السودان شهد 6 آلاف معركة.. و17 ألف مدني فقدوا حياتهم    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد يوسف أحمد المصطفى في حوار الرؤى المستقبلية مع (الأهرام اليوم) (3 - 3)


تصوير - أنس الطيب
الانفصال ورطة سياسية واقتصادية لحكومة الجنوب
في مكتبه المتواضع بجامعة الخرطوم جلسنا إليه؛ أستاذ علم الاجتماع بكلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بالجامعة، يصنّف طوال العقدين المنصرمين بالفاعلية السياسية، ويعد من قيادات الحركة الشعبية الشمالية. يعتبره الكثيرون صاحب رؤية عميقة في عملية تحليل طبيعة الصراع في السودان بحكم تخصصه الأكاديمي. (الأهرام اليوم) وضعت على طاولته غلّتها من أسئلة المراجعات؛ استنطقناه حول أزمة الحكم في السودان منذ الاستقلال وحتى الآن والمسببات الجذرية للنزاع. الدستور وانفصال الجنوب وأزمة الهوية محاور كانت حاضرةً في اللقاء. تطرقنا معه كذلك لمشروع السودان الجديد. استمع الدكتور محمد يوسف أحمد المصطفى لأسئلتنا بأدب وتواضع العلماء ورد عليها رد العارفين. أدناه حصيلة إفاداته.
} تحالف الجبهة الثورية السودانية الذي تم تأسيسه مؤخراً يسعى إلى تغيير الحكم عبر كل الطرق بما فيها العسكرية لإعادة بناء الدولة السودانية بأسس جديدة كيف تنظر إلى هذا التحالف؟
أولاً تغيير نظام الحكم مسألة مقبولة دستورياً وأي ناشط سياسي وأي حزب سياسي يعمل على تغيير الحكومة وأية حركة سياسية واحد من أجندتها تغيير الحكومة الموجودة كي تصل للسلطة، وتحالف الجبهة الثورية لم نستطع أن نمسك بأطرافه كظاهرة إلا في سياقه التاريخي الخاص به، وهو أصلاً كانت هناك حركات في تلك الهوامش والأطراف في البلد لديها قضايا معروفة ومعلنة والحكومة الموجودة في المركز تفاوضت مع تلك الحركات بل وقعت مع بعضها اتفاقيات مثل «حركة تحرير السودان بقيادة مناوي» والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو في جبال النوبة ومالك عقار في النيل الأزرق»، الحكومة وقعت معهم اتفاقيات فيها اعتراف بأن هناك مشاكل وتهميش ومظالم تاريخية، وفي الاتفاقيات التي تم توقيعها نصوص واضحة لحلول ولكن هل هذه الاتفاقيات تم تنفيذها؟ وإذا تم تنفيذها ما هو السبب الذي دفع هؤلاء للتمرد؟ وإذا لم يتم تنفيذ هذه الاتفاقيات ماذا ينتظر الآخرون، وهذا هو الأمر الذي يؤدي إلى الصراعات المسلحة وهذا ليس خيارهم، وهذا لاعتبار أن السياق التاريخي لتطور هذه الحركات جعل لديها الشيء الوحيد الذي تعرفه هو السلاح ولأنهم منذ عشرين عاماً يعملون في الساحة، والوسيلة الرئيسية للعمل السياسي لهم هو العمل المسلح، وهذه الحركات لا تحتاج لتفسير لاعتبار أن هذه الحركات أصلاً كانت مسلحة وكانت في صراع لفترات طويلة والحكومة وصلت معهم إلى اتفاق والاتفاق لم يتم تنفيذه ولم يوقف الصراع ولذلك تمردوا مرة أخرى وهذا التحالف من طبيعة الأشياء وهو تطور طبيعي في تقديري وأي شخص كان ينتظر تطورا خلاف هذا واهم ويمارس الغش على نفسه، والواقعية والصرامة العلمية تستدعي الانتباه للنتائج المدمرة للحرب.
