن غيرها من القضايا الأمنية المُشتركة.. كما أبدت الحركة الشعبية تفاؤلاً حيال المُحادثات، وقالت على لسان القيادي في صفوفها أقوك ماكور إن اللقاء سيُسهم في تهدئة التوترات بين الشمال والجنوب التي انفجرت في أعقاب دخول القوات المُسلحة إلى منطقة أبيي، وتوقع في حديثه ل(راديو سوا) أمس (الأحد) إن يُفضي الاجتماع إلى إخلاء (أبيي) من القوات المُسلحة والجيش الشعبي. بيد أن القيادي ب(الحركة) لوكا بيونق رسم صورة قاتمة لما يمكن أن تُسفر عنه الاجتماعات في أديس أبابا وتنبأ لها بالفشل، ورأى أن الاشتباكات التي وقعت في أبيي وجنوب كردفان، إلى جانب استمرار إغلاق الحدود أمام حركة البضائع مع الجنوب لا تُمثل مناخاً مُناسباً للتفاوض، وأضاف: (حتى لو قامت لا أعتقد أن الأطراف ستصل إلى تفاهمات بسبب انعدام الثقة)، وطالب لوكا الاتحاد الأفريقي بإعادة النظر في الاجتماعات الجارية.. لكن القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي أبلغ (الأهرام اليوم) أمس (الأحد) إن مفاوضات أديس أبابا محكومة بإطار برتوكول منطقة (أبيي)، إما بإجراء الاستفتاء لكل المواطنين بالمنطقة، أو الوصول إلى حلول أخرى وفقاً للمُقترحات المقدمة لتجاوز القضية. وحول إمكانية نجاح هذه المفاوضات قال الناشط السياسي محمد الفكي ل(الأهرام اليوم) أمس (الأحد) إن السقف الزمني للمفاوضات - (48) ساعة - غير كافٍ لإثارة كافة القضايا العالقة وإيجاد الحلول لها، لا سيما أن الأجواء السياسية غير صحية للتفاوض، رغم التمثيل الرفيع للوفدين، وحشد قيادات الصف الأول.. وكانت لجنة الاتحاد الأفريقي عالية المستوى حول السودان أعلنت عن عقد قمة في أديس أبابا انطلقت أمس (الأحد) وتستمر حتى الغد لمناقشة التطورات الحالية بين شمال وجنوب السودان، وقال الاتحاد في تعميم صحافي تلقته (الأهرام اليوم) إن الاجتماع سينعقد برئاسة أمبيكي بمشاركة البشير وسلفاكير، بجانب أعضاء اللجنة، رئيس نيجيريا السابق عبد السلام أبوبكر، الرئيس البورندي السابق بيير بيويا، رئيس الإيقاد، ورئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي. وتتصدر جدول الأعمال المفاوضات بين الشريكين قضية (أبيي) بما قد يؤدي إلى انسحاب القوات المسلحة من المنطقة، وإرسال بعثة دولية بقيادة أفريقية لتوفير الأمن وتهيئة الظروف من أجل العودة السريعة للمُشردين والنازحين وحماية المدنيين، واتخاذ خطوات باتجاه تسوية نهائية للوضع في المنطقة، ومن بين الموضوعات، الإنشاء السريع لآليات تضطلع بمهام الإدارة الأمنية المشتركة بين شمال وجنوب السودان، والجولة المُقبلة من المفاوضات حول الترتيبات الاقتصادية لما بعد الانفصال، وتعقد اللجنة أيضاً خلال يومين اجتماعاً مع مُمثلين من حكومة السودان، وزعماء الحركة الشعبية من منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وسُيركز الاجتماع على التحدَّيات السياسية والأمنية للمنطقتين بما يشمل التحدي العاجل الخاص بإنهاء الصراع المسلح الذي اندلع مؤخراً في ولاية جنوب كردفان.. ويعود الفكي ويؤكد ل(الأهرام اليوم) بأن اللقاء سيمهد الطريق للتهدئة في أبيي وجنوب كردفان، وفتح الحوار لإيجاد الحلول للقضايا العالقة، خاصة وأن الاجتماعات جاءت تحت الضغط الأمريكي بعد أن اتخذت الحركة الشعبية خطوتها الاستباقية بالتسويق للقضايا الشائكة مع شريكها المؤتمر الوطني. وكان وزير الدولة للخارجية؛ صلاح ونسي، نوّه للصحافيين أمس الأول (السبت) إلى الجهود التي بُذلت لعقد اللقاء المُرتقب بأديس أبابا بالتركيز على القضايا العالقة وعلى رأسها أبيي، مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية قدَّم تنويراً ضافياً للمبعوث الصيني حول تطورات الأوضاع في كل من أبيي وجنوب كردفان، ومسار تنفيذ اتفاقية السلام الشامل والجهود التي بذلها أمبيكي للتوصل إلى تفاهمات بين الشريكين، لافتاً إلى أن المبعوث الصيني الخاص إلى السودان؛ ليو جين، أكد على دعم بلاده للسودان في المجال السياسي والاقتصادي، وأنهم حريصون على التوصل إلى اتفاق مرضي بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لحل القضايا العالقة بالحوار، بجانب التأكيد على أن الصين تهتم باستقرار الأوضاع في الشمال والجنوب، واستمرار التعاون ما بعد التاسع من يوليو بين الطرفين. ورأى ود الفكي أن تكون المفاوضات بتمثيل وسيط للقيادات توطئة لحشد قيادات الصف الأول حال تعثر المفاوضات الحالية.. وبحسب ما رشح من أنباء فإن سلفاكير وجه المفاوضين من الحركة الشعبية وحكومة الجنوب للانتقال إلى أديس أبابا والمشاركة في جولة المفاوضات الشاملة لمناقشة القضايا العالقة وترتيبات ما بعد الاستفتاء، بينما طالب القيادي بالحركة الشعبية لوكا بيونق، الاتحاد الأفريقي بإعادة النظر في الاجتماعات الجارية، وقال إن اجتماع أديس أبابا سيبحث كافة القضايا مسار التفاوض على رأسها أبيي والحدود، وأكد على أن الاتحاد الأفريقي يصر على أن يمثل الطرفان في الاجتماع على مستوى أعلى لاتخاذ بعض القرارات السياسية.