السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    عبد الله حمدوك.. متلازمة الفشل والعمالة ..!!    بريطانيا .. (سيدى بى سيدو)    كريستيانو يقود النصر لمواجهة الهلال في نهائي الكأس    المربخ يتعادل في أولى تجاربه الإعدادية بالاسماعيلية    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصور.. المودل والممثلة السودانية الحسناء هديل إسماعيل تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة بأزياء قوات العمل الخاص    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    طبيب مصري يحسم الجدل ويكشف السبب الحقيقي لوفاة الرئيس المخلوع محمد مرسي    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشكيل القوات المُشتركة.. الكرت الأصفر في مواجهة (يوناميد)
نشر في الأهرام اليوم يوم 10 - 03 - 2012

منذ صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1706) في أغسطس من العام 2006م بتحويل قوات الاتحاد الأفريقي في دارفور إلى قوات أممية، قاومت الحكومة القرار بقوة ورفضته ولم يغمض لها جفن إلا حينما اُستبدل بقرار آخر (1769) يقضي بنشر ما عُرف ب(القوات الهجين) (المُسماة يوناميد، أو البعثة الأممية الأفريقية في دارفور) في بعثة اعتبرت الولاية عليها مشاركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وتشكيل القوات فيها أفريقي خالص، إلا إذا استدعت الضرورة استجلاب خبرات أجنبية بموافقة الأطراف المعنية، وبعد ممانعة طويلة واشتراطات كثيرة، قبلت الحكومة بنشر تلك القوات. بعد سنوات عدة؛ مرت مياه كثيرة تحت الجسر، وواجهت البعثة الأممية صعوبات كثيرة على رأسها اختطاف سياراتها وموظفيها، وظلت تحتاج إلى الحماية، بغض النظر عن حماية الآخرين من نازحين ولاجئين طاردتهم قوات الحركات المسلحة في ربوع إقليم دارفور. رغم الميزانيات الضخمة التي تصرفها البعثة في العام، التي قُدرت ب(1.7) مليار دولار أمريكي في السنة المالية (2011-2012م) إلا أنها ظلت عاجزة عن حماية قواتها، ناهيك عن إنفاذ المهمة التي دخلت إلى دارفور من أجلها، وهي حفظ الأمن.
(1)
تهديدات مُستمرة صدرت من قبل الحكومة بتقليص عدد مكونات البعثة، لكن ها هو وزير الدفاع الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين يُبرز الكرت (الأصفر) في مواجهة بعثة (يوناميد)، ويطالبها بتخفيض وجودها استعداداً للرحيل ومغادرة السودان نهائياً في أعقاب التوقيع مع دولة ليبيا على اتفاق مبدئي (الأربعاء) الماضي للانضمام إلى القوات المشتركة السودانية التشادية. وقال الوزير: (آن الأوان) لترحل (يوناميد) من البلاد، لافتاً إلى أن تفويض القوات المُشتركة لا يسمح بإحلالها مكان (يوناميد)، لكنه يُعطيها الحق في تتبع وملاحقة الحركات المتمردة داخل حدود البلدين والقضاء عليها وتقويضها، واعتبر الوزير في مؤتمره الصحافي على هامش مؤتمر تقييم الأداء الثالث للقوات المشتركة بمباني الدفاع بالخرطوم، الذي شهد انتقال قيادة القوات المشتركة إلى الجانب السوداني؛ اعتبر أن هدوء الأوضاع بدارفور مدعاة لمُغادرة البعثة الدولية (يوناميد) السودان، ولم يستبعد الوزير أن تعمل بعض الجهات - لم يسمها - على إجهاض وعرقلة تجربة القوات المشتركة، لكنه قال إن الإرادة السياسية الموجودة بين البلدين كافية لتخطي العقبات، ونبَّه الوزير إلى أن الروح العدائية لدى دولة جنوب السودان تجاه الخرطوم وعدم ترسيم الحدود يعرقلان تجربة القوات المشتركة، وتعهد وزير الدفاع بدولة تشاد (بيتاي دولا دور) بالعمل على استمرار التجربة، ونوَّه إلى أن القوات المُشتركة بذلت جهداً كبيراً، ليس في إطار التأمين العسكري وحسب وإنما في التنمية وعودة النازحين واللاجئين.
