} كنت حتى وقتٍ قريب من أولئك الذين يظنون - وبعض الظن إثم - أن زمن المعجزات قد مضى دون رجعة, على اعتبار أنه لم يعد هناك ما يحدث من حولنا خارقاً للعادة ومحركاً لكوامن الدهشة ومعلناً عن تغيير جذري يطال حياواتنا. ولكن.. يبدو أننى لم أكن موفقة في ذلك ولو على نحوٍ شخصي, فها هي ذي الحياة تتحرك من حولي باتجاهاتها الأربع في السنوات الأخيرة مخلفةً وراءها ما كان في الحسبان وما لم يكن. تفاصيل لم أكن أتوقعها وأحداث لم ترد يوماً بخاطري ومشاعر لم أتهيأ لها وشخوص لم أسع للقائهم ومشاكل وأزمات لم يكن للونها الأسود مكان على لوحاتي الوردية الجدارية, وعبارات لم أخطها بقلم الخيال على بطاقاتي السريّة الصغيرة. } فكيف لم يعد هنالك معجزات!!.. وأنا بعد تلك السنوات التي أمضيتها في قمقم الرتابة منكفئةً على ذاتي أعود من جديد فألحق بركب أحلامي وأجد حظي من الشهرة والتقدير ربما أكثر مما أستحق, وألتقي بالعديد من الوجوه التي كنت أطالعها بانبهار طفلة أمام شجرة الميلاد وأعقد معهم أجمل الصداقات والصلات وأنجح نسبياً في تحقيق حياة متوازنة لأبنائي لا حرمان فيها ولا ضنك, حتى باتوا يفاخرون بانتمائهم لي أو انتمائي لهم –لا فرق- فهم لعمري كانوا أجمل وأصدق المعجزات التي جعلت مني أماً بالفطرة بكل ما تحمله الأمومة من إحساس بالمسؤولية وما تلزمك به من احترام وتجرد وتضحيات. } هو إذن أوان المعجزات.. التي قد تجعل منك –بين ليلةً وضحاها – وزيراً! أو تقفز بك من الحضيض إلى القمة مباشرةً. وهذا الحضيض لا يعني بالضرورة الفقر أو العوز، فبعض الفقراء يطاولون الثريا صدقاً والتزاماً وعفافاً. ولكنه حضيض الأخلاق والسمعة السيئة والمتلازمات التي كانت تجعل بلوغ تلك القمم ضرباً من المستحيل.. ولكنه حدث. وما بين المعجزات المفرحة والمدهشة.. تظل سيدة المعجزات بأن يدخل إلى حياتك – بأمرٍ من الله - أحدٌ ما.. لم تحلم يوماً بلقائه, فيحيل أمرك كله إلى خير.. ويمنحك الإحساس المطلق بأن الله يحبك بلا حدود لذلك ساقه إليك لتورق شجرة العمر اليابسة من جديد.. ويساورك فرحٌ طفولي غامر يعيد لحبالك الصوتية تلك الضحكة المجلجلة التي كنت تظنها قد ماتت, وتغمرك ذات الإحاسيس الجميلة المنعشة التى غازلت أحلامك وأنت على أعتاب المراهقة حين كانت أجمل مشاعرنا تلك التي نحملها سراً بين الحنايا نخبئها بعيداً عن العيون والألسن, بل وعن ذات المحبوب. } هو أوان المعجزات.. ما دمنا قادرين على التكيف والتعايش والصبر والحلم.. ما دامت هناك - لم تزل - مفاجآت تباغتك دون انتظار لتكون أروع من كل التوقعات وفوق طاقتك على التصديق وكأنها نهاية لكل أحزانك ومعاناتك لتكتشف أنك إنسان بالفعل وتستعيد ثقتك بذاتك وأقدارك في سانحة لا تشبه إلا نفسها. } هي معجزات.. ما دام هناك بعض الأمل والعشم الأخضر والقدرة على العطاء والحب والإخلاص واللقيا ومد جسور الصداقة النبيلة.. وما دام لا يزال بين الناس من يسرهم الله لقضاء الحوائج والمواساة والتعاون.. وما دام هناك ابتسام وشوق ومكالمات هاتفية ورسائل قصيرة وتواصل حميم - وإن كان إلكترونياً -يتصدى بقوة لدوران عجلة الأيام المتسارعة ركضاً وراء لقمة العيش التى بات الحصول عليها أكبر المعجزات.. فكل معجزة ٍ وأنتم بخير. } تلويح: شكراً (لصوتك) فهو معجزتي الأخيرة.. بعد ما ولى زمان المعجزاتِ!