غصت شوارع الخرطوم واكتظت الطرقات بآلاف المواطنين الذين خرجوا في مسيرات فرح عفوية تضامناً مع القوات المسلحة والدفاع الشعبي والمجاهدين والقوات النظامية الأخرى وهي تبتهج في يوم عرسها بتطهير هجليج من دنس الخوارج والمتمردين أذناب اليهود وبني صهيون الذين أداروا حرباً بالوكالة عن أسيادهم ونسوا ملاحم صيف العبور والميل أربعين، وقد عادت رياحها تهب من جديد لتنعش ذاكرة الأبطال وتفيق الجنوب الحالم بحكم الشمال الأبي الذي ظل عصياً على الغرب منيعاً على تحالفات الخيانة والغدر. ظل السودان ناهض العزة خفاق العلم عرمر الحقب التي أرادوا فيها النيل من عزة شعبه وصمود قوته المسلحة وكسر شوكته وتحويله إلى مهيض الجناح، ولكن هيهات. خرجت جموع المواطنين لترسم ملامح العزة والفخار، وتؤكد تماسك الجبهة الداخلية على قلب رجل واحد وتتنازل عن الألوان وتخلع الانتماءات وتيمم شطر الوطن الواحد بترابه العزيز. خرج الآلاف يحملون أعلام السودان يجوبون الطرقات وبالمسافات البعيدة ويقطعون الفيافي لملاقاة الجيش في عرينه حتى خاطبهم المشر البشير القائد الأعلى للقوات الباسلة التي تعرفها الحركة الشعبية، وقد ذاقت منها صنوف المعاناة والعذاب، وظلت تحت رحمتها لسنوات طويلة حتى حققت ما أرادت بالسلام وليس بالحرب، فقد ظلت المدن الكبرى بالجنوب عصية حصينة منيعة لم تطأها أو تدنسها أقدام الجيش الشعبي طوال الحرب التي استمرت لما يزيد عن قرن من الزمان. هبّت رياح صيف العبور واستعادت الأذان جلالات الجيش والمجاهدين عندما حرروا فشلا وبور وسطروا أروع الملاحم بالدم القاني ووثقوا للتاريخ بسالة وجسارة الجندي السوداني. استعاد الشارع السوداني ذكريات الانتصارات القوية للقوات المسلحة عندما طهرت الكرمك وقيسان ومنعت القوات الغاشمة من التقدم وهي التي دنست المصاحف وأحرقت القرآن وداست بالأقدام النجسة على المساجد. قدم الجيش هدية غالية للأمة السودانية في اليوم المبارك وأدى صلاة الجمعة بدلالاتها ورمزيتها وما تحمل من معانٍ داخل هجليج التي أرادت الحركة الشعبية باحتلالها والاعتداء عليها تحت سمع وبصر عصبة الأمم، أرادت أن تكون مدخلاً لتدمير الاقتصاد السوداني ولتراص صفوف البنزين وزيادة الأسعار والغلاء وتعبئة الشارع لإسقاط النظام الذي فشلوا بدعم الغرب والصهاينة والمنظمات المشبوهة وبالسلاح الإسرائيلي في تدمير عزة السودان وشموخ أنفه وإذلال جبينه الأغر الذي ظل عالياً يحاكي الشمم وعزة النفس والجسارة في أسمى معانيها. طهّر السودان قطعة غالية من أرض الوطن ونطمع في الانتقال لأبيي وكاودا ويابوس وبقية المواقع التي دنستها الحركة الشعبية وكانت تتجاهلها الحكومة لأسباب تكتيكية لأغراض محددة. نتوقع أن تصهل حوافر خيول العزة والكرامة والشرف عما قريب في أقرب نقاط التلاقي والمصادمة والحركة الشعبية بجيشها الهش وقواتها الضعيفة ودولتها مهيضة الجناح تدرك وتعي جيداً قوة الجندي السوداني وجسارته وقدرته على صناعة التاريخ والملاحم، فهو يجود بالنفس وهي أغلى ما يملك، وقد باعها للمولى عزّ وجلّ وقبض الثمن وهو الفوز بالجنة. الرحمة والمغفرة لشهدائنا الأبرار وجندنا البواسل الذين ظلوا كما العهد حماةً للدين والأرض والعرض. والخلود لأمة الأمجاد وشهدائنا الأبرار وللشعب السوداني البطل الذي ظل سنداً وعضداً للقوات المسلحة. والله أكبر والعزة للسودان ولا نامت أعين الجبناء