(2)
في الثامن من مارس الماضي هددت الحكومة السودانية أيضاً بإنهاء مهمة البعثة حال تمسك مجلس الأمن الدولي بفرض قراره الخاص بتمديد تفويض البعثة، وقال وزير الخارجية علي كرتي في تعميم صحافي – وقتها- إن الحكومة السودانية تؤكد أن أية محاولة لفرض التزام جديد مخالف لما تم الالتزام به سابقاً ستؤدي إلى فض التعاون والتحلل من الالتزام بقبول البعثة ونشرها، مشيراً إلى أن محاولة الإصرار على فرض مثل هذه القرارات سيؤدي إلى رفض الحكومة عمل البعثة وإنهاء مهمتها، وجاء إعلان الوزير بعد صدور بيان عن الخارجية وجه انتقادات إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2003) لسنة 2011م الخاص بتمديد عمل البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور سنة واحدة. وقال بيان الخارجية إن القرار حفل بالعديد من الإشارات السلبية والمعلومات المغلوطة التي لا تُعبر عن الحقائق على أرض الواقع، كما لفت البيان إلى أن القرار مليء بالإشارات السلبية التي تجاوزها الزمن وتم حلها في إطار الآلية الثلاثية، مثل مشاكل التأشيرات وادعاءات القصف الجوي وانتهاكات حقوق الإنسان، كما إن القرار مليء بالمعلومات المغلوطة حول عدد النازحين، وانتقد البيان ما ورد في القرار الأممي الصادر في التاسع والعشرين من يوليو الماضي من أن ولاية البعثة تشمل معالجة التحدَّيات في كل السودان، وأكد أن هذا خارج نطاق ولاية البعثة وتعدٍّ مقصود على سيادة البلاد، إذ إن ولاية البعثة تقتصر على قضية دارفور.
(3)
القائمون على أمر البعثة يقولون إن قوة (يوناميد) تواجه العديد من العقبات اللوجستية والأمنية باعتبارها تعمل في تضاريس لا ترحم وفي بيئة سياسية معقدة وغالباً ما تكون معادية، ويؤكدون أن البعثة تواجه نقصاً حاداً في الموجودات والنقل، والمعدات والبنية التحتية والطيران. ويشيرون إلى أنها تبذل كل ما في وسعها، وبموارد محدودة لتوفير الحماية للمدنيين في دارفور، وتسهيل عملية المساعدات الإنسانية، والمساعدة في توفير بيئة يمكن فيها للسلام أن يترسخ، ويشيرون إلى أن البعثة تعمل منذ العام 2007م في إقليم دارفور حيث تدور مواجهات بين الحكومة والمتمردين المسلحين في الإقليم منذ العام 2003م.. إعلان وزير الدفاع بمغادرة (يوناميد) إقليم دارفور عززه اتفاق السودان وتشاد في السابع من مارس الجاري على تمديد مهمة القوات المشتركة التي تنتشر على طول الشريط الحدودي بينهما عاما آخر مع زيادة عددها إلى (5500) جندي، وجاء الإعلان في بيان مشترك في ختام المؤتمر السنوي الثالث لتقييم أداء القوة المشتركة بالعاصمة السودانية الخرطوم، وأوصى البيان بزيادة عدد القوات ب(250) جنديا من كل جانب، ليصبح العدد الإجمالي للقوات المشتركة (5500) جندي مناصفة بين البلدين.
