كان يراودني شعور عجيب في السنوات الأخيرة بتراجع إحساسنا نحو النجاح.. وأعتقد أن نتيجة امتحانات الشهادة السودانية تحديداً لم تعد بذات الرهبة والقدسية.. وما عاد الناس في بلدي يحتفون بها ويولونها اهتمامهم كما يجب، وربما يشاركني العديد منكم في ما ذهبت إليه، مبررين الأمر بأن أهمية التعليم في بلادي قد فقدت هي نفسها ما كانت عليه من بريق وصعوبة وقيمة. غير أن بعض الأمل يلوح من بعيد.. وشعرت أنني فعلاً أتذوق طعم الفرحة بالنجاح وأنا أستجيب لدعوة مجموعة (دال) الأخيرة للاحتفال الذي تتبناه شركة (سيقا) للمنتجات الغذائية في ما يعرف بمبادرة التكريم لأوائل الشهادة السودانية تحت شعار (الأول يكرم الأول).. ولعمري أنه شعار صادف الحدث تماما،ً فلا أخفي عليكم جل تقديري واحترامي لمجموعة (دال) كمجموعة رائدة ومميزة تحصد النجاحات دائماً وتأتي بالإنجازات وتتبنى مثل هذه المبادرات الطيبة ذات الأثر الفاعل فتكون الأولى في مجالها. وها هي للعام الثالث على التوالي تقوم بالاحتفاء بالخمسة الأوائل في نتيجة امتحانات الشهادة السودانية في مختلف المساقات (الأكاديمي - التجاري - الصناعي - الزراعي - النسوي)، وهو احتفاء غير تقليدي يتسم بالفخامة والجمال والقيم المادية والمعنوية الكبيرة حتى أنه لا شك يمنح هؤلاء الناجحين إحساساً مختلفاً بهذا النجاح لم يراودهم من قبل، حيث إن (سيقا) منحتهم الحق كاملاً في الفرح والفخار والإحساس بالتميز وتقدير مجهوداتهم وأوضاعهم. كما أن احتفال هذا العام جاء مختلفاً في أنه قد تم تكريم أمهات هؤلاء الأوائل بحفاوة بالغة في إشارة واضحة للدور العظيم الذي لعبته في تحقيق أبنائهن لهذه النتائج المرجوة مما استحققن عليه الشكر وحسن الجزاء. (سيقا) تعهدت مثل كل عام برعاية هؤلاء المتفوقين، ومنحتهم فورياً هدايا قيمة تضمنت حاسباً آلياً محمولاً لكل منهم، على أن تقوم في الأيام القادمات بتنظيم الرحلة الدورية المعتادة إلى إحدى الدول الاوربية، في الغالب إنجلترا، لتلقي كورسات مكثفة في اللغة الإنجليزية إلى جانب برنامج سياحي ترفيهي متكامل. فأي تكريم أبلغ من هذا والأمر برمته يعد في حياة بعضهم ضرباً من ضروب الأحلام المستحيلة أتت به (سيقا) على طبق من ذهب لتكون أمامهم فرصة لا تتكرر لتجربة خاصة بكل أبعادها الإيجابية السعيدة والمبهرة وإمكانية اكتشاف العالم من حولهم عساهم يؤكدون العزم على ضرورة اللحاق بركب التقدم. وللعلم، فإن مبادرة (الأول يكرم الأول) اشتملت على العديد من أوجه الفعل الإيجابي في المجتمع، إذ إن (سيقا) وامتداداً لتكريم الطالبة (مياسه) أول المساق النسوي للعام الماضي قد قامت بصيانة معهد (الأمل) في أن يؤدي دوره كما يجب برعاية هذه الشريحة الهامة والمهملة، وهذا تأكيداً على سياسة مجموعة (دال) في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة الذين أفردت لهم خطاً كاملاً للإنتاج كعمالة في شركة (الكوكاكولا) وهو الأمر الذي يستحق أن نرفع له القبعات لأنهم لم يكتفوا كمجموعة اقتصادية متكاملة بما يحققونه من مكاسب مادية ولكنهم توغلوا في صميم المجتمع تحقيقاً للعديد من الأهداف الاجتماعية التي يعنى بها قسم (المسؤولية الاجتماعية) الفاعل بإشراف الشاب الخلوق النشط (عمر عشاري) كرجل مناسب في المكان المناسب. وقد كان احتفال هذا العام كالعادة فخيماً وأنيقاً يتسم كل شئ فيه بالدقة ويتمتع بتنظيم عالٍ وقف عليه شباب سيقا اللطفاء بابتساماتهم المريحة وزيهم الأنيق وقناعاتهم المطلقة بالعمل الدؤوب لإنجاح مثل هذه المبادرات وتألق (عشاري) كعادته أيضاً في تقديم الفقرات والترحيب بالضيوف والاهتمام بكل التفاصيل بتواضع جم وبشاشة محببة. فرقة عقد الجلاد أحيت الحفل فزادته بريقاً والمتفوقون وأسرهم شرفوه فاغرورقت عيونهم بالدموع وارتفعت أكفهم بالتصفيق وهم يبذلون الشكر الجزيل لمبادرة (سيقا) التي جعلت لنجابة أبنائهم بعداً جديداً أكثر تميزاً وخصوصية. بدورنا نهنئهم ونهنئ (سيقا) على تفوقها معهم. تلويح: أحسب أن مبادرة (الأول يكرم الأول) تكفي كدافع قوي لكل طلاب الشهادة السودانية للمزيد من التحصيل سعياً وراء التفوق وليته كان بإمكاني الجلوس للامتحانات مجدداً.