مسار تنفيذ وثيقة (الدوحة) التي تم توقيعها في الرابع عشر من يوليو من العام الماضي تعترضه صعاب جمّة، كما إنّ عقبات كبرى تقف حائلاً أمام الطريق المقترح لإنزال الاتفاق إلى أرض الواقع، وهي مسألة حدت برئيس السلطة الإقليمية؛ رئيس حركة التحرير والعدالة، الدكتور التجاني سيسي، لأن يقرع جرس الإنذار محذّراً من انهيار المعاهدة حال لم تف الحكومة السودانية بالتزاماتها المالية - 200 مليون دولار - لإنشاء بنك تنمية دارفور. السيسي نبّه كذلك من خلال تقرير قدّمه للبرلمان قبل أسبوعين إلى أنّ استلام أموال المانحين والمساهمة القطرية مرتبط بوفاء الحكومة بالتزامها المالي في إنشاء البنك، معتبراً أنّ المال يمثّل نجاح أو فشل الوثيقة. ولأنّ سيرة الرجل في الأوساط السياسية والدوائر الأممية تحكي عن شخصية (عملية)، فإنّ سيسي؛ الناقم على التباطؤ البائن في تنفيذ اتفاق يخصّه بالكامل لم يستسلم لهذه العقبات، بل مضى في الوجهة العمليّة التي يجيد التعاطي معها، ميمّماً وجهه تلقاء العاصمة القطرية، مناقشاً ومحاججاً حول تلك العقبة الكأداء الحائلة دونه وإنفاذ مشروع بنك تنمية دارفور بالإضافة لعدد من البنود الأخرى بالوثيقة. خلال زيارته للعاصمة القطرية التقى رئيس السلطة الإقليمية لولايات دارفور بعدد من المسؤولين بالحكومة القطرية، كما التقى أمس الأوّل (الجمعة) بأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وأطلعه على مراحل تنفيذ الاتفاق. في السياق أكد المتحدث باسم السلطة الإقليمية المهندس إبراهيم موسى مادبو دعم الحكومة القطرية لخطة الإنعاش المبكر لمشروع العودة الطوعية للنازحين واللاجئين الذي تبنته اللجنة القطرية رفيعة المستوى، وقال مادبو إن السيسي سيعود إلى الخرطوم اليوم بعد إنهاء زيارته التي استغرقت خمسة أيام، فيما أشاد مادبو بالمرسوم الجمهوري الذي أصدره رئيس الجمهورية بتشكيل اللجنة العليا لمتابعة سلام دارفور، وأوضح أن قرار الرئيس يؤكد رغبة الدولة في معالجة التحديات والمعوقات التي تعترض تحقيق السلام وتنفيذ كافة بنود الدوحة. الحكومة السودانية بدورها أكدت التزامها بدفع مساهمتها الواردة في الوثيقة وقالت إن الجهاز التنفيذي سيبر بتعهداته مع حركة التحرير والعدالة رغم ضيق الإمكانيات، وقلل وزير رئاسة الجمهورية؛ رئيس مكتب سلام دارفور، د. أمين حسن عمر من المخاوف التي أطلقها رئيس السلطة الإقليمية وتلويحاته بانهيار الاتفاق عازياً البطء في تنفيذ بعض بنود الوثيقة إلى الإجراءات المالية، مؤكّداً على أنّ ما خصّص للتنمية في دارفور موجود، وبأكثر من ال(200) مليون دولار التي طالب بها سيسي في بيانه أمام البرلمان. أمين استبعد سوء المنقلب بأن تؤول الوثيقة - الدوحة - إلى مصير سابقتها (اتفاقية أبوجا). في سياق حديثه ل(الأهرام اليوم) حول مستقبل سلام دارفور اعتبر الكاتب الصحفي عبد الله آدم خاطر أن أكبر العقبات في طريق العملية السلمية تتمثل في أن حزب المؤتمر الوطني لا يريد الاعتراف بالحقوق المتاحة لأهل دارفور من خلال الوثيقة، متّهماً إياه بالسعي لتجيير الاتفاق لصالح استمراريته في الحكم، كما ويقلل من اتفاقية الدوحة حتى يزهد فيها أهل دارفور. خاطر ألمح إلى أنّ ما سماها مماطلة (الوطني) في تنفيذ بنود الوثيقة يرمي من خلالها ألا يسجل نجاح الاتفاق والإنجازات التي حققها من تنمية واستقرار وغيرها لصالح السيسي وحركته، معتبراً أنّ القراءة العامة لموقف (الوطني) تجاه الوثيقة تبيّن أنّه يسير في اتجاه يختلف عن العملية السلمية. خاطر نبّه في ثنايا حديثه إلى أنّ مشاكل السودان يجب أن لا تحجب النظر عن قضية دارفور ومعالجتها، مشدداً على ضرورة التعامل الجاد مع الملف باعتباره المدخل الصحيح لمعالجة قضايا السودان الأخرى، قائلاً: إنّ المدخل لحل قضايا السودان هو إنجاز بنود وثيقة الدوحة لسلام دارفور بجدية أكبر واستكمال حلقات السلام مع الحركات الرافضة للوثيقة. وحول زيارة السيسي إلى الدوحة قال خاطر: السيسي يرى أنّه لابدّ أن ينجح في تنفيذ الاتفاق الذي وقّعه مع الحكومة، لذا فإنّه ماضٍ في استخدام كافة علاقاته الدولية والإقليمية، بغية توفير المناخ المناسب لحلّ الأزمة وتنفيذ بنود الاتفاق، إلا أنّ خاطر عاد وقال إنّ السيسي وحده لا يستطيع أن يفعل شيئاً، واستدرك: (يجب أن يُدرك المؤتمر أنّه الشريك الأقوى والأكبر لدفع عملية السلام في دارفور