(4)
تحدثت المواد (5-6-7) عن الجانب المدني أو ما يُعرف ب(المكون المدني) في مهام بعثة (يوناميد)، ويتعلق بالمساعدة في إنفاذ سلام دارفور وفق ما جاء في اتفاقية سلام دارفور (أبوجا) 2006م وذلك بدعم مؤسسات السلطة الانتقالية ومجلس دارفور للسلم والمصالحة ومفوضية أراضي دارفور بالإضافة إلى العمل على نشر ثقافة السلام بين مختلف مكونات المجتمع والمؤسسات المدنية العاملة في دارفور، والعمل على إعادة بناء قواعد المجتمع وفق التصالح والتعايش ونبذ العنف وإعلاء قيم التسامح والسلام، كذلك يشمل المكون المدني العمل والمساعدة في إقامة الحوار (الدارفوري - الدارفوري) بهدف الوصول إلى رؤية مشتركة بين مختلف مكونات الإقليم تساعد على التعايش السلمي ونبذ العنف، أضف إلى ذلك العمل على دعم مشاريع المياه والتنمية المستدامة في دارفور، أما المادة (9) فهي تتحدث عن مهام المكون العسكري للبعثة المختلطة في حماية المدنيين، وإنه سيعمل أيضاً على تنفيذ بنود أمنية محددة أنيط بها كل من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بموجب اتفاقية سلام دارفور والاتفاقيات اللاحقة. إن العمليات المختلطة ستقوم على جهود بعثة الاتحاد الأفريقي للتأكد من العملية النافذة لفصل القوات بوساطة عمل الدوريات المتعلقة بإعادة الانتشار والمناطق العازلة وسحب الأسلحة طويلة المدى، وتعمل أيضاً على مراقبة انتهاكات اتفاقية سلام دارفور وإجراء التحقيقات فيها وإعداد التقارير حولها وحسمها بوساطة لجنة إيقاف إطلاق النار والمفوضية المشتركة، كذلك تقوم بمراقبة الحدود بين السودان وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، وتدعم عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، وقد أوضحت لجنة إعداد الدراسة السريعة لمتطلبات عمل بعثة (يوناميد) في التاسع عشر من فبراير 2007م أن حجم وتعقيد هذه المهام في ضوء الوضع الأمني سيتطلب قوة أكبر من بعثة الاتحاد الأفريقي الحالية بحيث تشمل أجهزة قيادة وإدارة واتصالات قوية وستتطلب تضاريس المنطقة الصعبة وغياب البنى التحتية للطرق وخاصة أثناء موسم الأمطار وجود قوة مجهزة بسيارات برية ذات قدرة على التحرك السريع وعناصر جوية للمساعدة على الملاحقة والتتبع.
(5)
وطبقاً لتقرير إخباري منشور بموقع (وزارة الدفاع) فإن البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بدأت بداية غاية في التعثر، وذلك لارتباط تكوينها وتفويضها بصراع سياسي وصل إلى درجة المواجهات الدبلوماسية حيث كانت الولايات المتحدة وبعض حلفائها يلوحون بأن يتولى حلف شمال الأطلسي المهمة التي أوكلت إلى البعثة المشتركة، وذلك بسبب عدم قدرة الاتحاد الأفريقي ذي الإمكانيات المتواضعة على الاضطلاع بكل هذه المهام المعقدة، وحيث إن الاتحاد الأفريقي كان يسعى لإثبات فاعلية أجهزته المتعلقة بفض الصراعات ومن بينها مجلس السلم والأمن الأفريقي؛ فقد قاوم أن تتولى الأمم المتحدة منفردة مهمة حفظ السلام في دارفور. من ناحية أخرى فإن السودان كان يرى أن أي قرار أممي يخول للولايات المتحدة وحلفائها أو حلف شمال الأطلسي التدخل في دارفور؛ هو بمثابة إعلان حرب وأنه لن يسمح بذلك، الأمر الذي حمل بعض المراقبين على التحذير من الدخول في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي واستطاعت الدبلوماسية السودانية حسم الأمر بتفويض بعثة مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتولي المهمة على أن يسمح للسودان بالموافقة على الدول المشاركة في العملية وهو ما عُرف باسم اتفاقية الطريق الثالث. هذا الصراع انعكس على تمويل البعثة المشتركة بصورة مباشرة وكذلك على أدائها حيث واجهت أزمة حادة في التحول، وفشلت تماماً في الحصول على العدد الكافي من السيارات السريعة والطائرات المقاتلة التي يفترض أن تساعد على الملاحقة والتتبع، ولم تفلح حتى في إكمال تجهيز المقر الممنوح لها بالطريقة التي تكفل لها العمل بفاعلية حيث بقي مقر يوناميد عبارة عن أرض جرداء يرفرف عليها العلم دون أن تكتمل بقية الإنشاءات ولا زالت يوناميد تمارس جزءاً كبيراً من نشاطها من مقر الاتحاد الأفريقي بمدينة الفاشر.