} حسناً: كيف تنظر لمستقبل هذا التحالف؟
التحالف رفع سقف المطالب، بدلاً من تنفيذ الاتفاقيات على مستوى مناطقهم «النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور» وتحسين الاتفاقيات للتعامل مع هذه المناطق؛ رفعوا سقفهم ورفعوا شعار إسقاط النظام، وهذا تطور متوقع لطبيعة الصراع في السودان، ومعالجة هذا التطور المدمر لموارد البلد البشرية والمادية وهذا لا يشكل مخرجا للبلد ولم يؤد إلى حسم الصراع لصالح جهة من الجهات المتصارعة وهناك صعوبة في حسم الصراع سواء أكان من قبل التحالف أو الحكومة، والتحالف لا يمكن بسهولة أن يصل إلى تغيير الحكومة لوحده وكذلك الحكومة أو الدولة المركزية لا تستطيع أن تمسح هذا التحالف وتستأصل الحركات المتمردة وتكسر شوكتها أو تقتلعها نهائيا أو تطهر المناطق التي تسيطر عليها من الدنس كما يقال، وهذا جميعه لا يؤدي إلى انتصار في الصراع ولكن الحل أن يجلس الأطراف إلى تسوية تفاوضية واعتراف بمشاكل تلك الفصائل ويصلوا معهم إلى تسوية وعلى رأسها إعادة هيكلة الدولة لأن هذه الحركات لم تعد تثق في الدولة ويعتقدون أن هذه الدولة هي سبب مشاكل السودان الراهنة وكل الاتفاقيات التي وقعتها معهم لم تنفذها، ولذلك يجب الجلوس والتفاوض بغرض الوصول إلى حلول كل الأطراف فيها تكسب وليس حلولا بمعادلة صفرية وإعطاء كل ذي حق حقه.
} لكن في المقابل نجد أن الدولة ترفض الجلوس مع هذا التحالف بأية صيغة من صيغ التفاوض؟
وبالمقابل أيضا التحالف يقول إنه لا يريد التفاوض مع الحكومة وأنه تجاوز مرحلة التفاوض ويريد دك هذا النظام واقتلاعه من الجذور، وهذان موقفان متناقضان تناقضا تاما لكن هذا لا يمنع أن يبحث الطرفان في الحل والشيء الذي يمكن أن يتقابلا فيه هو البحث عن مصلحة البلد ومصلحة المهمشين وغير المهمشين في السودان أين؟ وبالمعطيات الحالية مطالب الطرفين المتصارعين ومواقفهما تبدو مستحيلة وبحاجة لزمن طويل لتحقيقها، ولكن بالرغم من التباعد في المواقف الحكمة ومصلحة السودان تقتضي أن يجلس الأطراف ويصلوا إلى تسوية متفاوض عليها، وعلى رأس هذه المشاكل التي يتفاوضون حولها ويصلون فيها لتسوية إعادة هيكلة الدولة التي تعتبر «مربط الفرس» وإذا تمت إعادة هيكلة في السودان الحركات المتمردة تثق في الدولة لاعتبار أنها أصبحت غير منحازة ضدهم أو متحاملة أو معادية لهم وإنما محايدة فقط تعمل وفقا لمصلحة السودان ويجب أن يذهب الجميع لأمهات القضايا التي تتمثل في إعادة هيكلة الدولة وهذا الأمر يحتاج لشجاعة من الجميع وبخلاف هذا لا تحل مشاكل السودان.
