{ في حلقة الأحد الفائت من هذه الزاوية كتبت عن ضعف أداء المسؤولين في الولايات وأنهم يهربون من واجباتهم ويتركون المواطنين يواجهون مشاكلهم لوحدهم ويوم تمام المشروعات يشكل الوزراء والمعتمدون والولاة حضورا كثيفا وهم يعرضون في إنجازات لم يسهموا فيها بفلس واحد ولا قطرة عرق واحدة وهم لا يبصرون هذه المشروعات إلا في يوم تمامها وبالرغم من ذلك يسجلون هذه الإنجازات في دفاترهم ويخدعون المركز بها. { هاتفني وكتب إلي عدد كبير من القراء وهم أصحاب تجارب مع المسؤولين في الولايات وقد اتفقوا تماما مع ما ذهبت إليه من عرض في شأن هؤلاء الحكام حتى أضحت طرائقهم هذه ظاهرة وسمة ثابتة لا تتغير مهما تغيرت أسماؤهم وأجيالهم وحتى صارت الحكومة الاتحادية هي الوحيدة التي تعمل في تنمية الولايات وحتى مال التنمية الذي يذهب إلى الولايات من المركز نجد حكام الولايات يغيرون مساره لأوجه صرف أخرى بما فيها المرتبات حين يتسع التعيين ويتجاوز الممكن والمستحيل من (التوظيف ما النضيف) وقد كان بالأمس (كاشا) يقترب من المئة دستوري وهم يشكلون كتلة من المصالح نزلت الشارع لتوهم الشعب في السودان أن الشعب في جنوب دارفور لا يريد غير (كاشا) وهذا كله على حساب التنمية الموءودة في الولايات. { حكومات الولايات لا تنجز من التنمية إلا القليل من الأنشطة في عواصمالولايات أما القرى فإن أهلها هم من يتولون تنميتهم بأنفسهم في كافة ولايات السودان عدا ولايات دارفور والشرق ونحن نجدهم لا يكلفون أنفسهم بتنمية مناطقهم وإنما يحسنون (علق) الحكومة بمطالبهم التي لا تنتهي ولا يتحملون ما يتحمله الآخرون ولا يسهمون في تنمية مناطقهم بالقدر الذي عليه الحال في مناطق أخرى وهذا الحديث سمعته من أحد أبناء دارفور بأذني في سوق الفاشر في العام 2004م وهذا حديث صراحة نأمل أن يحمل أبناء دارفور والشرق للالتفات إلى مناطقهم والإسهام في تنميتها من حر مالهم بدلا من الاعتماد على الدولة ليل نهار. { أحدثكم عن قرية (عريك) بمحلية الدويم التي لها تجربة فريدة مع التنمية بفضل جهود أبنائها لتقترب من صفة المدينة وقد أنجزت شبكة الضغط العالي ومن ثم الضغط المنخفض وهي تنشر شبكتها حتى داخل الأزقة والشوارع بعد إعادة التخطيط وجاء والي الولاية ليعرض في الافتتاح دون أن يكون له سهم في مشروع الكهرباء والآن أنجزت (عريك) مشروع المياه بكلفة (500) مليون بعد أن وقعت عقدا مع شركة خاصة يتكفل كل منزل ب (150) جنيها كقسط شهري وسبق ذلك تبرعات قادتها النساء (أي والله نساء عريك) وبجانب مشروع المياه فرغت القرية من تشييد مدرسة ثانوية تكفل فيها حسن الأسد بثلاثة فصول ومكتب ومحمد موسى شمين بفصلين ومكتب ودكتور السر محمد زين المقيم بألمانيا بفصلين ومكتب وهؤلاء هم رجال أعمال لهم سهم كبير في كل شيء ينصلح به حال الناس في تلك الأنحاء وبصحبتهم آخرون لم تنقطع سهامهم منهم حسن الحاج وياسر محمد الهيلة (ود العمدة) والعزيز الحاضر (كركاب) ومن المشروعات مجمع عبد الله بن مسعود الذي يحوي مسجدا ودورا لتدريس علوم القرآن والدين وقد أقامه عمنا المرحوم (الإمام ود جلطة) وغير ذلك الكثير من المشروعات كلها بالعون الذاتي. { هذه المشروعات الآن جاهزة تنتظر (عرضة) المسؤولين في بحر أبيض وكما أسلفنا في مقالتنا الفائتة أن الناس مصابون ب (مرض الحكام) ولهذا سينتظرون قدومهم حتى يكتب الله لهؤلاء الحكام آثامهم إن هم حضروا أو غابوا وقد تركوا رعيتهم وتملصوا من مسؤولياتهم وستكون مدرسة عريك ومياه عريك ضمن إنجازات السيد الوالي في الولاية والمعتمد في المحلية وقد صار الإنجاز بالنسبة لهؤلاء مربوطا بالعهد الذي أنجز فيه حتى لو نزل من السماء وأنا متأكد أن السيد فراج معتمد الدويم السابق والسيد الشنبلي والي الولاية (السابق بإذن الله) سيقولان إن جسر الدويم هو أحد إنجازاتهما وإن غابت جهودهما فيه وحضرت جهود الحكومة الاتحادية برئيسها البشير ووزير الطرق والجسور عبد الوهاب عثمان. { التنمية في الولايات تحتاج إلى وقفة من قبل الحكومة الاتحادية وأن تحاسب المسؤولين الولائيين حسابا عسيرا حتى يرتقوا إلى مستوى المسؤولية وينفعلوا بمشاكل المواطنين ومشروعاتهم ومساعدتهم ولو بتسهيل الاتصالات والوقوف معهم في كل كبيرة وصغيرة وبهذه الطريقة وحدها ستزدهر الولايات وتجتذب أبناءها ليعودوا إليها من جديد..