الفنان الراحل سيد خليفة تمر ذكراه العاشرة هذه الأيام دون أن تجد الاهتمام بها وبما قدمه للأغنية السودانية.. فهو صاحب موهبة فذّة.. وصوت فطري متوهّج بالجمال والروعة، ويتميز بالنداوة، صوت ريان ممتلئ بالتطريب ينساب اللحن من حنجرته سلساً ولا يكلف نفسه جهداً في توصيل صوته بكل عذوبة.. يسري صوته في دواخلك ناعماً كالحرير يلامس الإحساس فيدغدغه بالنغم والنشوة.. وعندما يعانق صوته الموسيقى أو العود.. تجده يذوب وجداً وكأنه يعطي انطباعاً بأناقته وروحه الشفافة وقلبه الحنين وحضوره المسرحي، فتحس بقبول يخرج من ملامحه، مما جعل العرب يطلقون عليه سفير الأغنية السودانية.. عُرف بين الشعوب العربية بأغنيتي (المامبو السوداني، وإزيكم كيفنكم أنا لي زمان ما شفتكم)، ذاع صيته كأشهر مطرب سوداني.. حيث درس بالأزهر وتحوَّل إلى دراسة الموسيقى بمعهد فؤاد الأول ثم إلى المعهد العالي للموسيقى العربية.. قدّم أغنياته بإذاعة (ركن السودان) في الخمسينيات فنال إعجاب السودانيين بالقاهرة آنذاك حيث أُعجب به الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب وسيدة الغناء العربي أم كلثوم، وزامل الفنان الراحل عبد الحليم حافظ بالمعهد العالي للموسيقى العربية. شارك في عدد من المهرجانات الدَّوْلية وفي مناسبات خيرية عديدة وغنى أبو السيد وأبدع ونقل الأغنية من إطار المحلية إلى مصاف العالمية.. وفاقت شهرته منطقة القرن الإفريقي وردد أغنياته أهلنا في إثيوبيا والصومال وإريتريا، وتغنى لكبار الشعراء أمثال التجاني يوسف بشير وإسماعيل خورشيد وحسن عوض أبو العلاء وصلاح أحمد محمد صالح، وعلي شبيكة وإسماعيل حسن والفيتوري ومحمد يوسف موسى.. وتعرّف على الشاعر الكبير إدريس جماع أثناء وجوده في مصر وغنى له العديد من الأغاني العاطفية والأناشيد ومن أغنياته (أعلى الجمال تغار منا، وأحلى غرام، في ربيع الحب ، يا مسافر وناسي هواك، النهاية، صوت السماء، ست الودع، وعقد اللولي) .. كان يُلحن لوحده وتعامل مع عدد من الملحنين منهم إسماعيل عبد المعين وبرعي محمد دفع الله وبشير عباس وعلي مكي وغيرهم.. لقد كان سيد خليفة إنساناً نبيلاً ووفياً ولم يبارح ذاكرتنا كلما تناسيناه أتانا صوته مثل الأطياف شادياً.. (أودعكم أفارقكم لا.. لا ما بقدر، دموع بتغطي عيني وفي الآخر وداعاً أوع تنسوني وبشيلكم جوّه في عيوني.. ولكن آه..آه .. آه بتزوِّد الآلام).