} كيف تقرأ ربيع الثورات العربية الذي اندلع في عدد من البلدان وأطاح بأنظمتها الحاكمة وهل يمكن أن يصل هذا الربيع العربي إلى السودان؟
نحن لا ننسخ من العرب، والربيع العربي قام تحت ثلاث قضايا ضاغطة جميعها متوفرة في السودان؛ «الدكتاتورية» حيث هناك فئة سياسية محددة عبارة عن لوبي ومجموعة من الأشخاص مستأثرين بجميع مفاتيح السلطة والثروة في البلد «الأمن والإعلام والبرلمان» والفساد في «تونس ومصر واليمن وسوريا وليبيا» كان سببا في هذه الثورات، والعطالة وسط الشباب، وهذه القضايا الثلاث مشتركة وتولد بعضها، إذا كانت هذه الأسباب تأتي بالربيع سواء أكان عربيا أو لاتينيا فهي في السودان موجودة والشعب السوداني يمتاز بوعي سياسي أكثر حساسية من هذه الشعوب لاعتبار أنه عندما ووجه بنفس هذه المشاكل أو أقل منها قام بأكتوبر والانتفاضة وحيوية الشعب السوداني لا تقاس بحيوية شعوب بلدان ثورات الربيع العربي جميعهم، والشعب السوداني تعود على التمرد على الحكومة بشكل مستمر ويمتاز بالمواجهة، وبهذا المعنى الربيع العربي يمكن أن يصل إلى السودان ويتم تغيير الحكومة ولا توجد حكومة «سرمدية» لكن هذا رهين بظروف كثيرة ومعقدة جدا، لكن ظروف ثورات الربيع العربي موجودة في السودان وبنفس المستوى في تلك البلدان ولكن هذا لا يمنع انفلات الشعب والوصول إلى ما أراده، والشعب إذا أراد أن يغير الحكومة سوف يغيرها.
} حسناً: لكن السودان به انقسام سياسي حاد وانتشار كبير للسلاح في حالة اندلاع الثورة فيه حتما ستكون دموية ما المطلوب لتجنب الثورة الدموية في السودان؟
الشعب السوداني لديه حكمة وتجربة ووعي سياسي، وهذا واحد من الاعتبارات التي جعلته بالرغم من توافر الشروط أن يكون مترددا ويحسب حسابه بميزان «الذهب» أن انتشار السلاح والاستقطاب والغبائن الكثيرة الموجودة بين الناس جعلته يبحث عن صيغة تضمن أن لا يخسر الشعب فوق ما خسر من «دماء ومزيد من التمزيق للنسيج الاجتماعي ومزيد من التمزيق للوطن» ويمكن أن يكون هذا أحد الأسباب، وملاحظتك صحيحة وأنا أتفق معك أن هناك انتشارا للأسلحة واستقطابا وفي حال اندلاع الثورة يمكن أن تحدث مشاكل، والنتيجة التي تنبأت بها من دماء وصراع مسلح يمكن أن تحدث ولكن أنا أراهن على حكمة الشعب السوداني.
} هل هناك ضرورة تاريخية لسودان جديد ينهض على أنقاض السودان القديم بعد انفصال الجنوب؟
طبعا انفصال الجنوب عمق قناعاتي بأهميته وضرورته، وبلد متعدد مثل السودان ومتفاوتة فيه مستويات التنمية يستحيل يحكم بنفس صيغة السودان القديم ولا بد من إعادة ترتيبه والاعتراف بالتعدد والتفاوت والتهميش الموجود، والسودان القديم فيه تفاوت وليست فيه ديمقراطية ومساواة وكل الذي نريده أن لا يستمر هذا الوضع، ولذلك ندعو لإعادة ترتيب السودان بطريقة جديدة وهذا هو السودان الجديد الذي يعترف بالتعدد والمساواة والديمقراطية التي تظلل تفاعلاتهم وعدم فرض الرأي على الآخرين وأن تكون هناك حريات كاملة وتسامح من ناحية اجتماعية وكل يسامح الآخر وهذا هو السودان الجديد الذي ندعو له.
