{ القارئة العزيزة فاطمة الأمين «أم أيمن» من الثورة الحارة التاسعة، كتبت لي مشكورة كعادتها رسالة جميلة ومفيدة، ترجوني فيها أن أجتهد في ترجمة إحساسها وإحساس الكثيرين بالحنق على أنقاض البنايات التي يمضي أصحابها في تعليتها طابقاً إثر طابق لتبدو في أبهى وأفخم صورة بينما تتكدس أكوام الحصى والرمال ومخلفات البناء على جانبي الطريق لتزيد حياة المارة صعوبة أكثر مما هي عليه! { والملاحظ أن الخريف تحديداً يكشف سوءة المحليات بسوء تصريفها ولكن بالمقابل يساهم المواطنون أنفسهم في تجمع برك المياه وركودها وما يترتب عليه من تردٍ في الأوضاع البيئية وصعوبة الحركة، سواء عبر السيارات أو الأرجل، لأن أصحاب المباني الحديثة لم يكلفوا أنفسهم عناء تسوية الطريق من بقايا مبانيهم فتركوها للزمن وعوامل التعرية لتعرقل السير وتضيق الشوارع، لا سيما الجانبية أكثر فأكثر. { هذ السلوك المشين الذي يأتي ضد الحضارة والإنسانية ينسحب كذلك على المنشآت الحكومية والمشاريع الخاصة، لنجد العديد من الأبراج الشاهقة القا ئمة بين تلال من الأحجار والتراب والفوارغ وربما الأوساخ فما هو وجه التحضر في ذلك وما جدوى كل الارتفاع والتسامي الذي نسعى إليه إن لم نتسام فوق أبسط التفاصيل التي تؤكد أننا شعب غير متحضر يدعو للإحباط ويقتل كل أمل في أن نتحول يوماً إلى أصحاب عاصمة حضارية أو دولة متقدمة!! { ومن المشاهد المقززة المتجددة كل عام حتى أصبحت جزءاً أصيلاً من الشكل العام لشوارعنا ما يقوم به «ناس المحليات» من نشاط أجوف يدعى مجازاً «مشاريع مجابهة الخريف» وفيه يبدأون في حفر جداول صغيرة المفروض أنها لتصريف مياه الأمطار وإبعادها عن طرق الاسفلت حرصاً على حركة المرور ومشهد الشارع العام وسلامة الإنسان وهي بالضرورة تحفر دون منهجية أو دراسة فتمر بها المياه مرور الكرام ولا تمتلئ إلا بالماء المنهمر من السماء لتتحول بعد حين إلى مستودع للأوساخ والأمراض كيف لا وهي لا تقوى على تأدية واجبها الأساسي كون التراب الخارج من جوفها يبقى متراكماً على جانبيها حتى يتحول بمرور الزمن إلى حائل صلب يمنع عنها مياه الأمطار ويشكل حماية لكل ما يرتع بها من مخاطر وقد يصلح كساتر لمستخدمي هذا الجدول كدورة مياه!!! { الأخت «أم أيمن» تقترح أن تلزم المحليات أصحاب تلك المنازل والمباني والمنشآت بضرورة نقل أنقاضهم إلى مكان معين خارج العمران حتى تتم الاستفادة منها في أغراض أخرى أو ضرورة إقامة سياج حولها يمنع انزلاقها إلى الطريق العام أو طرق الأحياء الفرعية الضيقة. { نحن بدورنا نؤيد الإقتراح الأول بشدة وأعتقد أن هناك قانوناً شكلياً لم ينزل حيز التنفيذ وضعته المحليات لمثل هذه الحالات، نرجو- إن وجد- أن يتم تفعيله والتعامل عبره بصرامة حتى نتمتع بحياة كريمة في مظهر الطريق العام على الأقل. ففي حياواتنا جميعاً ما يكفينا من العراقيل والعثرات والأنقاض. { ودعونا نحلم باليوم الذي نرى فيه عمال الولاية أو المحلية يقومون ليلاً بنظافة الطرقات وغسلها كي تستقبل صباحاً جديداً مفعماً بالأمل واليسر والنظافة والجمال. { ونرجو أن تتضافر كافة الجهود لحل هذه المشكلة التضامنية فالمواطن له دور كبير في الحرص على جمع مخلفات تطوره الرأسي مثلما له دور في الإشراف على مستوى نظافة شارع بيته على الأقل على أمل أن تقوم جهات الاختصاص مبدئياً بتسوية الطرق عبر الجرارات عسانا نستمتع بخريف سهل وميسور بخواطر طفيفة وبعيداً عن دهس أنقاض إنسانيتنا كل صباح. { تلويح: أرجو أن نتكاتف لأجل وضع «خارطة طريق» سهلة وتساعد على المضي قدماً بثقة وثبات.