(6)
كل هذا التعثر في إنشاء (يوناميد) - طبقاً للتقرير- جعلها تقصر تقصيراً كبيراً في إنفاذ مهامها، وبالتالي واجهت كثيرا من الاتهامات والانتقادات، وبدأت هذه الانتقادات عندما تعالت أصوات بعض القبائل في دارفور تتهم بعثة يوناميد بالتفرقة العنصرية في التعامل وإسناد المهام وفي التوظيف وتقديم الدعم وتوزيع الفرص، وذلك بإتاحة كل هذا لقبائل بعينها وحرمان قبائل أخرى من كل شيء استناداً إلى أجندة عنصرية، وقد حملت تقارير صحافية وأخبارا متناثرة على صفحات الصحف اليومية اتهامات للبعثة المشتركة بالانحياز للقبائل ذات الأصول الأفريقية وتمييزها على القبائل المنحدرة من أصول عربية، أما عن القصور في حماية المدنيين وملاحقة المعتدين فقد ظهر ذلك للعيان بصورة واضحة عندما اعتدت قوات تتبع للعدل والمساواة على معسكر لقوات مناوي يقع في قرية مهاجرية بجنوب دارفور، وذلك في بدايات عام 2009م وحدثت صدامات عنيفة بين الطرفين أمام نظر مراقبي البعثة المشتركة وأمام قواتها التي لم تحرك ساكناً، وتطلب الأمر حوالي يومين إلى ثلاثة أيام حتى تم منح الحكومة السودانية إذناً بتحريك قواتها العسكرية لملاحقة الجناة الذين كانوا قد لاذوا بالفرار. يومذاك ارتفعت أصابع الاتهام نحو قوات البعثة المشتركة بالتقصير في حماية المدنيين المنصوص عليها في المادة (9) من الاتفاق بل وقد حمَّل بعض المراقبين قوات يوناميد تسهيل فرار الجناة وقد نزح جراء هذه الأحداث عشرات الآلاف من قراهم إلى معسكرات وتجمعات النازحين بجنوب دارفور. تكررت ذات الاتهامات عندما رفضت البعثة المشتركة تسليم المتهمين في أحداث قتل لبعض النازحين في معسكر كلمة بمدينة نيالا في جنوب دارفور إلى الشرطة السودانية للتحقيق معهم في عام 2010م حيث تم اتهام يوناميد صراحة بحماية الجناة وعدم السماح بملاحقتهم.