} حسناً: لكن مشروع السودان الجديد الذي ظلت تدعو له القوى الجديدة في نهاية المطاف أدى إلى انفصال الجنوب كيف لهذا المشروع أن يصلح ويستمر في الشمال؟
ليس مشروع السودان الجديد هو الذي أدى إلى انفصال الجنوب وإنما خيانة مشروع السودان الجديد هي التي أدت إلى انفصال الجنوب، المشروع الانفصالي الجهوي الانعزالي كان نقيضا لمشروع السودان الجديد وهذه المسألة معروفة وموثقة، والحركة الشعبية بقيادة الدكتور جون قرنق خاضت فيها معارك مع الانفصاليين والانعزاليين ماتوا فيها ناس أكثر من الناس الذين ماتوا في المواجهات مع جيش الحكومة لكنها في كل الأحوال نظرة السودان الجديد تتجاوز السودان لأفريقيا ولدينا قناعات بذلك أن الواقع المتخلف في أفريقيا لن يتم تجاوزه بالقطاعي، وشروط الوجود الدولي والاقتصاد العالمي لم تسمح وتيسر لبلد أفريقي واحد أن ينهض وينمو ويصبح بلدا كبيرا إلا أن يسلم أمره بالكامل للاحتكارات العالمية مثل «ماليزيا والنمور الآسيوية» ويمكن لأفريقيا أن تحدث تنمية في حالة وحدتها، والسودان نموذج مصغر لأفريقيا ووحدته تمثل دليلا عمليا على وحدة القارة الأفريقية وشعبها.
} من هم الأشخاص الذين اختطفوا الحركة الشعبية؟
الأشخاص الذين سطوا على الحركة الشعبية واختطفوها وأمسكوا الأمر في الجنوب هم ما تسمى بقيادة الحركة الشعبية الحالية وهؤلاء خانوا بصورة مفتوحة ومكشوفة تصور مشروع السودان الجديد واختاروا الانعزال، والحركة الشعبية تاريخها مرتبط بالنضال الشرس والقوى ضد الانعزالية وضد الانفصال والدليل على ذلك المعارك التي تمت بين الوحدويين والانفصاليين والموت الذي تم بسبب ذلك الصراع، والذي تم هو خيانة.. وأضمروا في مؤتمر الحركة الشعبية في عام 2008م القرار كان أن تعمل الحركة على تحقيق السودان الجديد الموحد والقرار كان بالإجماع وبعد عامين تم التراجع دون الرجوع إلى مؤسسات الحركة وبح صوتنا في هذا الأمر، ولم يعقد اجتماع مجلس التحرير الثوري وتم رفض مناقشة الأمر، والانفصال ليس من مصلحة الجنوبيين رغم أنني احترمته لكنني لم أقبله وسأناضل ضده إلى أن يتوفاني رب العالمين.
} كيف تنظر إلى مستقبل الحركة الشعبية في دولة السودان الشمالي؟
الحركة الشعبية في السودان مثلها مثل أية حركة سياسية وهي ليست رغبة أو مزاج لياسر عرمان وليست أحلاما لعبد العزيز الحلو أن تكون هناك حركة شعبية وهذه الوقائع في أي كيان اجتماعي لا تتم بالرغبات والمزاج بل هناك ضرورة موضوعية لوجود حركة شعبية في حالة رفضها أو قبولها لأنها تعبر عن شرائح في المجتمع السوداني لذلك هناك ضرورة لها سواء أكانت سرية أو علنية أو مسلحة أو غيرها ستكون هناك حركة، وهي مسألة مرتبطة بالاحتياج الموضوعي التاريخي عند الشعب السوداني الذي فيه شرائح تريد حركة شعبية وستكون هناك حركة.
} هل لا زلت عضوا في الحركة الشعبية؟
طبعا.... حأكون شنو يعني مؤتمر وطني؟!
} هناك حديث عن تجميد نشاطك في الحركة؟
- في أي كيان سياسي الأعضاء ينبغي أن تكون لهم آراء في كل ما يقوم به حزبهم، إن كانت هناك مؤسسات موجودة وفعالة كنت سأقول جميع آرائي المختلفة في داخل المؤسسات، ونحن بح صوتنا في انعقاد اجتماع مجلس التحرير الذي كنت عضوا فيه ولم ينعقد ولا توجد مؤسسات حركة شعبية وخاصة بعد الانفصال وبعد انفجار المواجهات المسلحة في «جبال النوبة وفي النيل الأزرق» أصبحت لا توجد مؤسسات وتم إغلاق الدور وكوادرهم هاجروا وأصبحت لا توجد مؤسسات ولذلك أنا لا أصمت تجاه هذه التصرفات وسأقول الرأي الذي أعتقد أنه صحيح وحتى ولو يختلف مع رفاقي في الحركة، ولا توجد مؤسسات لحركة حتى أجمد نشاطي منها وإذا كانت هناك مؤسسات سأكون عضوا فيها وأمارس نشاطي لكن لا توجد مؤسسات لتطورات الوضع السياسي الحالي، لكن أنا حركة شعبية ولم أتصور نفسي أن أكون غير حركة شعبية لأن الحركة الشعبية هي الجهة الوحيدة الموجودة على الساحة جادة في الدفاع عن رؤيتها التي تعتقد أنها صحيحة وهي السودان الجديد.
