* أتاحت لنا جمعية «الإصلاح والمواساة»، فرصة أن أجلس إلى مؤسسها الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري ظهيرة أمس الأول بمدرسة الصحافة القرآنية بمدينة جبرة، لبعض الوقت. والشيخ الكاروري يعتبر «صيداً ثميناً» من الناحية الصحافية المهنية في هذه المواسم تحديداً. * فغير «الثورات العربية الإسلامية» التي تتسورنا من بعض الجهات، وتتوعدنا بها «بعض المعارضات»، فعلى المستوى الداخلي نعيش مواسم «ارتباك الحركة الإسلامية» وجدل الدجاجة أولاً أم البيضة؟!. أعني متاهة «الحزب والحركة والدولة». * متاهة أتاحت لنا إعادة إنتاج تلك (الحدوتة)، إذا كان لديك خروف ومرفعين «وقش» ومركب تسع اثنين فقط، إذ لا يمكن حمل المرفعين والخروف لأن المرفعين سيأكل الخروف. وحمل القش والخروف لأنه سيأكله! ومركب الإنقاذ لا تسعهم الثلاثة،«المرفعين والخروف والقش». * وبعضنا يفسر الأمور على أن الحكومة هي«الخروف» والحزب هو المرفعين، لتبقى الحركة هي القش، في هذه المعادلة، على أن نضحي «بالقش» ثم نذهب لنشدد الحراسة بين المرفعين والخروف، حتى لا تأكل الحكومة الحزب، أو قل لا يأكل الحزب الحكومة. لا أدري من سيأكل من؟! لكن الذي أدريه أن الحركة ستذهب قرباناً! * بدا الشيخ الكاروري في تلك الظهيرة منشرح الصدر. كيف لا وهو الآن يجني ثمار ما غرسه منذ عقدين من الزمان. فالمدرسة وحدها، الصحافة القرآنية مكان الاحتفال، تضم بين فصولها ألفا وسبعمائة طالب، وهنالك مدارس أخرى كما عددها لي بولاية الخرطوم تديرها جمعيته، (جمعية الاصلاح والمواساة)، هي مدارس «الرخاء أم بدة»، وزيد بن ثابت بالصحافة، ومدارس بشمبات والكلاكلة والجريف والرياض والشجرة.. * لهذا رغب الشيخ الكاروري أن نبقى في هذا الحدث، المدرسة القرآنية ومسيرة تجربتها خلال عقدين من الإنقاذ، على أن الوقت هنا يسمح لهذا الحدث، والمكان والاحتفال والحضور يفرض إيقاعه، المدرسة القرآنية ولا شيء غيرها اليوم.. يقول الشيخ الكاروري، صاحب أطروحة المدرسة القرآنية، إننا لم نفعل شيئاً سوى أننا أعدنا بهذه الأطروحة الأمور إلى طبيعتها، إذ أن الخلوة في السودان كانت هي المدرسة الأولى، حتى جاء مستر أجسكن باشا عام 1952م وأسس «بخت الرضا»، مدرسة طه القرشي في المستشفى»، ومنهج «حليمة بائعة اللبن» «ومحمود الكذاب»، تلك الأطروحة التي جعلت «الدين» ثالثاً بعد الرياضيات والعربي. والمولى عزَّ وجلَّ هو الذي رتَّب أوليات مواد الأمة المسلمة، وذلك في قوله تعالى «الرَّحْمَنُ . عَلَّمَ الْقُرْآَنَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ . عَلَّمَهُ الْبَيَانَ . الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ»، إذ أن التربية الدينية أولاً ثم العربي والحساب. * يقول الرجل بتواضع مهيب وأدب، يجب ألا تصبح مثل صاحب الجنة الفلاح. «ودخل جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا». يجب أن نديم هذه النعمة بالتواضع والشكر لله رب العالمين. أنه يوم شكر، ويوم وفاء لمدينة الصحافة التي حملت الشيخ الكاروري يوماً إلى البرلمان بسند عشرة آلاف صوت. * فلكي نواكب متطلبات العصر، أتينا بمواءمة بين الخلوة والمدرسة، يقول الشيخ الكاروري والآن أبشرك أننا قد توصلنا إلى إنتاجQURAN BEN قلم القرآن، وهو أطروحة سودانية نفذها الصينيون، تعتمد على دواية الخلاوى، وبهذا القلم تتجاوز المدرسة القرآنية أشهر عقباتها إذ أن أمهات الطلاب كن يشتكين من حبر الدواية القديمة التي تجعل ملابس التلاميذ تلبس لمرة واحدة. * يذكر الشيخ بأن هذه الأطروحة أصبحت واقعاً وقد اعتمدتها وزارة التربية والتعليم وجعلت لها أداة قرآنية، إذ أنها تسير جنباً إلى جنب مع المدرسة التقليدية، غير أن المستقبل لهذا الدين .. أعني لهذا النوع من المدارس. وليس أدل على ذلك من أن مدارس الإصلاح قد فتحت التسجيل للعام المرتقب لمدة يوم واحد، والآن لا توجد فرصة شاغرة في أي من مدارسها، لدرجة أن السيد نمر معتمد الخرطوم الذي شرف هذا الحفل، قد قال من فوق منصة الاحتفال بأنه يتشفع بشيخ الكاروري لكي يقبل ولده بمدرسة الرياض القرآنية. طلب على الهواء!. * قلت للشيخ هل تفكر في أن تنسحب كجمعية إصلاح من هذا الضرب بعد أن ملكت المنهج لوزارة التربية؟، قال لا بد أن تضع جمعيته يدها على بعض «المدارس الأنموذج»، حتى تحافظ على «جودة الفكرة وتجويدها»، سيما وأن هنالك مدارس خاصة عديدة ترفع لافتة القرآنية وما هي بقرآنية. * ليس هذا كل ما هناك.. فهذا ما سمحت به المساحة وأرجو أن نعود للشيخ ومدرسته وجمعيته. فسلام عليك أخي عبد الجليل في اللاحقين المجتهدين، والحمد لله رب العالمين