(7)
إمكانية قوات البعثة ودورها في حفظ السلام، دار حولهما لغط كثيف، إذ قال الخبير الأمني العميد (م) حسن بيومي في إفادات ل(الأهرام اليوم) إن تلك القوات تفتقر إلى الخبرة الكافية في عمليات حفظ السلام، بجانب عدم امتلاكها للتجارب الكافية لتمكينها من إنجاز مهامها بصورة فاعلة. وليست المرة الأولى التي يتم فيها الهجوم على قوات (يوناميد) ولن تكون الأخيرة، إذ أعلنت البعثة في الخامس من ديسمبر 2009م عن مقتل جنديين روانديين من أفرادها العاملين بالإقليم. وقال المتحدث باسم البعثة المشتركة في دارفور كمال سايكي إن مسلحين يرتدون ملابس تشبه ملابس السكان المحليين فتحوا النار على مجموعة من الجنود الروانديين كانوا يوزعون المياه في مُخيم (شنقل طوباي) للنازحين، الذي يقع على بعد حوالي (56) كيلومتراً جنوبي مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، موضحاً أن بعض الرجال في الحشد الذي كان ينتظر توزيع حصته من المياه، كانوا يخفون بنادق في عباءاتهم قبل أن يطلقوا النار على الجنود الروانديين دون سابق إنذار، ما أدَّى إلى مقتل (2) من أفراد القوة على الفور وإصابة جندي رواندي ثالث. ويؤكد حسن بيومي أن الأمم المتحدة لا توفر الدعم الكافي على المستوى المادي واللوجستي لتلك القوات، لذلك لا تسطتيع إنجاز مهمتها على أرض الواقع، مبيناً أن تلك القوات ليست ذات فاعلية وتحتاج إلى الحماية في ذات نفسها. وفي الثاني والعشرين من يونيو 2006م أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن أسفه للهجمات ضد جنود قوة حفظ السلام في إقليم دارفور (يوناميد). وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية مارتن نيسيركي إن كي مون دعا الحكومة إلى مواصلة بذل كل الجهود لاعتقال منفذي هذه الهجمات وإحالتهم إلى القضاء فوراً. وكان (3) جنود روانديين قتلوا من قوة السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، وجرح آخر في هجوم شنّه مسلحون مجهولون. وقالت البعثة في تعميم صحافي إن ما يزيد على (20) مهاجما يرتدون ملابس للتمويه فتحوا النار على قوة (يوناميد) وهي تحرس مهندسين مدنيين يقومون ببناء قاعدة جديدة للقوة في منطقة جبلية شرق جبل مرة في ولاية غرب دارفور. الخبير الإستراتيجي والعسكري اللواء محمد العباس قال ل(الأهرام اليوم) إن قوات (يوناميد) جاءت من دول أفريقية إمكانيات تدريباتها ضعيفة مما جعل تلك القوات تفشل في تأدية مهامها بالصورة المطلوبة في دارفور، داعياً إلى عدم التجديد لها باعتبارها قوات تحتاج إلى الحماية في ذات نفسها.
(8)
البعثة تعرضت إلى خسائر جسيمة في الأرواح إذ أصيب في مارس من العام الماضي (3) من قواتها بجروح خطيرة في أعقاب تعرضهم لكمين نصبه مسلحون بغرب دارفور. وقال تعميم صحافي وقتها إن الحادث وقع لعناصر القوة فور إنهائهم دورية حراسة في قرية (مستري) حوالي (45) كلم شمال مدينة الجنينة، وأصيب السائق وأحد أفراد القوة بجروح. وشجب الممثل الخاص للبعثة المشتركة – حينها- إبراهيم قمباري الحادثة، وأبدى غضبه البالغ إزاء الهجوم قبل أن يصفه ب(الجبان)، منوهاً إلى أن قوات البعثة تنتشر في دارفور لاستعادة الأمن والاستقرار، مبيناً أن البعثة ستظل ثابتة في تعهداتها لتحقيق تفويضها في خدمة السلام، ودعت البعثة حكومة السودان إلى التحقيق الفوري في الحادثة والقبض على مرتكبي الجريمة وتقديمهم إلى العدالة. ورغم الاتهامات الكثيرة والمتكررة لقوات (يوناميد) بالضعف وعدم الحياد والانحياز السافر للحركات المسلحة، إلا أن الممثل الخاص المشترك للأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بدارفور رئيس البعثة إبراهيم قمباري فنَّد تلك الاتهامات ووقف في العشرين من مارس من العام الماضي في بعض المناطق بشرق جبل مرة على الصعوبات التي تواجه عمل منظمات الإغاثة العاملة بدارفور. وقالت البعثة في تعميم صحافي – حينها- إن قمباري أكد أن البعثة تقف موقف الحياد من الصراع في دارفور، وشدَّد على أهمية تقديم الدعم الكامل لدوريات قوات حفظ السلام وأنشطتها في منطقة شرق جبل مرة، مشيراً إلى أن تلك الدوريات من شأنها تعزيز حماية المدنيين، وتسهيل وتأمين وصول المساعدات الإنسانية للمتأثرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.