} كيف تقرأ الواقع في دولة جنوب السودان الوليدة؟
- فيه مشاكل كثيرة جداً، والانفصال هو ورطة ومأزق سياسي واقتصادي واجتماعي لحكومة الجنوب، وأضيفت عليها المشاكل الأمنية والقبلية والجهوية، وهناك مشاكل الصراع السياسي بداخلهم الذي فتح الطريق للفساد في دولة الجنوب وأصبحوا بدون مشروع بعد تخليهم عن مشروع السودان الجديد، وأصبح مشروعهم مشروع سلطة، وفتح مجالا للفساد وهذا مأزق، والفساد منع حكومة الجنوب في أنها تحدث خدمات للمواطن، وما قامت به حكومة الجنوب في مجال التطور والتقدم في إنشاء ونشر الخدمات الأساسية من رعاية صحية أولية والتعليم والطرق وفرص العمالة وإنتاج الغذاء (صفر كبير) مقارنة بالموارد التي قضى عليها الفساد، وحكومة الجنوب في مأزق من الانفصال ومشاكل الصراعات الداخلية والفساد وعدم الخدمات والعلاقة مع الشعب.
} ما هي دوافع الاعتداء على (هجليج)؟
- أنا لا أعرف الأسباب والدوافع، وليست لديّ صداقة مع الأشخاص الذين خانوا مشروع السودان الجديد. هناك مبرّرات يقولها الجنوبيون، لكن هذا يمكن حلّه عن طريق التفاوض وليس بالقوّة، وأيّة محاولة لحلّ أيّة قضيّة حُدود بالقوّة محاولة خاسرة. يجب الجلوس والتفاوض حتى وإن طال الزمن، وهو طريق أرخص وأضمن، والحدود تحتمل الخطأ. اعتداء الجنوب على هجليج خطأ لأنّه ليس الطريق لتسوية النزاعات الحدودية، وهذا أضاف الزيت على نار الكراهية المشتعلة بين الشمال والجنوب، ولا يوجد منطق وحكمة من الاعتداء، وهو ليس من مصلحة شعب الجنوب والشعب السوداني، وبهذا المعنى أرى أن ما قامت به حكومة الجنوب في (هجليج) ليس من الحكمة في شيء.
} ما هو المطلوب لحل القضايا العالقة وإنهاء حالة التوتر؟
- لا بديل للتفاوض إلا التفاوض، ويجب أن نصبر عليه مهما يكون. لا داعي للاستعجال في حلّ القضايا بين الدولتين، وجميع القضايا الخلافية بعد الانفصال يجب أن يكون حلها - حتى وإن تغيرت حكومة الخرطوم - عبر التفاوض. أنا أؤيد قرار مجلس الأمن الذي دعا للتفاوض بين البلدين، ونحن بحاجة إلى حل مشكلة (13) مليون شمالي وجنوبي موجودين في مناطق التماس بين البلدين يريدون أن يعيشوا حياتهم بكرامة وبدون مصاعب. التحدي هو في بناء البلد بأقل الخسائر واستخدام الموارد وفتح الطريق للأجيال الجديدة بعد أن تمّت مصادرة أحلامهم المشروعة في المستقبل بالحروب والصغائر التي يقوم بها السياسيون.
حكومة جوبا في مأزق من الانفصال ومشاكل الصراعات الداخلية والفساد وعدم الخدمات والعلاقة مع الشعب..
{ دكتور محمد يوسف يتحدث للزميل عبدالرحمن العاجب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.