حاشية الوزراء هي حالة وظاهرة يبدو أنها صاحبت وزراء العصر الحديث ولم تسلم منها كل الحكومات السابقة «حكومة الإنقاذ وما قبل حكومات الإنقاذ»، ذلك أن كل قيادي يأتي وزيراً أو أميناً عاماً أو مديراً إلا ويستصحب معه آل مكتبه؛ أي يأتي بجماعته كما يقولون، والذي ويغادر إلى موقع آخر يذهب بجماعته أيضاً، وفي هذا لا نرى أي بعد إيجابي من هذه النظرية والمتوالية الهندسية السيئة، لكن قد نقول ربما مطلوبات التأمين والثقة والارتياح في المعاملة ربما أيضاً قد تبرر ذلك، غير أن النتيجة النهائية هي المردود السالب على الدور الوظيفي للدائرة التي يعمل فيها الوزير أو المسؤول الأول، أياً كانت تسميته، فتبريرات وجود بعض من هؤلاء «الحاشية» لماذا تكون بالدرجة التي يمكن أن تخل بمنظومة العمل القيادي وترمي بظلالها إلى ما هي أدنى من مراحل التسلسل في الوزارة أو المؤسسة المعنية أو بالنظام المعمول به؟!. عموماً نعتقد أنها ظاهرة سالبة مهما كانت المبررات ونتمنى بعد التشكيل الوزاري الجديد أن تصدر وزارة المالية قراراً تُلزم به الوزراء الجدد، اتحاديين كانوا أم ولائيين. «قراراً إطارياً». يقضي بعدم إتباع ما يسمى بالحاشية المتنقلة «سكرتيرة أو سكرتير، مدير مكتب، حرس، سائق، موظف إعلام، مستشارين». فالأسوأ والأنكى والأضل أن الحاشية عادة ما يكونون من الأقارب وأحياناً يأتون دون معيار أو كفاءة، وهذا لا ينسحب على الوزراء فقط بل المعتمدين والمديرين العامين والولاة وكل من يعتقد أنه الآمر والناهي في خلق الوظيفة وأحياناً يخضع المعيار للجهوية. وعلى وزارات المالية، اتحادية وولائية. أن لا تلتزم بالأجور لهذه الحاشية المتنقلة حتى تضع حداً لعدم تفشي مثل هذه الظواهر ولتكن هذه الوزارات هي الجهة المعنية بإنهاء مثل هذه الظواهر. ويعجبني أن بعض المؤسسات لم تنتهج هذا الأسلوب الشائه رغم وضعيتها الحساسة في جوانب حفظ المعلومات والأسرار المكتبية، وأبلغ مثال لذلك هي السلطة القضائية التي أعتبرها أم السلطات، فلقد احتفظ رؤساء القضاء الذين تقلدوا هذا الموقع عبر الزمان والحقب المختلفة بهذه الأدبيات ليضربوا لنا المثل الإيجابي الذي يصلح لأن يكون نموذجاً يحتذى به وينهل من معينه كل قيادي، سكرتيرة واحدة ظلت تعمل مع كل رؤساء القضاء منذ العام 1984م، فنحن نشجع ونريد مثل هذا النموذج، ونشد على يد من جعلوا مثل هذا النموذج مستقراً في دولاب عملنا. هذا على سبيل المثال، تعجبني حقاً المرافق والمؤسسات التي تحافظ على الكفاءات من أجل سلامة واستقرار دولاب العمل. فالمنطق يقول إن أي وزير أو مسؤول أول يأتي بحاشية يكون حينها قد انتقص من قدر وحق الموجودين أساساً وفي ذلك ظلم وإجحاف. فلقد اجتهدت الإنقاذ ونحن نشهد لها في مجال الدفع ببرامج تثوير الخدمة المدنية وكانت على الدوام ترى من الضروري والحتمي النهوض بدولاب العمل والخدمة، ولكن بالسلوك الذي أشرنا له نكون حينها قد هزمنا جزءاً كبيراً من قيم ومُثل التثوير الإداري المطلوبة. وهنا نهمس في أُذن الوكلاء ونقول لهم: الكرة الآن في ملعبكم والصلاحيات جميعها معكم.